مقال خاص من المدير الطبي لأسترازينيكا الشرق الأوسط للعين الإخبارية
ثمة قاتل صامت يعيش بيننا ويصيب 850 مليون شخص في مختلف البلدان، ويعد سببا رئيسيا للوفاة في العالم.. إنه مرض الكُلى المزمن.
وعلى الرغم من أعراضه المميتة وانتشاره المتزايد في هذه المنطقة من العالم، فإن انخفاض وعي السكان يعني أنه غالبا لا يُكتشف ولا يُعالَج دون اتباع سياسات صحية عامة مناسبة لمواجهة انتشاره السريع.
ويقدم اليوم العالمي للكُلى -9 مارس/آذار من كل عام- فرصة لكشف هذا القاتل الصامت وتعزيز جهود مكافحته.
فوفقا لدراسة علمية حديثة، زادت حالات أمراض الكُلى المزمنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 70% في العقود الثلاثة الماضية -أعلى بكثير من أي منطقة أخرى في العالم- وربما ليس مستغربا أن يحدد خبراء في صحة الكُلى من مختلف بلدان هذه المنطقة، عندما اجتمعوا العام الماضي، ثغراتٍ كبيرةً في الرعاية المقدمة لهؤلاء المرضى.. إذ أكدوا في دراسة بحثية، ستُنشر هذا الشهر، ضرورة اتخاذ خطوات جديدة لوقف انتشار المرض، مشدّدين على ضرورة التدخل المبكر.
لا يوجد علاج لأمراض الكُلى المزمنة، والعلاجات التي تصبح ضرورية في المراحل الأخيرة من المرض، كغسل الكُلى والزرع، تتطلب تدخلا جراحيا، وهي مكلفة جدًّا، ما يضع عبئا ماليا كبيرا على المجتمعات والأنظمة الصحية.
وقد فاقمت جائحة كوفيد-19 هذا التحدي، حيث كانت هذه الأمراض أحد أكثر عوامل الخطر انتشارا في إصاباته الشديدة.. لذا يجب أن تتحد الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومقدمو الرعاية الصحية والقطاع الخاص لإنهاء الإهمال، مع التركيز على الوقاية والكشف المبكر والتعليم.. إذ يمكن تلخيص الجهود المطلوبة لمكافحة أمراض الكلى بالآتي:
أولا، يمكن لجهود إدارة وتشخيص وعلاج الأسباب الكامنة أن توقف تطور أمراض الكُلى المزمنة.
وتعد السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم من العوامل الرئيسة المسببة لأمراض الكُلى، والتي بدورها ازدادت انتشارا بشكل كبير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقود الأخيرة.
يُشار إلى أن زيادة الدعم مع تبني نهج متكامل في رعاية المرضى المصابين بهذه الأمراض لن يؤدي إلى تحسين النتائج الصحية العامة فحسب، بل سيساعد في تجنب الإصابة بأمراض الكُلى المزمنة، ويساعد البلدان في بناء أنظمة صحية مستدامة وأكثر قوة ومرونة. وعليه، فالوقاية دائماً أفضل، وأكثر جدوى اقتصادية، من العلاج.
وهذا النهج الشامل لإدارة أمراض الكُلى المزمنة وعوامل الخطر الخاصة بها هو أحد الدوافع وراء تحالف CaReMe العالمي، الذي يسعى إلى تحسين النتائج وزيادة المردود عبر الرعاية المتكاملة للسكري وأمراض القلب وأمراض الكُلى.
وقد باتت مدينة فاروق الطبية في العراق مؤخرا أول مستشفى في المنطقة ينضم إلى هذا التحالف، ممهدة الطريق لبناء مراكز تميز أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ثانيا، يتيح الكشف المبكر لأمراض الكُلى المزمنة للمرضى مواصلة عيش حياة مديدة وصحية.
ولتحقيق ذلك، على واضعي السياسات اعتبار الفحص الدوري أولوية لأمراض الكُلى المزمنة بين الفئات المعرضة للخطر، الأمر الذي يمكن تحقيقه بفضل الاختبارات السريعة وغير المكلفة المتوفرة للكشف المبكر.
إن التقدم في التكنولوجيا الطبية في السنوات العشر الماضية، كالمؤشرات الحيوية والتصوير المتقدم واستخدام الذكاء الاصطناعي، يجعل اكتشاف أمراض الكُلى المزمنة أسهل من أي وقت مضى، لكن هذه الابتكارات لا تزال غير متوفرة على نطاق واسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعمل شركة أسترازينيكا مع الحكومات ومقدمي الخدمات الصحية في المنطقة لتعزيز قدرات وإمكانيات التشخيص المبكر، كإعداد برنامج يُعرف باسم SEARCH لتحسين الكشف المبكر للمرضى المعرضين للخطر.
وقد أتاح البرنامج فحص قرابة 500000 مريض حتى الآن، واستهدف تحديدا من يعانون بالأصل من مشكلات صحية، مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب والأوعية الدموية، التي بمجملها تزيد مخاطر تعرضهم للإصابة بأمراض الكُلى المزمنة.
أخيرا، يعد التعليم ضروريا لتزويد العاملين في المجال الصحي والمرضى بالمعلومات والمهارات والثقة للعيش والسيطرة على هذا المرض.
لذا ينبغي أن يتمكن المرضى من فهم المخاطر التي تهددهم بناء على الأمراض الموجودة لديهم، وفهم أسباب الإصابة المبكرة بأمراض الكُلى المزمنة وخيارات العلاج المتاحة لهم لتحسين تشخيصهم.
كما يساعد دعم الأقران في بناء الثقة بشأن التغييرات الصحية في نمط الحياة، والتمارين الرياضية، والتزام العلاج.. كما أن الأدوات البسيطة، مثل اختبار "هل كليَتاك بصحة جيدة؟" على موقع الجمعية الدولية لأمراض الكُلى، يمكن أن تساعد في بدء محادثة قد تكون كافية لإنقاذ الحياة.
اليوم العالمي للكُلى فرصة لتسليط الضوء على أمراض الكُلى المزمنة والمساعدة في إيقاف هذا القاتل الصامت في مهده.. فعبر الوقاية والكشف المبكر والتعليم نستطيع العمل للحد من العبء الهائل لهذا المرض على أسرنا ومجتمعاتنا، وإنشاء نظم أكثر صحة واستدامة في منطقتنا والعالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة