«الصحة العالمية»: «تسونامي صامت» يقتل 431 ألفاً في شرق المتوسط
تحذير من تنامي مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية
"نادرًا ما يتم تسجيل الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية على أنها سبب من أسباب الوفاة"، لهذا السبب فإن منظمة الصحة العالمية تصفها بـ"التسونامي الصامت"، الذي يهدد التقدم الذي شهدته النظم الصحية على مدار الخمسين عاماً الماضية.
وقال أحمد المنظري، مدير إقليم شرق المتوسط بالمنظمة، في مؤتمر صحفي عن بعد، اليوم الأربعاء، بمناسبة بداية الأسبوع العالمي للتوعية ضد أخطار الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، إنه "على مدار الأعوام الخمسين الماضية، شهدت النُّظُم الصحية في إقليم شرق المتوسط تحولًا إيجابياً، أدى لانخفاض وفيات الأطفال إلى أكثر من النصف، حيث كان معدل وفيات الأطفال الأقل من 5 سنوات 99 وفاة لكل 1000 في عام 1990، ووصل ذلك المعدل إلى 45 وفاة لكل 1000 في عام 2021، ولكن هذه المكاسب مُعرَّضة للخطر، بسبب تناقض فعالية الأدوية في مكافحة المِكروبات المُسببة للعدوى".
وأوضح أنه "بالرغم من أن مقاومة الميكروبات للمضادات توصف بأنها ( تسونامي صامت)، إلا أن لدينا تقديرات موثوق بها لهذه المشكلة، حيث تشير تلك التقديرات إلى أن إقليم شرق المتوسط في عام 2019 شهد 431 ألف حالة وفاة ناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية من ضمن وفيات إنتان الدم، وأن 115 ألف حالة منها تُعزى مباشرةً إلى المقاومة الجرثومية".
وأضاف أن البيانات التي جُمعت من خلال نظام المنظمة للترصُّد العالمي لمقاومة مضادات الميكروبات واستخدامها، تشير إلى أن مستويات المقاومة في شتى أنحاء إقليم شرق المتوسط أعلى منها في أي إقليم آخر من أقاليم المنظمة أو أعلى من المتوسط العالمي، ولدينا تفسيرٌ لهذه النتيجة المؤسفة، وهو أن استخدامنا للمضادات الحيوية يُعتبَر الأعلى، ويزداد بسرعة أكبر، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
ورغم هذه السلبيات، إلا أن المنظري التقط نقطة مضيئة، تتمثل في أن هناك التزامًا سياسيًّا متزايدًا بالتصدي لهذا التهديد، وقال: "في عام 2022، وقَّعت الدول الأعضاء على بيان مسقط في المؤتمر الوزاري العالمي الثالث الرفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات الذي عُقد في عُمان، وينطوي هذا البيان على الالتزام بالحد من استخدام المضادات الحيوية في إنتاج الغذاء وضمان استخدامها على النحو الملائم في مجال صحة الإنسان، ونتطلع إلى مزيد من المناقشات الرفيعة المستوى في عام 2024، في كلٍّ من الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤتمر الوزاري العالمي الرابع الرفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في المملكة العربية السعودية".
وأشار المدير الإقليمي إلى الدعم الذي قدمته المنظمةُ إلى البلدان لإرساء الأساس اللازم للبرامج الساعية إلى مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وتعزيز الوقاية من العدوى ومكافحتها، وفي إطار هذا النظام، يُبلِغ الآن 19 بلدًا منظمةَ الصحة العالمية ببيانات الترصُّد الخاصة بمقاومة مضادات الميكروبات به.
الوقاية خير من العلاج
ودعا إلى التوسع في العمل على نطاق أكبر من خلال الوقاية من العدوى وتشخيصها والتدبير العلاجي لها، وقال إن الوقاية من العدوى تجعلنا نقلل الحاجة إلى المضادات الحيوية، وتمنح العاملين الصحيين الثقة، لكي لا يسرفوا في وصف المضادات الحيوية، كما أن تحسين التشخيص يجعلنا نتفادى الاستخدام العشوائي للمضادات الميكروبات.
وشدد على أن خطر مقاومة مضادات الميكروبات لا يقتصر على البشر، مؤكدا أهمية العمل الجماعي لمكافحة ظهور مقاومة مضادات الميكروبات وانتشارها بين الحيوانات وفي قطاع الإنتاج الغذائي، مشيرا إلى أن "هذا النهج الذي يشمل قطاعات صحة الإنسان وصحة الحيوان والزراعة والبيئة يُسمى (نهج الصحة الواحدة)".
ولم ينس المدير الإقليمي الربط بين مشكلة العدوى واستخدام المضادات الحيوية، والحرب الدائرة في قطاع غزة، واختتم قائلا: "بينما نحن نتحدث الآن، فإن قلوبنا ووجداننا مع جميع المتضررين من الطوارئ المُعقَّدة في شتى أنحاء الإقليم، ولا سيما الصراع المتصاعد في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا بد من التركيز على العلاج المُنقذ للأرواح والمساعدة الإنسانية، ولكن علينا ألا ننسى أنه في الصراعات التي وقعت على مر التاريخ، قتلت حالات العدوى أشخاصًا أكثر ممَّن قتلتهم الرضوح المباشرة، ولذلك، يجب علينا أن نبني في برامجنا نُظُمًا فعالة للوقاية من العدوى وتشخيصها وعلاجها في البيئات الهشة والضعيفة والمتضررة من النزاعات".
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز