سطر واحد يلخص حركة مئات الشركات.. كيف تقرأ المؤشرات المالية؟

تحولت المؤشرات المالية إلى لغة مشتركة بين المستثمرين وصناع القرار ووسائل الإعلام لقراءة نبض الاقتصاد فالمؤشر ليس رقمًا معزولًا بل نتيجة ملخص لحركة عشرات أو مئات الشركات في سطر واحد.
ظهر أول مؤشر للأسهم في يوليو/تموز 1884 على يد تشارلز داو لقياس أداء أسهم النقل في الولايات المتحدة ويسهل مقارنة اليوم بالأمس وسوق بآخر وقطاع بغيره.
في هذا التقرير تجد كل ما يلزمك لفهم مؤشرات البورصة بداية من التعريف وصولا إلى كيفية قراءته وأخيرا خريطة لأهم المؤشرات عالميًا وخليجيًا.
ما هو المؤشر وما الذي يقيسه؟
المؤشر ببساطة أداة مرجعية من الأوراق المالية عادة أسهم وأحيانا سندات أو أدوات أخرى تختار وفق قواعد معلنة ثم يتتبع متوسط أدائها وارتفاع المؤشر لا يعني أن كل أسهمه صعدت بل يكفي أن ترتفع الأسهم صاحبة الوزن الأكبر ليصعد هو معها لذلك ينظر إلى المؤشرات باعتبارها مقياسًا لحالة السوق أكثر من كونها توصية استثمارية بذاتها.
مديرو الصناديق يقيسون به كفاءتهم فيعتمدون على قياس المؤشر صعودا وهبوطا وكذلك حركة محافظهم المالية والاقتصاديون يقرأون من خلال المؤشرات دورة الأعمال والبنوك المركزية تراقب استجابة الأسواق لقرارات الفائدة.
كيف يُبنى المؤشر؟ من يختار الشركات وكيف توزن؟
كل مؤشر يبدأ بمنهجية تمثل وثيقة تحدد من يدخل ومن يخرج؟ ومتى وكيف؟ ويحسب الوزن النسبي لكل شركة بعض المؤشرات واسعة تغطي أقساما كبيرة من السوق فتشترط حدًا أدنى من القيمة السوقية والسيولة وبعضها انتقائي تديره لجنة متخصصة تختار الشركات يدويًا مثل إس آند بي 500 وهناك مؤشرات قطاعية تركز على التكنولوجيا أو الرعاية الصحية وغيرها من القطاعات.
كيف توزع الأوزان النسبية للشركات ضمن المؤشرات؟
بالقيمة السوقية المعدلة بالأسهم الحرة كلما كبرت الشركة ارتفع وزنها مع استبعاد الحصص غير المتاحة للتداول العام، هذه الطريقة هي الغالبة في المؤشرات الحديثة مثل إس آند بي 500 وفوتسي 100، أو بالسعر فيتبع سعر السهم لا حجم الشركة كما في داو جونز الصناعي ونيكاي 225، سهم مرتفع فتحرك السعر قد يؤثر في المؤشر أكثر من كون الشركة عملاقة .
- «لابوبو» تضع «وانغ نينغ» بقائمة أغنى 10 أشخاص في الصين
- مؤتمر طوكيو للتنمية بأفريقيا.. اليابان تزاحم الصين في القارة السمراء
أيضا أحيانا وفق قواعد بعض المؤشرات توزع الأوزان النسبية بالتساوي، بمعنى أن كل شركة تأخذ وزنا متماثلا، ما يخفف هيمنة العمالقة ويزيد حساسية المؤشر لأداء الشركات المتوسطة والصغيرة، وهناك طرق أخري وفقا لأبحاث متخصصة صادرة عن جامعة القاهرة المصرية فتقاس الأوزان النسبية لبعض الشركات في المؤشرات المالية بعوامل بديلة مثل الإيرادات أو الجودة أو القيمة، وهي مؤشرات ذكية تصمم لأغراض تحليلية أو استثمارية محددة.
ووفقا للدراسة فإن هناك مؤشرات تعتمد على تفصيلة محاسبية مهمة، فهناك مؤشر سعر يقيس تغير الأسعار فقط ومؤشر عائد إجمالي يعيد استثمار التوزيعات النقدية داخل المؤشر المقارنات التاريخية المنضبطة يجب أن تتم على النوع نفسه.
كيف نقرأ حركة المؤشر؟
الأرقام بالنقاط مغرية، لكنها خادعة، إذا عزلت عن السياق صعود داو 200 نقطة يبدو مدهش لكنه إذا كان عند 35 ألف نقطة فالأمر لا يتجاوز نحو 0.6% أما على مستوى 10 آلاف فالنسبة أكبر بكثير كذلك قد يصعد المؤشر بينما تهبط غالبية مكوناته من الأسهم إذا قفزت أسهم ثقيلة الوزن بما يكفي ولأن المؤشرات تختلف في تركيزها فناسداك 100 مثلا ييتحرك بشكل أكبر مع تحرك لأسهم التكنولوجيا مقارنة بمؤشر واسع مثل إس آند بي 500.
ما الذي يحرك المؤشرات؟
يحرك المؤشرات 3 كتل رئيسية أولها الأرباح والنمو ومفاجآت النتائج وتغير هوامش الربحية وتوقعات الإدارة أحيانا تغير ميزان التوقعات لصالح الشركات القائدة فيتحرك المؤشر بناء عليها .
يأتي في الجزء الثاني السياسة النقدية رفع الفائدة يضغط تقييمات بعض الأسهم ذات الحساسية للتسعير المستقبلي للتدفقات النقدية بينما التيسير النقدي يفعل العكس، أما العنصر الثالث المؤثر في حركة المؤشرات يتمثل في العوامل الخارجية وهي المخاطر الجيوسياسية وسلاسل الإمداد والعملة والتوترات إقليمية أو عقوبات أو اختناقات توريد تغير حركة رؤوس الأموال وللمستثمر الدولي حركة سعر الصرف تضيف أو تخصم من العائد المحقق على المؤشر الأجنبي.
كيف تستخدم المؤشرات؟
يعتمد الاستفادة من المؤشرات وحركتها على مسارات أساسية تتمثل في أنه بعض الأحيان تصدر الشركات صناديق استثمار في المؤشرات التي تنسخ حركة المؤشر كورقة مالية بتكاليف إدارة منخفضة أو سيولة مرتفعة، فيما يأتي المسار الثاني لاستخدام المؤشرات في التحوط والمضاربة على المؤشرات بهدف تقليل تقلبات المحفظة المالية فيما يكون الاستخدام الثالث للمؤشرات في القياس والمقارنة وتحديد مرجع مناسب لاستراتيجيات المحافظ المالية ومعدلات النمو في المؤشر و المحفظة وكذلك تحديد مدى الانحراف عن المؤشر .
دليل مختصر لأبرز المؤشرات العالمية
الولايات المتحدة
إس آند بي 500 هو المرآة الأشمل للاقتصاد المدرج في وول ستريت حوالي 500 شركة تختار عبر لجنة وتوزن بالقيمة السوقية الحرة ما يجعله معيارا عالميًا للمقارنة داو جونز الصناعي أقدم وأكثر حضورًا إعلاميًا يضم 30 شركة قيادية ويحسب بطريقة الوزن السعري باستخدام قاسم داو لمواءمة التغييرات التاريخية ناسداك 100 بدوره يلتقط نبض الابتكار الأمريكي 100 شركة غير مالية يغلب عليها التكنولوجيا والاتصالات والسلع الاستهلاكية سريعة النمو.
أوروبا
في لندن فوتسي 100 يجمع أكبر 100 شركة مدرجة في البورصة البريطانية بأوزان حرة وغالبًا ما يتأثر بأسعار السلع بسبب ثقل شركات الطاقة والتعدين في القارة يورو ستوكس 50 يقدم خلاصة قادة منطقة اليورو عبر 8 بلدان مفيد لقراءة اتجاهات أوروبا الأساسية ومقارنة قطاعاتها أما داكس الألماني فقد توسع من 30 إلى 40 شركة ويعد المقياس الرئيس لعملاق الصناعة الأوروبية.
آسيا
نيكاي 225 في طوكيو مؤشر سعري يضم 225 شركة ويراجع عادة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول ويظهر حساسية عالية لتذبذبات الين وسياسات بنك اليابان، وهانغ سنغ في هونغ كونغ يقيس أكبر الشركات المدرجة بأوزان حرة ويستخدم على نطاق واسع لمتابعة تفاعل السوق مع سياسات البر الرئيسي الصيني وتدفقات الجنوب الشمالي، وفي أستراليا أيه إس إكس 200 يقدم لقطة مركزة عن الاقتصاد الأسترالي المعتمد على السلع ويخدم مستثمري المنطقة الآسيوية.
الشرق الأوسط والخليج
تاسي هو المؤشر العام للسوق السعودية تداول ويضم مؤشرات قطاعية للبنوك والبتروكيماويات والاتصالات وغيرها، في الإمارات يعكس مؤشر سوق دبي العام ومؤشر أبوظبي العام قوة مكونات العقار والمال والطاقة، وفي بورصة قطر مرجع رئيسي لاقتصاد الغاز فيما يرصد السوق الأول في الكويت أداء الشركات الكبرى وتتابع سلطنة عمان عبر إم إس إم 30، وفي مصر هناك عدد من المؤشرات المختلفة لقياس البورصة كلا منها له قواعده على سبيل المثال المؤشر الرئيسي للأسهم النشطة" EGX30" وهو يضم أكثر 30 شركة نشاطًا كلاً منها له وزن نسبي معين، فيما هناك مؤشر يضم 70 شركة وآخر يضم 100 شركة يقيس أداء وحركة الأسعار.
- بريطانيا تعود إلى دوامة التضخم.. أعلى مستوى في 18 شهرا
- صادرات اليابان تتراجع بأكبر معدل في 4 سنوات تحت ضغط الرسوم الأمريكية
يقول عدد من الخبراء الذي تحدثت إليهم "العين الإخبارية" وعددهم 3 أبرزهم الدكتور ماهر جامع خبير أسواق المال و الدكتور رشاد عبده أستاذ التمويل والاستثمار والخبير الاقتصادي أن نقاط المؤشرات ليست أموالا والاعتماد على عدد النقاط في قياس حركة السوق وحده قد يضلل أما طريقة حساب المؤشر تعتمد على نسبة الصعود والهبوط وكذلك هناك فروق مختلفة من مؤشر لأخر وفق قواعد الصناعة أو القطاع الذي يقيسه،مؤكدين أن قياس العوائد السعرية بالعوائد الإجمالية قد ينتج عنه حسابات خاطئة، لاسيما أن إعادة استثمار توزيعات الأرباح أو السيولة قد تخلق فجوات سعرية مع الوقت .
ويتابع الخبراء أن المؤشرات ليست كلها قابلة للتكرار بدقة بسبب سيولة كل مؤشر أو القيود التنظيمة التي تختلف وفق كل دولة ، وكذلك المرجعات الدورية للأسهم والمؤشرات فقراءة المؤشرات هي في حد ذاتها مؤشر لقياس حركة السوق بينما قد لا تعبر عن حركة كافة الأسهم المتداولة في السوق .
لماذا تتابع المؤشرات في نشرات الأخبار
يؤكد الخبراء الماليون أن قراءة الأخبار تختصر اتجاه المزاج الاستثماري لحظة بلحظة وتساهم فيقراءة المؤشر مع سياق الفائدة والتضخم وتوقعات الأرباح وتمنح صورة متكاملة لحركة السوق والمؤشرات المالية .
ويوضح الخبراء بعض الفروق في بين حركة المؤشرات قائلين وعندما تتباعد المؤشرات مثلا قوة في ناسداك وضعف في مؤشر صناعي تكون الرسالة أن السوق يميز بين القطاعات تبعا لدورتها وربحيتها.