«الميت الحي» أم «الملك».. من يعفو عن غزة أولا؟
عدوان لدودان يحملان مفتاح إنهاء الحرب في غزة. فهل يريد أي منهما التوصل إلى اتفاق يعتق الأحياء في القطاع من موت مؤجل؟
فأحدث جولة من محادثات وقف إطلاق النار في غزة، والتي تجري حول نقاط الخلاف المألوفة، والمناشدات من مختلف أنحاء العالم ، تحجب حقيقة قاتمة عن الجهود التي استمرت شهورا لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وتحرير عشرات الرهائن.
حقيقةٌ تقول إن أي اتفاق يتطلب توقيع رجلين هما: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حماس يحيى السنوار. هكذا خلصت وكالة أسوشيتد برس.
ويشير التقرير الذي طالعته "العين الإخبارية" في الوكالة إلى أن "نتنياهو والسنوار عدوان لدودان ومفاوضان صعبان للغاية، ويعلمان أن نتيجة المحادثات سوف تشكل بشكل عميق إرثهما".
وفي حالة السنوار الملقب بـ"الرجل الحي الميت"، قد يعني ذلك الحياة أو الموت.
من يصمد طويلا؟
لكن كليهما لديه حوافز قوية لإنهاء الحرب. ولكن قد يعتقدان أيضا أنهما قد يستفيدان من الصمود لفترة أطول قليلا، وأن الحرب أفضل من صفقة لا تفي بمطالبهما.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي وعد "بالنصر الكامل" على حماس وإعادة جميع الرهائن المحتجزين في غزة، وهي أهداف يعتقد كثيرون أنها غير متوافقة.
غير أن نتنياهو يواجه الآن ضغوطا هائلة من عائلات الرهائن وجزء كبير من الرأي العام الإسرائيلي لإبرام صفقة لإعادتهم إلى ديارهم، حتى ولو تركت حماس المنهارة على حالها.
كما أنه يواجه ضغطا من الولايات المتحدة، التي قدمت مساعدات عسكرية رئيسية ودعما دبلوماسيا لإسرائيل، وتدفع أيضا نحو التوصل إلى مثل هذه الصفقة.
إلا أن الائتلاف الحاكم الذي يرأسه نتنياهو يعتمد على وزراء من اليمين المتطرف يريدون إعادة احتلال غزة بشكل دائم، وهددوا بإسقاط الحكومة إذا تنازلت عن الكثير. وهذا من شأنه أن يفرض انتخابات مبكرة قد تدفع من يلقبه أنصاره بـ"الملك" إلى ترك السلطة في وقت يحاكم فيه بتهمة الفساد.
كذلك من شأنه أن يعجل بمحاسبة أوسع نطاقا للفشل الأمني المحيط بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي قتل فيه مسلحون من حماس نحو 1200 شخص في جنوب إسرائيل، واختطفوا نحو 250 آخرين، في عهد نتنياهو. ورفض الأخير الدعوات إلى إجراء تحقيق حكومي حتى تنتهي الحرب.
ووفق الوكالة، كلما طال أمد الحرب، زادت احتمالات تحقيق إسرائيل لشيء يبدو وكأنه نصر ، مثل قتل السنوار، وإنقاذ المزيد من الرهائن، وطال أمد حاجة نتنياهو إلى إصلاح مكانته السياسية وإعادة تشكيل إرثه.
ولكن هذا يأتي أيضا مع مخاطر مع ارتفاع عدد الجنود الذين يقتلون في المعارك كل يوم تقريبا، وتزايد عزلة إسرائيل بسبب المعاناة التي ألحقتها بالفلسطينيين.
وقبل أسابيع اشتبك نتنياهو مع وزير دفاعه يوآف غالانت بشأن الحرب.
وفي الوقت نفسه، تمتلئ وسائل الإعلام الإسرائيلية بتقارير تنقل عن مسؤولين أمنيين كبار لم يتم الكشف عن أسمائهم يعبرون عن إحباطهم من نتنياهو، وخاصة مطالبه بالسيطرة الدائمة على ممرين استراتيجيين في غزة.
وذهب البعض إلى حد اتهام نتنياهو بتخريب المحادثات.
وتقول كل من إسرائيل وحماس إنهما قبلتا نسخًا مختلفة من اقتراح وقف إطلاق النار المتطور المدعوم من الولايات المتحدة من حيث المبدأ، بينما اقترحتا تغييرات واتهمتا بعضهما البعض بتقديم مطالب غير مقبولة.
يعترف يوهانان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مؤسسة بحثية محلية، بالغضب الموجه إلى نتنياهو في الصحافة المحلية وبين قطاعات المجتمع الإسرائيلي، لكنه قال إن السنوار يتحمل معظم اللوم عن المأزق لأنه أبدى القليل من الاهتمام بالتسوية.
ويقول بليسنر: "إذا رأينا أن السنوار جاد بشأن التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك سيجبر إسرائيل ونتنياهو على الكشف عن أوراقهما". إن الوضع الحالي "يشبه التفاوض مع الذات".
يريد السنوار إنهاء الحرب - ولكن بشروطه فقط". يضيف الخبير السياسي.
وأسفرت الحرب منذ اندلاعها عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة، ونزوح 90% من سكان القطاع، وتدمير مدنه الرئيسية.
ماذا عن السنوار؟
ترى أسوشيتد برس، أن أوراق المساومة الوحيدة لدى السنوار هي نحو 110 رهائن لا يزالون محتجزين في غزة، ويعتقد أن نحو ثلثهم ماتوا.
ويحتاج السنوار إلى أكثر من مجرد توقف مؤقت في القتال إذا كان يأمل في إنقاذ أي شيء يشبه النصر من هجوم 7 أكتوبر الذي ساعد في التخطيط له.
يبدأ هذا بضمانات بأن إسرائيل لن تستأنف الحرب بمجرد إطلاق سراح بعض أو كل الرهائن.
كما يحتاج إلى انسحاب إسرائيل من غزة بالكامل لضمان ألا يكون التأثير الدائم لهجوم 7 أكتوبر إعادة احتلال دائم للمنطقة.
كذلك إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين البارزين يعد قضية مقدسة بالنسبة للسنوار، الذي كان هو نفسه سجينا طويل الأمد تم إطلاق سراحه في صفقة تبادل.
ناهيك عن ضمانات بأن الفلسطينيين سوف يتمكنون من العودة إلى ديارهم وإعادة بنائها.
ولكن هل سينجح السنوار في تحقيق أهدافه؟
نبيه عواضة، المحلل السياسي اللبناني الذي أمضى سنوات في سجن إسرائيلي مع السنوار يقول إن الأخير "مهتم للغاية بإنهاء المفاوضات، سواء فيما يتعلق بوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى".
بيْد أن هناك مخاطر على السنوار في إطالة المحادثات، حيث من المرجح أن يموت المزيد من الرهائن أو يتم إنقاذهم مع استمرار الحرب. كما سيستمر الموت والدمار والصعوبات في غزة، وقد يؤدي ذلك إلى تأجيج السخط الفلسطيني تجاه حماس، مع عواقب سياسية في المستقبل.
والسنوار نفسه، الذي يتصدر قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، قد يُقتل في أي وقت. ولكن نظرا لمركزية الاستشهاد في تاريخ حماس وأيديولوجيتها، فقد يشعر أن هذه النتيجة حتمية ومفضلة على صفقة تبدو وكأنها هزيمة.
وفي ظل المفاوضات الجارية، تقول أسوشيتد برس، إنه "من غير المرجح أن يكون لأي أحد ضغط يمارس على قيادة حماس المنفية تأثير كبير على السنوار، الذي تم تعيينه رئيسا لحماس بعد مقتل إسماعيل هنية في إيران".
ويُعتقد أن السنوار قضى معظم الأشهر العشرة الماضية يعيش في أنفاق تحت غزة، وليس من الواضح مدى اتصاله بالعالم الخارجي.