الرئيس صارح الشباب بأنه لا مناص من الاعتراف بأننا تقهقرنا تقهقراً محزناً، وأننا مطالبون بإصلاح الوضع.
أعتقد أن من أهم عوامل صمود شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم الحرب الشعواء التي تهب رياحها عليه، وبالتالي على مصر، من جهات عدة، هو مصارحته للشعب بحقيقة الأوضاع، فهو لم يدع يوماً أن بيده عصا سحرية يستطيع أن يمحو بها ما وصلنا إليه، في العقود الأخيرة من تراجع على أكثر من صعيد.. وقد شعرت الأغلبية الساحقة من المصريين بتفاؤل شديد بالنسبة للمستقبل بعد أن شخص الرئيس مراكز القصور والتقصير التي طبعت الحياة، ومن ثم أعلن أن أولويات ولايته الحالية، هي التعليم والصحة والثقافة أي القوة الناعمة التي تميزت بها مصر.
والحق يقال إن التدهور في هذه المجالات الثلاثة كان قد وصل إلى درجة الخطر، ومن هنا كان الترحيب العميق بالاهتمام بتطوير التعليم وتأسيس نظام التأمين الصحي وعلاج المرضى، على اعتبار أن العقل السليم في الجسم السليم، وكانت لفتة انتظرناها طويلاً، وأعني بها، استعادة مصر لريادتها الثقافية والفنية بعد تشويه الشخصية المصرية، عمداً في رأيي، من خلال أفلام ومسلسلات بعيدة تماماً عن جوهر الهوية المصرية.. وقد كان واضحاً أن الرئيس يراهن على الشعب المصري بوجه عام وعلى الشباب بوجه خاص، حيث إن الشباب هو المستقبل بلا أدنى شك.
نحن إذاً أمام رئيس لا يبيع لنا الوهم، بحثاً عن شعبية عابرة، بل هو يبصرنا بطريق الخلاص، والذي لا بديل له، وهو العمل، العمل والبناء في كل الميادين، في التعليم في الصحة في الثقافة، في فتح آفاق جديدة في كل يوم، مثل ما تبشر به اكتشافات البترول والغاز، ومحطات الكهرباء العملاقة
وقد شاهدنا كيف تفاعل الشباب مع الرئيس، وقد أيقن أن السيسي، لا يعمل له البحر طحينة، ويغرقه في الأوهام، بل صارحه بالصعوبات المتراكمة والتي لمستها شخصياً، في لقاء مع وزير النقل الأسبق الدكتور المهندس إبراهيم الدميري، عندما سألته لماذا لا نستخدم السكة الحديد في نقل البضائع، بدلاً من استخدام عربات النقل التي ندفع ثمن وقودها وتتحمل الدولة المليارات لعلاج مرضى التلوث الناجم عن عادم المازوت المنبعث من سيارات النقل! رد عليّ الوزير يومها بأن السكة الحديد شبه منتهية الصلاحية، فلا توجد قطع غيار لها.
كما لا تخصص لها الدولة ميزانية، ومن هنا كانت مصارحة الرئيس بصعوبة الوضع هي أفضل سبيل للتغلب عليها، لا سيما وأن الدولة خطت خطوات عملاقة في مجال البنية التحتية، وهو ما يشهد به القاصي والداني، باستثناء الأعداء الذين يلجأون إلى تشويه كل شيء والانتقاص من قدر كل إنجاز، بدعوى أن المطلب الملح الآن هو الطعام.
وعبر عاصفة الشائعات التي أطلقوها لإثارة الرأي العام وإشاعة الفوضى، حاولوا إقناع بسطاء الناس بأن الطعام هو المطلب الملح الذي يجب أن يعلو على أي حلم كان، حتى لو كان التعليم المواكب للعصر والعلاج الذي يحترم آدمية الإنسان ونظام التأمين الصحي الذي يشيع الطمأنينة في النفوس القلقة، من هول آثار المرض في بعض الأحيان.
الرئيس صارح الشباب بأنه لا مناص من الاعتراف بأننا تقهقرنا تقهقراً محزناً، وأننا مطالبون بإصلاح الوضع، حتى لو استدعى الأمر أن نأكل اليوم ربع رغيف، وغداً نصف رغيف، وبعدها نأكل رغيفاً كل يوم، بدلاً من أن نأكل اليوم رغيفاً وغداً نصف رغيف وبعد غدٍ ربع رغيف، ثم لا نجد كسرة خبز بعدها، خاصة أن الحياة لن تنتهي بنا، بل علينا أن نفكر في أولادنا وأحفادنا، والأجيال القادمة وعلى أساس أن يحقق كل جيل أحلاماً أوسع من الذي سبقه، فهكذا تعيش الأمم المتطلعة إلى الأفضل.
نحن إذاً أمام رئيس لا يبيع لنا الوهم، بحثاً عن شعبية عابرة، بل هو يبصرنا بطريق الخلاص، والذي لا بديل له، وهو العمل، العمل والبناء في كل الميادين، في التعليم في الصحة في الثقافة، في فتح آفاق جديدة في كل يوم، مثل ما تبشر به اكتشافات البترول والغاز، ومحطات الكهرباء العملاقة، وتحتاج هذه المصارحة المحمودة إلى إعلام قوي واعٍ يسد كل الثغرات في وجه الشائعات المغرضة الخبيثة، ويكون بمثابة الجسر المتواصل بين القيادة والشعب.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة