خبراء: خطاب السيسي بالأمم المتحدة حمل 5 رسائل للعالم
الخبراء يرون أن الكلمة ركزت على قضايا مكافحة الإرهاب، وضرورة إعادة النظر في أداء منظمة الأمم المتحدة.
قال خبراء، إن كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت صريحة ومباشرة، وحملت العديد من الرسائل، وأعادت مصر إلى مكانتها الدولية.
وتناولت كلمة السيسي ثوابت السياسة الخارجية المصرية، وركزت على العديد من القضايا السياسية والاقتصادية، لا سيما مكافحة الإرهاب، فضلا عن ضرورة إعادة النظر في أداء منظمة الأمم المتحدة.
5 رسائل للعالم
عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال: إن كلمة السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت مباشرة وحملت رسائل واضحة.
وأشار سعداوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن أولى هذه الرسائل التأكيد على ثوابت مصر الخارجية، وأهمها ضرورة دعم وحماية الدولة الوطنية، والتأكيد على أنه لا يمكن إقامة نظام دولي فعال دون الحفاظ على الدولة".
ولفت إلى أن هذا الثابت كان واضحا في سياسة مصر تجاه سوريا، إذ أكدت أهمية وحدة سوريا والجيش الوطني السوري، كما هو الحال فيما يتعلق باليمن وليبيا، انطلاقا من ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة والجيوش الوطنية.
أما الرسالة الثانية تمثلت في التأكيد على موقف مصر من محاربة الإرهاب، خصوصا بعد أن كشفت كلمة السيسي عن حجم تمويل الإرهابيين وكيفية تنقلهم، وهو ما يستدعي بناء منظومة عالمية لمكافحة ومواجهة الإرهاب.
ويرى السعداوي أن الرئيس "كان يشير ربما بشكل ضمني إلى أن الإرهاب لم يعد مجهودا فرديا أو أعمال تنظيمات متطرفة، وإنما يحظى بدعم دول وأجهزة استخبارية، وبالتالي أصبح صناعة تدر دخلا وأداة من أدوات السياسة الخارجية لبعض الدول، لذا دعا إلى ضرورة إحداث وقفة وتكثيف الجهود الدولية لمعالجة هذه الظاهرة".
الرسالة الثالثة، بحسب الخبير المصري، هي إعادة السيسي الاهتمام بأفريقيا، إذ تحدث عن ضرورة وجود نظام اقتصادي دولي عادل، يسمح بإعادة تنمية القارة السمراء، مشيرا إلى أن الرئيس المصري تحدث عن أفريقيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضا في قمة "نيلسون مانديلا للسلام".
وقال السعداوي: إن الرسالة الرابعة تتعلق بالقضية الفلسطينية، مؤكدا أن قول السيسي بأن يد العرب لا تزال ممدودة بالسلام، وأن التفاوض يحتاج إرادة، هو قول ذات دلالة، ورسالة غير مباشرة لدول تحاول فرض حل معين للصراع العربي الإسرائيلي، يتنافى مع وجهة النظر العربية وتحديدا المصرية.
وكان السيسي قال في كلمته: إن "المطلوب هو توفر الإرادة السياسية لاستئناف المفاوضات وإنجاز التسوية وفقا لهذه المرجعيات.. وسأكرر هنا ما ذكرته في سنوات سابقة على هذا المنبر، من أن يد العرب لاتزال ممدودة بالسلام، وشعوبنا تستحق أن تطوي هذه الصفحة المحزنة من تاريخها".
أما الرسالة الخامسة فتتمثل في حديث السيسي عن حقوق الإنسان، مؤكدا أن الرئيس المصري يمتلك مفهوما أوسع لفكرة حقوق الإنسان، "فهو لا يقصره على الحقوق السياسية والمدنية" فقط، إذ قال إنه "لا مجال لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة طالما استمر الملايين يعانون من فقر مدقع، أو يعيشون تحت احتلال أجنبى، أو يقعون ضحايا للإرهاب والصراعات المسلحة".
مصر ومكانتها الدولية
من جانبه، قال محمد عبدالعزيز، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، إن كلمة السيسي في الأمم المتحدة كشفت عن مكانة مصر الدولية، مضيفا: "أنه لا يمكن أبدا تحقيق الأمن والسلام الإقليمي في هذه المنطقة إلا إذا كانت مصر شريكا رئيسيا فيه".
وأوضح عبدالعزيز في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الكلمة التي ألقاها الرئيس المصري أمام رؤساء العالم، كانت "محددة وموضوعية وموفقة، واستطاع بشكل محدد أن يبين أوجه الخلل في أداء الأمم المتحدة، وتحدث عن 3 مشكلات رئيسية تواجه العالم وخاصة المنطقة العربية".
وأشار عبدالعزيز إلى أن أهم هذه المشكلات، تتمثل في تفكيك الدولة الوطنية نتيجة للنزاعات المسلحة أو الصراعات المذهبية والطائفية، وعجز الأمم المتحدة حتى هذه اللحظة عن إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، فضلا عن حديثه عن الخلل في النظام الاقتصادي العالمي الذي يجعل دولا كثيرة خاصة في أفريقيا عاجزة عن إحداث التنمية وتعاني من الفقر المدقع.
وكان السيسي أوجز رؤية مصر في 3 مبادئ، أولها: أنه لا مجال لحديث عن تفعيل النظام الدولي إذا كانت وحدته الأساسية، أى الدولة الوطنية القائمة على مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة، مهددة بالتفكك، وثانيها؛ الالتزام بإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية، وثالثها؛ الالتزام بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بوصفها الشرط الضروري لنظام عالمي مستقر، وأفضل سبل الوقاية من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية.
ويرى عبدالعزيز أن السيسي كان محددا في حديثه عن حلول لهذه المشكلات، واشتملت على أهمية دعم الدولة الوطنية والحفاظ على تماسكها ودعم قوتها ووحدتها في مواجهة التيارات الإرهابية أو النزاعات المسلحة أو الصراعات الطائفية والمذهبية، وأهمية تسوية النزاعات على أساس سلمي، ومعالجة أوجه الخلل في النظام الاقتصادي العالمي وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشار السيسي في كلمته إلى أن "الالتزام الدولي بالحفاظ على الدولة الوطنية، والتسوية السلمية للنزاعات، وتكثيف التعاون لتحقيق التنمية الشاملة ومعالجة أوجه الخلل فى النظام الاقتصادي العالمي، تمثل شروطا ضرورية لأي حديث جاد عن تفعيل منظومة الأمم المتحدة، واستعادة مصداقيتها".
ولفت إلى حديث الرئيس المصري عن مكافحة الإرهاب، وأن مصر ذات تجربة رائدة في هذا المجال لأنها تقود عملية مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة بعد أن واجهته في السنوات الماضية، واستطاعت بفضل الإدارة الحالية المحافظة على قدر ضخم من الأمن، وتستعيد الأمن والحياة اليومية بعد أن كانت حرية الحركة في الشوارع أمرا صعبا بعد 30 يونيو 2013 نتيجة للتنظيمات الإرهابية، مضيفا: "الآن مصر دولة آمنة، ومازال الجيش والشرطة يواجهان الإرهاب في سيناء وقادرين على هزيمته".
من جانبها، اعتبرت مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، كلمة السيسي بمثابة "محاكمة للأمم المتحدة على صمتها بشأن الانتهاكات التي تحدث في الدول العربية".
وقالت في تصريحات لـ"العين الإخبارية": إن كلمة الرئيس المصري كانت "شاملة وقوية جدا، ووضعت مصر في مكانتها"، مشيرة إلى تناوله حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب وحق الفلسطينيين، وما يحدث في الدول العربية مثل ليبيا وسوريا واليمن، ومكافحة الإرهاب.
كلمة شجاعة
الأزهر الشريف أشاد بكلمة الرئيس السيسي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تضمنته من مواقف ورؤى بشأن تفعيل الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، واصفاً إياها بـ"الكلمة الشجاعة".
وأعلن الأزهر في بيان له، تضامنه الكامل مع دعوة الرئيس المصري من الأمم المتحدة؛ لإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة كاملة، للعيش بكرامة وسلام في دولة عربية مستقلة، بما يحفظ هويته الوطنية ويحقق آماله وتطلعاته، حيث إن العجز عن تحقيق ذلك يلقي الكثير من الظلال على مصداقية المنظومة الدولية.
وأكد البيان ما تضمنته الكلمة من ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية العادلة، القائمة على مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة، وحمايتها من التفكك، تحت وطأة النزاعات الأهلية والولاءات الطائفية، لما يحمله ذلك من مخاطر وتهديدات جمة على كل الأصعدة.