اعتصام السودان.. ملاذ آمن للأطفال المشردين
مبادرة "أطفال القيادة" تأسست بواسطة متطوعين ومتطوعات بالاعتصام تسعى إلى جمع الأطفال المشردين وإعادة تأهيلهم نفسياً وصحياً.
أحمد القرشي، طفل في عمر الـ14 عاماً، قدم إلى العاصمة السودانية الخرطوم من جبل مرة بإقليم دارفور، غربي السودان، بعدما نزحت أسرته بسبب الحرب إلى أحد المخيمات بأطراف مدينة "كأس".
وبعد شهور من التوهان والتشرد في شوارع الخرطوم، اليوم وجد مَن يرعاه ويقدم له ما يحتاج إليه في المأوى والتعليم والصحة.
- آلة "الوازا".. تراث موسيقي يربط السودان وإثيوبيا
- الروائية السودانية آن الصافي لـ"العين الإخبارية": أحب تحضير الأطباق المبتكرة في رمضان
في ركن قصي بساحة اعتصام السودانيين خارج مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، نصب بعض الشباب والشابات خيمة كُتب على مدخلها "مبادرة أطفال القيادة"، يقوم هؤلاء المتطوعون في مبادرتهم هذه برعاية ما يعرف بـ"أطفال الشوارع" ـ وهم الأطفال المشردون من أسرهم ـ ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من خدمات صحية وتعليمية ورعاية مواهبهم وإعادة دمج بعضهم مع أسرهم وإلحاقهم بالمدارس التي تركوا مقاعدها قبل التشرد.
وخارج الخيمة نُصبت مجموعة لافتات عبارة عن معرض رسومات لأشكال مختلفة قام برسمها هؤلاء الأطفال بعد ما وفرت لهم المبادرة معينات الرسم، فخرجت من بعضهم مواهب فنية عالية في الرسم التشكيلي والهندسي المعماري.
يقول مدير مشروع مبادرة "أطفال القيادة" ميسرة إبراهيم بدوي، لـ"العين الإخبارية"، إن المبادرة تأسست بواسطة مجموعة متطوعين ومتطوعات في الثامن من أبريل/نيسان الماضي، وتسعى إلى جمع الأطفال المشردين وإعادة تأهيلهم نفسياً وصحياً وتعليمهم وإعادة دمجهم مع أسرهم مرة أخرى، ومَن ليست لهم أسر ستتبناهم المبادرة في دور تعمل على تجهيزه مع خيريين.
وتعمل المبادرة -بحسب ميسرة- على تحقيق هدف أساسي وهو وقف تدفق الأطفال إلى الشارع من خلال استيعابهم وتصنيفهم إلى مجموعات ليتم إدراجهم في العملية التعليمية في المجالين "الفني والأكاديمي".
وأضاف: "بدأنا عملنا بالمرسم لأنه يفيد في تحليل شخصية الطفل من ناحية اجتماعية وسيكولوجية حسب إفادة أطباء علم النفس، وبالفعل بدأ الأطفال في رسم ما يدور في مخيلتهم وهذا ساعدنا كثيراً في عملية الرعاية وقد تحسن سلوك 40% منهم".
وتسببت الحرب الأهلية في مناطق "دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق"، في تشريد آلاف الأطفال الذين فقدوا أسرهم، ولجأوا إلى العيش على أرصفة شوارع العاصمة الخرطوم وبعض المدن الرئيسية بالولايات، بعضهم يعمل في مهن هامشية وآخرون يتسولون المارة للحصول على المشرب والمأكل.
وقال الطفل أحمد القرشي، أحد المستفيدين من مبادرة أطفال القيادة، لـ"العين الإخبارية"، إنه وصل إلى العاصمة السودانية الخرطوم قادماً من جبل مرة بدارفور قبل شهور من بدء اعتصام السودانيين خارج مقر قيادة الجيش.
وأضاف "تركتُ والدتي وإخوتي يعيشون في مخيم للنازحين قرب مدينة كأس، بينما توفي والدي بسبب المرض، بعد وصولي إلى الخرطوم سكنتُ مع جدتي في منطقة مايو وعملتُ ماسح أحذية، لكن بعد الاعتصام جئت إلى مقر القيادة ووجدتُ هذه الخيمة والآن أقرأ وأتعلم الرسم".
وأشار القرشي بيده إلى مجموعة رسومات خارج الخيمة قال إنه من قام برسمها وكانت عبارة عن بنايات بعدة طوابق، مضيفاً "أتمنى أن أصبح مهندساً معمارياً".
والقرشي هو واحد من 123 طفلا تم تسجيلهم بواسطة مبادرة "أطفال القيادة" وهم يعيشون حالياً في مخيمها وسط ساحة الاعتصام خارج مقر قيادة الجيش بالخرطوم، ويقوم متطوعو المبادرة بتقديم الرعاية الكاملة لهؤلاء الأطفال "صحياً وأكاديمياً وتعليمياً".
ويؤكد مدير مشروع المبادرة ميسرة إبراهيم بدوي أنهم سيقومون بإرجاع بعض الأطفال الذين تخلوا عن أسرهم في فترة وجيزة إلى أهلهم على أن يتم تبنيهم داخل أسرهم، بينما فاقدو السند تسعى المبادرة لتوفير دار لهم تحتوي على قسم أكاديمي وفني، مشيراً إلى أن بعض الخيرين أبدوا رغبتهم في توفير الدار المطلوبة.
المبادرة لم تحصر على العاصمة الخرطوم وحدها فقد امتدت إلى الولايات الأخرى التي تشهد اعتصاماً مماثلاً أمام مقرات الجيش بالمدن الرئيسية.
وقال بدوي إنهم بدأوا في افتتاح فرع للمبادرة بمدينة الأبيض بشمال كردفان، غرب السودان، كما يرتبون لافتتاح فرع في ولاية القضارف، شرق السودان، حيث تشهد المدينتان اعتصاماً مماثلاً لاعتصام الخرطوم.
ويقوم متطوعو المبادرة بجذب الأطفال إلى المشروع وترغيبهم في الدراسة عن طريق الألعاب والفن والمسرح التي يتم توفيرها بخيمة المشروع بمقر الاعتصام، وقد أسست فرقة مسرحية بغرض اكتشاف المواهب الفنية لدى الأطفال.
من جهتها، قالت آلاء خوجلي، من مؤسسي المبادرة لـ"العين الإخبارية"، إن الهدف الأساسي للمشروع هو احتواء الأطفال المشردين والأطفال الذين تركوا الدراسة بعد معرفة الأسباب التي قادتهم إلى ذلك في هذه السن، كما تقوم الجمعية بتوفير جميع مستلزمات الأطفال.
وأضافت "المبادرة تأسست في ميدان الاعتصام فوجدنا الكثير من هؤلاء الأطفال الذين لا حصر لهم، يعانون من مشاكل كثيرة، هؤلاء الأطفال هم ضحايا النظام السابق الفاسد".
وذكرت أن المبادرة بعد حصر الأطفال المشردين تقوم بإرجاع مَن تركوا الدراسة منهم إلى المدراس ويتم الإشراف عليهم ومراقبتهم بواسطة المبادرة التي تقوم بدفع التكاليف.
aXA6IDMuMTQ4LjExNy4yMzcg جزيرة ام اند امز