التكيف وركائز المدن الذكية.. دبي ضمن الـ10 الكبار
يعد مفهوم «المدينة التكيفية» نهجا إداريا استراتيجيا جديد يمكن البلاد من التعامل مع التغيير والخلل ويساعد المدن في جميع أنحاء العالم على زيادة أدائها بشكل مستمر لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
ومع انتقال الضغوط المستحدثة من الاستثناء إلى القاعدة، أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن تكون المدن ليست فقط مرنة ومستدامة، بل أن تصبح قادرة على التكيف لمواجهة التحديات والفرص المتزايدة في السنوات المقبلة.
وحسب تقرير حديث نشرته منصة المنتدى الاقتصاد العالمي «weforum» فإنه بدلاً من الاستجابة للتغيير والاضطراب بعد حدوثه، من المهم للمدن بناء مرونة جوهرية في نماذج وعمليات التشغيل اليومية الخاصة بها حتى تتمكن من استشعار الاضطراب المستمر والاستجابة له في الوقت الفعلي.
- إنقاذ 15 تريليون دولار سنويا.. حتمية إصلاح النظام الغذائي العالمي
- كيف يقود الذكاء الاصطناعي كفاءة الطاقة ومواجهة تغير المناخ؟
وعلى ذلك فـ«المدينة التكيفية» هي المدينة القادرة على الاستجابة لاحتياجات المستقبل المتطورة أو المتغيرة مع مرونة جوهرية عبر الجوانب المادية والرقمية لنموذج التشغيل الخاص بها. إن المدينة المتكيفة ليست نتيجة، بل هي خيار.
وتُغيّر التكنولوجيا نظرة الناس إلى الحياة وعلاقتهم بها وتمثِّل الرقمنة فرصةً ذهبيّةً لتعزيز طريقة عيشهم في المدن.
ركائز المدن الذكية المستدامة
من خلال تنفيذ عوامل التمكين الرقمية والمادية للقدرة على التكيف، أو الاستجابة السريعة للتغيير والاضطراب، أو اغتنام الفرص الجديدة، فإن المدينة التكيفية قادرة على التحسين المستمر لمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والمقاييس المرتبطة بكل هدف من الأهداف الاستراتيجية للمدينة.
وبالتالي يمكن للمدن الذكية المستدامة تحقيق المزيد من أهدافها، لمزيد من أصحاب المصلحة، ولمزيد من الوقت.
ولمساعدة المدن على التقييم الذاتي لمستواها الحالي من القدرة على التكيف والمعيار مقارنة بأقرانها، قامت شركة WGI" Inc" بالتعاون مع القادة العالميين في إدارة الإنشاءات (GLCM) في جامعات كولومبيا، بتطوير مؤشر قدرة المدن على التكيف.
المؤشر عبارة عن أداة لتقييم النضج مصممة لمساعدة المدن على تقييم وقياس قدرتها الجوهرية أي قدرتها الداخلية على التنقل في التغيير المستمر والاضطراب، بغض النظر عن حجمها.
ويتألف التقييم الذاتي من ثمانية ركائز تتوافق مع الأهداف الاستراتيجية للمدينة العالمية المتمثلة في:
- النمو الاقتصادي
- الاستدامة والبيئة
- الصحة والعافية
- التنوع والشمول
- التنقل
- والسلامة والأمن
- جودة الحياة
- الكفاءة والمرونة
ويطرح المؤشر 24 سؤالًا (ثلاثة لكل ركيزة) ويصنف المدن في جميع أنحاء العالم على مقياس من 1 إلى 4 من حيث نضج القدرة على التكيف.
فوائد القدرة على التكيف
إن دمج القدرة على التكيف، أو القدرة الجوهرية على التغيير، يمكن أن يفيد المدن وكذلك مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص من حيث تحسين فاعلية المهمة، وتحسين خدمة المواطنين، وزيادة الكفاءة التشغيلية، وأوقات الاستجابة الأسرع، والقدرة على فعل المزيد بتكاليف أقل وأقل.
ومن المهم أيضًا، حسب تقرير (weforum) ملاحظة أنه مع المؤشر، فإننا لا نقيس التقدم المطلق من حيث الاستدامة أو المرونة، ولكن من حيث القدرة على الاستجابة ديناميكيًا للظروف المتغيرة من أجل تعظيم مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) - وغالبًا "وقت التشغيل" - المرتبط بهذه الأهداف الاستراتيجية للمدينة.
وعلى سبيل المثال مع ركيزة الصحة والعافية، نحن لا نقيس عدد المستشفيات داخل حدود المدينة، أو جودة الرعاية الصحية المقدمة، ولكننا نقيس قدرة المدينة على الاستجابة للتغيير كما هو الحال عندما استفادت مدينة نيويورك من "Javits" وجلبت سفن المستشفيات التابعة للبحرية الأمريكية لتوفير القدرة الطبية الإضافية أثناء تفشي فيروس كورونا (COVID-19).
وسعيا لتحقيق ركائز المدن الذكية المستدامة تقوم الحكومات الى جانب المسؤولين في المدن ببناء "مدن ذكية" من خلال تفعيل أحدث التكنولوجيّات المدعومة ببنية تحتيّة واسعة النطاق من جيل المستقبل، قابلة للتكيّف والتطوّير، وترمي إلى إشراك المواطنين أو المقيمين إشراكاً أفضل.
ولكنّ النجاح في تطوير المدن الذكيّة يقتضي مقاربةً متدرّجة المراحل وشاملة وتركّز على المواطن.
ومن خلال تسهيل استحداث المدن الذكيّة، التي تستعين ببنية تحتيّة متطوّرة وبحلول رقميّة لتوفير الخدمات، باستطاعة التكنولوجيا أن تُساعد واضعي السياسات على معالجة التحديات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة الناشئة عن التوسع الحضري.
وتجعل المدن الذكيّة التكنولوجيا الرقميّة والشبكات والتطبيقات جزءاً رئيسياً من العمليّات والتفاعل مع المقيمين.
الأولويات والسعي للاستدامة
المتوسط العالمي لجميع الركائز يتراوح بين 2.0 و2.5 (على مقياس من 1 إلى 4) من حيث مستوى النضج الحالي.
وتأتي الركائز الأعلى تصنيفًا حتى الآن هي الصحة والعافية والتنوع والشمول.
ويعزى ذلك إلى حقيقة أن الوباء العالمي الأخير (COVID-19) كان بمثابة وظيفة قاهرة دفعت المدن إلى الاستجابة لهذه الصدمة التي يتعرض لها النظام وتعزيز قدرتها على التكيف والاستجابة.
وقد استفاد التنوع والشمول أيضًا من الاهتمام العالمي والقدرة على التنفيذ بسرعة من خلال تغيير السياسات.
وجاءت الركيزة الأدنى تصنيفًا، في الوقت الحاضر، هي الاستدامة والبيئة.
ومن الواضح أن هذا هدف استراتيجي طويل المدى يستغرق تنفيذه سنوات عديدة بسبب الاعتماد ليس فقط على تغيير السياسات، بل أيضًا على عوامل التمكين المادية والرقمية، مثل البنية التحتية للطاقة المتجددة، والبنية التحتية للاقتصاد الدائري، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والتي تحتاج إلى تنفيذها وهندستها بشكل فعال في هذه العملية.
دبي بين الـ10 الكبار
مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة من بين أفضل 10 مدن حتى الآن بفضل مبادرات المدينة المختلفة مثل مراكز الشرطة الذكية التي تقدم 27 خدمة بست لغات وغيرها من الابتكارات التي تمكنها من التكيف بشكل ديناميكي ودعم الاحتياجات المتعددة الأوجه لمواطنيها .
وتضع دبي الابتكار في صدارة محرّكات الاقتصاد عبر جميع القطاعات، وتُعزز "المكان" (The Place) باعتباره أحد المواضيع الستّة الأساسيّة التي تهدف إلى تحقيق مدينة ذكيّة ومستدامة.
ويبدو واضحاً أنّ دولة الإمارات تتصدر عربياً وعالمياً أفق التحوّل نحو مدن ذكيّة وقد طوّرت فعلياً برامجها في الفترة الأخيرة.
هذه النتيجة هي محصلة عمل المؤسسات في القطاع العام أو الخاص نحو تطوير ثقافةٍ فعليّةٍ مبنية على علم البيانات، كما أن الاقتصاد الرقمي الأقوى والأكثر فاعليّةً هو حجر أساس في نمو الاقتصاد وتطوّره في المستقبل.
وفي الولايات المتحدة، كانت ميامي وسان دييغو من بين المدن التي حصلت على أعلى متوسط تقييمات حتى الآن عبر جميع الركائز الثمانية.
وفي عالم يتسم بالاضطراب المستمر، تحتاج المدن إلى أن تكون ديناميكية وقادرة على التكيف بشكل أكبر ومتسارع.