الحياة المستدامة.. هل تصبح المنازل الذكية ملاذات صديقة للبيئة والمناخ؟
في عصر التقدم التكنولوجي السريع، لم تعد المنازل الذكية مستقبلًا بعيدًا بل أصبحت حقيقة واقعة.
يستكشف هذا التقرير كيف يمكن أن تُعزز المنازل الذكية الحياة اليومية بأتمتة مبتكرة تؤدي إلى أنماط حياة أكثر استدامة، وتحول المنازل إلى ملاذات صديقة للبيئة دون التضحية بالراحة أو الكفاءة.
المنزل الذكي
أحدث إنترنت الأشياء (IoT) ثورة في الطريقة التي يعيش بها الأفراد، مما أتاح لهم إمكانية الاتصال والتحكم في الأجهزة عن بُعد. وقد أدى ذلك إلى تطوير المنازل الذكية، حيث يُمكن إدارة كل شيء من الإضاءة إلى أنظمة الأمان على هاتف ذكي أو جهاز لوحي.
أساسيات تقنية المنزل الذكي
يربط المنزل الذكي بين جميع الأجهزة من خلال العديد من التقنيات اللاسلكية مثل Wi-Fi وBluetooth وZigbee، حيث يمكن إدارة كل شيء من الإضاءة إلى أنظمة الأمان ببضع نقرات على هاتف ذكي أو جهاز لوحي. الآن، يتم استخدام هذه التقنية نفسها لتحويل الفناءات إلى مراكز طاقة ذكية، مما يمكّن أصحاب المنازل من توفير المال وتقليل انبعاثات الكربون الخاصة بهم والتمتع بنمط حياة أكثر استدامة.
- المدينة المستدامة في دبي.. نموذج ملهم للمستقبل الذكي
- المباني الذكية الخالية من الكربون.. هل تحقق أهداف باريس المناخية؟
تتضمن بعض الفئات الشائعة للتقنيات المنزلية الذكية في: ألواح الطاقة الشمسية، الري الذكي، والإضاءة الذكية، ومحطات الشحن، وأخيرًا منظمات الحرارة الذكية والتي سيتم استعراض أهمها فيما يلي:
1- ألواح الطاقة الشمسية
من أهم الطرق التي يمكن من خلالها استخدام تقنية إنترنت الأشياء لإنشاء مركز طاقة ذكي في الفناء الخاص بأي فرد، هو دمج الألواح الشمسية؛ حيث إن الطاقة الشمسية هي مصدر نظيف ومتجدد للطاقة يمكن أن يساعد في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض فواتير الطاقة. واللافت أنه من خلال تركيب الألواح الشمسية على سطح المنزل أو في حديقة المنزل، يمكن تسخير طاقة الشمس لتزويد المنزل بالطاقة، وبالتالي يمكن استخدام تقنية إنترنت الأشياء لمراقبة أداء الألواح الشمسية، والتأكد من أنها تعمل بأقصى كفاءة والتنبيه في حالة حدوث أي مشكلات.
2- الري الذكي
هناك طريقة أخرى لتحويل حديقتك إلى مركز طاقة ذكي وهي دمج أنظمة الري الذكية؛ حيث يمكن أن تكون أنظمة الرش التقليدية مهدرة، لأنها غالبًا ما تسقي المناطق التي لا تحتاج إليها أو تعمل أثناء العواصف الممطرة. ومن ثمَّ تستخدم أنظمة الري الذكية تقنية إنترنت الأشياء لمراقبة الأحوال الجوية ومستويات رطوبة التربة واحتياجات النبات لتوفير الكمية المناسبة من المياه في الوقت المناسب. هذا لا يحافظ على المياه فحسب، بل يساعد أيضًا في تقليل فاتورة المياه والحفاظ على مناظر طبيعية صحية وحيوية.
3- أنظمة الإضاءة
تعد الإضاءة الخارجية الموفرة للطاقة عنصرًا أساسيًا آخر لمركز الطاقة الذكي؛ حيث يُمكن برمجة أنظمة الإضاءة التي تدعم إنترنت الأشياء ليتم تشغيلها وإيقافها تلقائيًا بناءً على الوقت من اليوم أو عند اكتشاف الحركة. يضمن ذلك إضاءة الحدائق جيدًا عند الحاجة، دون إهدار الطاقة على الإضاءة غير الضرورية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن التحكم في أنظمة الإضاءة الذكية عن بُعد، مما يسمح للأفراد بضبط سطوع ولون الأضواء الخارجية لخلق أجواء مثالية لأي مناسبة.
4- محطات الشحن
تُعُّد محطات شحن السيارات الكهربائية (EV) أيضًا إضافة شائعة بشكل متزايد لمراكز الطاقة الذكية. نظرًا لأن المزيد من الأفراد يتجهون إلى شراء السيارات الكهربائية، وبالتالي فإن وجود طريقة ملائمة وفعالة لشحنها في المنزل أمر ضروري. ومن هنا يأتي أهمية تقنية إنترنت الأشياء لمراقبة عملية الشحن والتحكم فيها، مما يضمن شحن السيارة في غير ساعات الذروة عندما تنخفض أسعار الكهرباء. هذا لا يوفر المال فحسب، بل يساعد أيضًا في تقليل الضغط على شبكة الطاقة.
5- منظمات الحرارة الذكية
يمكن دمج محاور الطاقة الذكية مع أنظمة إدارة الطاقة المنزلية، التي تستخدم تقنية إنترنت الأشياء لمراقبة استهلاك الطاقة في المنزل والتحكم فيه؛ حيث يُمكن أن توفر هذه الأنظمة بيانات في الوقت الفعلي عن استهلاك الأفراد للطاقة، مما يسمح لهم بتحديد المجالات التي يمكن فيها إجراء تحسينات وتقليل الاستهلاك الإجمالي للطاقة، وفي هذا الإطار، تأتي منظمات الحرارة الذكية كأبرز مثال لأنظمة إدارة الطاقة المنزلية.
منظم الحرارة الذكي هو جهاز يتجاوز وظائف منظمات الحرارة التقليدية؛ حيث يستفيد من تكنولوجيا الأشياء، مثل أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي والاتصال، لتنظيم درجة حرارة المنزل أو المبنى بذكاء. توفر منظمات الحرارة الذكية مجموعة من الميزات والقدرات التي تمنح أصحاب المنازل تحكمًا غير مسبوق وراحة وكفاءة في استخدام الطاقة. فعلى عكس منظمات الحرارة التقليدية التي تتطلب تعديلات يدوية، تعمل منظمات الحرارة الذكية على التحكم في درجة الحرارة تلقائيًا بناءً على عوامل مختلفة مثل الظروف الجوية؛ كما أنها تتكيف باستمرار مع تفضيلات المستخدم، مما يضمن الراحة المثلى مع تقليل هدر الطاقة.
هذا، وقد أحدث ظهور منظمات الحرارة الذكية ثورة في كيفية إدارة درجة حرارة المنزل؛ حيث وجدت دراسة أجراها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) أن الأسر التي تستخدم منظمات الحرارة الذكية شهدت توفيرًا متوسطًا للطاقة بنسبة 10-15٪، مما أدى إلى انخفاض كبير في التكلفة على فواتير الخدمات.
فيما يلي بعض الميزات القياسية:
- قدرات التعلم: يمكن لمنظمات الحرارة الذكية معرفة الجدول الزمني لأفراد وتفضيلاتهم بمرور الوقت وتضبط إعدادات درجة الحرارة تلقائيًا لضمان الراحة في المنزل والحفاظ على الطاقة عندما يكون الأفراد خارج المنزل.
- جهاز التحكم عن بعد: بمساعدة تطبيقات الهواتف الذكية، تتيح منظمات الحرارة الذكية التحكم في درجة حرارة المنزل ومراقبته عن بُعد. سواء كان الفرد في العمل أو في إجازة أو ببساطة في غرفة أخرى، يمكن بسهولة ضبط الإعدادات لخلق بيئة مثالية قبل وصول الأفراد.
- الاتصال والتكامل: تتصل العديد من منظمات الحرارة الذكية بشبكات Wi-Fi، مما يتيح التكامل السلس مع الأجهزة الذكية الأخرى في المنزل؛ حيث يمكنهم التفاعل مع المساعدين الصوتيين مثل Alexa أو Google Home، مما يوفر تحكمًا بدون استخدام اليدين ويزيد من الراحة.
- رؤى استخدام الطاقة: توفر منظمات الحرارة الذكية رؤى تفصيلية حول استهلاك الطاقة، مما يسمح للأفراد بتتبع أنماط الاستخدام واتخاذ قرارات مستنيرة لتقليل إهدار الطاقة وخفض فواتير الخدمات.
- الاستدامة: من خلال تقليل استهلاك الطاقة وتعزيز التشغيل الفعّال للتدفئة والتهوية وتكييف الهواء، تساهم منظمات الحرارة الذكية في نمط حياة أكثر استدامة؛ حيث إنها تساعد في تقليل البصمة الكربونية وتدعم جهود الحفاظ على البيئة.
دور البيوت الذكية في تعزيز أسلوب الحياة المستدام
تتمثل إحدى الطرق الرئيسة التي تساهم بها المنازل الذكية في الاستدامة في تحسين استهلاك الطاقة؛ حيث يمكن برمجة الأجهزة مثل منظمات الحرارة الذكية وأنظمة الإضاءة والأجهزة لاستخدام الطاقة عند الحاجة فقط، مما يقلل من النفايات غير الضرورية. علاوة على ذلك، تدمج العديد من المنازل الذكية مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية، وبالتالي لا تتحول إلى منازل ذكية فحسب، بل إلى منازل مستدامة.
جانب آخر هو التغيير في استخدام المساحات في المنزل الذكي؛ حيث تتيح إدارة المنزل الذكي الاستخدام المرن والفعّال للمساحات غير المشغولة، مما يزيد من تعزيز الاستدامة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تستخدم تقنية المنزل الذكي منتجات متقدمة تبسط الحياة اليومية مع كونها صديقة للبيئة.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yMTAg جزيرة ام اند امز