رائحة التشديد النقدي تنبعث من مقر الفيدرالي الأمريكي.. أسرار الاجتماع الأخير
جميع المشاركين تقريبا في اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير، اتفقوا على أنه من الملائم رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس
وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن السياسة النقدية، والذي نشر منذ قليل، اتفاق أغلبية قوية من مسؤولي البنك على إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة الرئيسية إلى ربع نقطة مئوية، لكنهم اتفقوا أيضا على أن مخاطر التضخم المرتفع لا تزال "عاملا رئيسيا" في تشكيل السياسة النقدية وأكدوا استمرار رفع أسعار الفائدة حتى تتم السيطرة على التضخم.
ولا يبدو أن قرار الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة، كان بموافقة الجميع، إذ تم الكشف اليوم الأربعاء عن رفض عضوين على الأقل من إجمالي الأعضاء التسعة.
- مؤشرات متباينة للاقتصاد الأمريكي.. هل يواصل الفيدرالي رفع الفائدة؟
- ما الذي دفع الدين العام الأمريكي للوصول إلى سقفه؟
إلى جانب هذه المعلومة التي فاجأت الأسواق الأمريكية، فإن عديد البيانات الاقتصادية التي صدرت بعد اجتماع الفيدرالي الأخير مطلع فبراير/شباط الجاري، تشي باحتمالية كبيرة لعودة التشديد النقدي في اجتماع مارس/آذار المقبل.
أبرز البيانات التي صدرت مؤخرا في السوق الأمريكية، وتستدعي مزيدا من التشديد النقدي، تتمثل في مبيعات التجزئة القوية، وانتعاش أقوى من المتوقع في أسعار المنتجين الأمريكيين، بينما أسعار المستهلك لا تتباطأ بالقدر الذي كان متوقعا.
واليوم، نشر محافظو البنوك المركزية الأمريكية محضر الاجتماع الذي صوتوا بالإجماع فيه على رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية فقط. كان هذا اعتدالًا من ارتفاع بمقدار نصف نقطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد 4 زيادات متتالية بحجم 75 نقطة أساس.
لكن اثنين من صانعي السياسة المتشددان، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، قالا الأسبوع الماضي إنهما نظرا إلى أهمية القيام برفع آخر بمقدار 50 نقطة أساسية في الاجتماع الماضي.
وأشارا إلى أن زيادة أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، يجب أن يبقى مطروحا خلال الاجتماعات الثلاثة الأولى من عام 2023.
وجاء في محضر الاجتماع الذي عقد في 31 يناير/ كانون الثاني والأول من فبراير/ شباط، والذي نشر اليوم الأربعاء "اتفق جميع المشاركين تقريبا على أنه من المناسب رفع النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الاتحادية 25 نقطة أساس". وقال الكثير من المشاركين إن هذا من شأنه أن يتيح لمجلس الاحتياطي الاتحادي "تحديد مدى" الزيادات المستقبلية بشكل أفضل.
ومع ذلك "أشار المشاركون بشكل عام إلى أن المخاطر المتزايدة لتوقعات التضخم لا تزال تمثل عاملا رئيسيا في تشكيل توقعات السياسة النقدية"، وأن الأمر سيتطلب رفع أسعار الفائدة وإبقاءها مرتفعة "حتى يتجه التضخم إلى تحقيق هدف وصوله إلى اثنين بالمئة".
وأيد "عدد قليل" فقط من المشاركين في الاجتماع زيادة أكبر هي نصف نقطة مئوية لأسعار الفائدة، أو قالوا إنهم "يمكن أن يؤيدوا ذلك".
وأظهر المحضر أن الاحتياطي الاتحادي يتجه نحو نقطة نهاية محتملة لزيادة معدلات الفائدة الحالية، وكذلك يتجه إلى إبطاء الوتيرة من أجل الاقتراب بشكل أكثر حذرا من نقطة توقف محتملة مع ترك المجال مفتوحا لمدى رفع المعدلات في نهاية المطاف في حالة عدم تباطؤ التضخم.
وأشار المحضر إلى أن "المشاركين اتفقوا على أن لجنة (السوق المفتوحة الاتحادية) أحرزت تقدما كبيرا خلال العام الماضي في التحرك نحو وضع تقييدي بما فيه الكفاية للسياسة النقدية".
ويمكن لقراءة الاجتماع الماضي، أن يقدم نظرة ثاقبة حول ما إذا كان هذان المسؤولان اللذان لم يصوتا في قرارات السياسة النقدية الأخير، أو إذا كان هناك آخرون يشاركونهم وجهة نظرهم.
ومع ذلك، رفض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، احتمال العودة إلى ارتفاعات أكبر، قائلاً يوم الجمعة الماضية، إن زيادة بمقدار 25 نقطة أساسية تمنح المسؤولين مزيدا من المرونة.
قد يضع المسؤولون في الفيدرالي معيارا عاليا للعودة إلى زيادات معدل النصف نقطة؛ لكن عمير شريف، مؤسس Inflation Insights، قال إنه إذا دعم المزيد من صانعي السياسة الإبقاء على خيار تحرك أكبر، فقد يلمح ذلك إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون منفتحا على رفع معدلات أعلى مما كان متوقعا في السابق لقمع التضخم القوي.
وقال شريف: "هذا على الأقل يعطينا فكرة عن مدى السرعة التي قد يتحول بها بنك الاحتياطي الفيدرالي إذا لزم الأمر.. إذا كنت تعتقد أن الرقم 50 مطروحا على الطاولة، فمن المحتمل أن يشير ذلك إلى أن سعر الفائدة النهائي سيكون أعلى أيضا".
ولكن في أعقاب البيانات الاقتصادية القوية والرسائل المتشددة من بعض صانعي السياسة، ترى الأسواق الآن أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمدد حملته لرفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان متوقعًا في السابق.
يتم تسعير الزيادات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة بالكامل في شهري مارس ومايو، كما أن احتمالات حدوث تحرك آخر من هذا القبيل في يونيو مرتفعة.
وقال شريف إن المحضر يكشف أيضا كيف فسّر المسؤولون البيانات المتوفرة لديهم بحلول وقت الاجتماع، ويقدم أدلة حول كيفية تفسيرهم للبيانات القوية التي تم إصدارها منذ الاجتماع.
أمام هذه الخلافات داخل الفيدرالي، فإن عودة التشديد النقدي قد تكون قائمة في الاجتماع المقبل، ما يعني أن صدمة بانتظار سوق الأسهم التي تعافت خلال العام الجاري.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز