تملك وكالة أنباء التواصل الاجتماعي مقومات وكالات الأنباء التقليدية إن لم تتفوق عليها بمراحل، إلا أنها تفتقد أخلاقيات وآداب المهنة.
جاءت فكرة وكالات الأنباء التقليدية لأسباب عدة منها اقتصادية، ومنها كعمل إعلامي بحت، ومنها موجهة بحيث تستهدف مجموعة أو دولاً محددة لغرض سياسي أو فكري معين أو تمرير أجندات مختلفة، ورغم اختلاف الأهداف فإن هذه الوكالات تعمل ظاهرياً بمهنية إعلامية وفي إطار أدبي متفق عليه.
تملك وكالة أنباء التواصل الاجتماعي مقومات وكالات الأنباء التقليدية إن لم تتفوق عليها بمراحل، إلا أنها تفتقد أخلاقيات وآداب المهنة الإعلامية، فلهذا تجاوزت في كثير من الأحيان الخطوط الحمراء لبعض المجتمعات والقيم العلمية والمبادئ الفكرية.
أما تطبيقات التواصل الاجتماعي التي احتلت مساحة هائلة من الإعلام فقد أنشأت لنفسها ودون أن تخطط أو تشعر وكالة أنباء عالمية غير معلنة نستطيع أن نطلق عليها "وكالة أنباء التواصل الاجتماعي" وهذه الوكالة العالمية أو الإمبراطورية بها جيش من المراسلين لا يقدر لهم عدد، ورغم ذلك لا تنظم أعمالها أي منظمة ولا يحدها حدود ولا تنتمي لدولة محددة.
ومنتسبو هذه الإمبراطورية مختلفون في ثقافاتهم وميولهم وأعراقهم ومعتقداتهم وأفكارهم ودوافعهم، فمنهم المختصون في العلوم المختلفة، ومنهم المتطفلون على كل العلوم، ومنهم الطبقة الكادحة التي تعمل في مجال القص واللصق، وهناك من عيّن نفسه في هذه المؤسسة الإعلامية العالمية غير المعلنة بوظيفة الضاغط على أزرار الاستقبال والإرسال وتدرج منهم في هذه الوظيفة حتى أصبح من كبار موظفي وكالة أنباء التواصل الاجتماعي.
ولا يشترط في موظفي وكالة أنباء التواصل الاجتماعي العالمي بما فيهم مراسلوها الذين يضغطون على زر الإرسال أن يفقهوا فحوى كل ما أرسلوه، كما أن في صفوف هذه الوكالة مختصين وغير مختصين في كل المجالات الإعلامية التقليدية "سياسة، اقتصاد، رياضة، ثقافة، رأي، دراسات، فنون، وغيرها"، بالإضافة إلى تخصصات مشبوهة مثل "الإشاعات، الجدل العقيم، القنابل الموقوتة، علماء الجهل في كل العلوم وغيرها من المجالات التي لا يمكن تصنيفها إلا وفق تفاهات البعض أو أجندات البعض الآخر".
وتملك وكالة أنباء التواصل الاجتماعي مقومات وكالات الأنباء التقليدية إن لم تتفوق عليها بمراحل، إلا أنها تفتقد أخلاقيات وآداب المهنة الإعلامية، فلهذا تجاوزت في كثير من الأحيان الخطوط الحمراء لبعض المجتمعات والقيم العلمية والمبادئ الفكرية والمسلمات الطبيعية وغيرها مما يؤمن به شريحة كبيرة من الناس.
وهنا سؤال يفرض نفسه كيف سيتعامل من يأتي بعدنا بمئات السنين مع وكالة أنباء التواصل الاجتماعي العالمية التي تفقد الكثير من مصداقيتها التي لا يمكن حصرها.
وكيف سيتم التمييز بين محتوياتها الضارة والنافعة، والهادفة والهادمة، والإشاعة والحقيقة، ففي هذه الوكالة غير التقليدية ما أن تتناول خبراً إلا وتجد نقيضه جاهزاً في صفحة أخرى، وعندما تقرأ مناقب شخص ففي الصفحة التي تليها تجد كل عيوبه التي فيه أو الملفقة له، كما أن كل معلومة علمية أو غيرها تجد ما ينسفها، مما لا شك فإن مهمتهم ستكون شاقة لا سيما أن هذه الوكالة قضت الاعتماد على الأوراق بصورة كبيرة، فهل سيأتي من يقنن عالمية هذه الوكالة أو يعيد للأوراق هيبتها؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة