سقطرى اليمنية "بلا قات".. مكاسب مالية وصحية وسياحية
أصبحت محافظة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي أول محافظة يمنية تعلن حظر شجرة "القات"، الذي يمضغه غالبية اليمنيين ويعد جزءاً من تقاليدهم بمن فيهم النساء.
واتخذ محافظ أرخبيل سقطرى رأفت الثقلي الأسبوع الماضي قرارا يقضي بعدم السماح نهائياً بدخول شجرة القات إلى الأرخبيل، الذي يجذب سنوياً آلاف السياح، وذلك عبر المنافذ البحرية والجوية أو الاتجار بها أو ترويجها "للحفاظ على بيئة سقطرى وثقافتها وعلى الشباب ومستقبلهم".
وأمس الخميس، خاطب محافظ محافظة أرخبيل سقطرى بمذكرات رسمية طالعتها "العين الإخبارية"، كلاً من وزير النقل ومحافظي محافظات عدن وحضرموت والمهرة، بالتعاون مع سلطاته وتوجيه المنافذ الجوية والبحرية لديهم بمنع تصدير القات إلى الجزيرة.
وتتألف محافظة سقطرى اليمنية من أرخبيل يضم 6 جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن، على بعد 380 كيلومترا "240 ميلا" جنوب شبه جزيرة العرب، وتعتبر أكبر الجزر العربية.
لكن قرار السلطات في سقطرى الذي حظي بدعم قبلي وشعبي كبير من الواضح أنه يواجه تحديدات عدة إثر تناول القات من قبل الكثيرين ما دفع قبليون لمؤازرة جهود السلطات في مسعى لحظر القات كلياً عن الأرخبيل المعزول والمصنف على قائمة التراث الإنساني لليونسكو منذ 2008.
كما أن القرار ليس الأول الذي تتخذه سلطات اليمن بشأن نبات القات، وسبق أن قررت السلطات في عدن منتصف مايو/أيار 2016، منع دخول القات، جميع أيام الأسبوع، ما عدا الخميس والجمعة، لكن القرار لم ينفذ على أرض الواقع ولم يلق استجابة من جميع سكان عاصمة البلاد المؤقتة.
مطلب مجتمعي
وأرجعت السلطات في سقطرى أسباب صدور القرار الذي أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي إلى المطالب المجتمعية بحظر شجرة القات عن الأرخبيل.
وقالت سلطات سقطرى، في بيان، إنها اتخذت القرار بسبب الأضرار التي تتسبب بها شجرة القات المخدرة اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، مؤكدة أنها ستضبط موردي وبائعي شجرة القات وتتخذ أقصى العقوبات في حق كل المخالفين.
وقال محافظ سقطرى رأفت علي الثقلي، لـ"العين الإخبارية"، إن قرار منع دخول شجرة القات عبر المنافذ البحرية والجوية جاء استجابة لكل المناشدات الإنسانية والوطنية للمشايخ والأعيان وكل المنظمات المجتمع المدني المحلي والأجهزة الأمنية والعسكرية.
وأشار إلى أضرار الشجرة الخبيثة من أمراض ومشاكل أسرية واجتماعية فضلا عن الحفاظ على بيئة سقطرى وثقافتها وعلى الشباب ومستقبلهم.
وأكد الثقلي لـ"العين الإخبارية" أن القرار كان مطلبا مجتمعيا حفاظا على الشباب كما صدر تلبية لمطالبات رسمية من المشائخ ومنظمات المجتمع المدني والتي سوف تنشر لاحقا.
وحول التحديات التي تعترض القرار، أكد المسؤول اليمني جاهزة الأجهزة الأمنية والعسكرية لتنفيذه.
وقال الثقلي: "ماضون في تنفيذ القرار رغم كل التحديات التي تعترض تنفيذ القرار"، مضيفا أن "شجرة القات لا تزرع في سقطرى وهي محمية عالمية وعليه سوف يتفاعل المجتمع من أجل تنفيذ القرار".
ويتم استخدام القات على نطاق واسع في اليمن، وطبقاً لدراسات اقتصادية فإن المحصول الزراعي يحقق أعلى ربح تجاري، وأن خسائر اليمنيين من تعاطيه تتجاوز ما يعادل
التفاف قبلي
وحظي قرار حظر القات في سقطرى بدعم والتفاف قبلي وشعبي كبير، حيث عقد مشائخ العزم على القضاء على هذه الممارسة لإيمانهم بأن مضغ وإنتاج القات يخنق قدرات سقطرى ويستنزف القليل الذي تبقى من موارد البلاد الطبيعية.
وقال الشيخ القبلي أحمد عبدالله إن منع القات مطلب مطالب أبناء محافظة سقطرى، لإزالة القات لأنه أثر سلبيا على أبناء سقطرى.
وأضاف في مقطع مصور تابعته "العين الإخبارية"، أن القات " خلف تدمير الكثير من البيوت بعد أن أصبح رب الأسرة فقيرا محتاجا لا يملك المال الذي يكفيه ويكفي عياله".
وأكد أن شجرة القات لا تزرع في سقطرى ولكنه يتم جلبها من المحافظات التي تزرع هذا النبتة وغالبيتها في شمال البلاد، حاثا السلطات في سقطرى إلى معاقبة كل من يورد او يتناول القات في هذه الجزيرة السياحية الفاتنة.
وقال "سينجح حظر القات بفضل الالتفاف الشعبي والقبلي خلفه لأنه أصبح مطلب ملح في جزيرة سياحية باتت تتهددها المظاهر السيئة".
وكان مجلس الاتحاد القبلي في سقطرى أعلن تأييده منقطع النظير لتكون محافظة الأرخبيل خالية من آفة القات.
وأشار في بيان إلى "المظاهر الدخيلة على المجتمع السقطري وكذا لما لتلك الشجرة من تبعات وأضرار متعددة على مستوى الفئات المتأثرة به وما تخلفه من عواقب وخيمة على عامة المجتمع بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
وأكد أهمية "الحفاظ على ديمومة طبيعة سقطرى ومظهرها الخلاب والخلو من آثار هذه الشجرة وما تعكسه على المستهلكين وبالذات الفئات الأقل سناً ودخلاً".
وحث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي السلطات إلى تكليف فريق قانوني بصياغة لائحة عقوبات تحظر توريد وبيع وتعاطي القات في سقطرى والرفع بها إلى الحكومة اليمنية لإقرارها حفاظا على الطبيعية الجمالية لمحافظة سقطرى كجزيرة عالمية.
نشطاء آخرون حثوا السلطات في سقطرى على التدرج في تنفيذ القرار لصعوبة حظر القات كليا بسبب تناوله من قبل الكثيرين وحتى لا يتم افشال القرار كما حدث في محافظات أخرى.
وأدرجت منظمة الصحة العاليمة القات عام 1973 ضمن قائمة المواد المخدرة.
ويقول البنك الدولي إن واحدا من كل 7 يمنيين يعملون في إنتاج وتوزيع القات مما يجعله اكبر مصدر للدخل في الريف وثاني أكبر مصدر للوظائف في البلاد بعد قطاعي الزراعة والرعي ليفوق القطاع العام نفسه.
ويعد القات هو المحصول الاسرع نموا في اليمن ويستهلك 50 في المئة من مساحة الأراضي الزراعية, وتعترف أسر يمنية فقيرة كثيرة بإنفاق أكثر من نصف دخلها على هذا النبات.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4xMzMg جزيرة ام اند امز