كيف تسهم ميكروبات التربة في الاحتباس الحراري؟ (مقابلة)

عندما تقوم الميكروبات بتحليل المواد العضوية في التربة، فإنها تطلق ثاني أكسيد الكربون بنشاط في الغلاف الجوي.

وتظهر دراسة جديدة لفريق بحثي سويسري، نشرت مؤخرا في دورية "نيتشر كومينيكيشن"، أن هذه الانبعاثات يمكن أن ترتفع بنسبة تصل إلى 40%  بحلول نهاية القرن، والأهم من ذلك في المناطق القطبية.

• غذاء البشر والاحتباس الحراري.. عدو لدود على المائدة

ويعتبر ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي حافزا أساسيا للاحترار العالمي، وتقدر تلك الدراسة الجديدة، أن خُمس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ينشأ من مصادر التربة، ويعزى ذلك جزئيا إلى نشاط ميكروبات التربة، بما في ذلك البكتيريا والفطريات والكائنات الدقيقة الأخرى التي تحلل المواد العضوية في التربة باستخدام الأكسجين، وخلال هذه العملية، يتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

فكيف يمكن التقليل من الكربون الذي تسببه هذه العملية، وما هي الرسالة التي تبعثها تلك الدراسة لمؤتمر المناخ القادم في دولة الإمارات (كوب 28 ).. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها ألون نيسان، من معهد الهندسة البيئية، بالمعهد الفيدرالي للتكنولوجيا بزيورخ بسويسرا، والباحث الرئيسي بالدراسة، في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".

ما دوافعكم لإجراء هذه الدراسة؟

الدافع وراء هذا البحث هو اكتساب فهم شامل للعمليات الدقيقة الأساسية التي تحكم عمليات التنفس غير المتجانسة في التربة، وبدلاً من الاعتماد فقط على النهج القائم على البيانات ، فإن الهدف هو تطوير إطار رياضي عام لتقييم التنفس غير المتجانس للتربة عبر النظم البيئية المختلفة، وبالنظر إلى أن التنفس غير المتجانس هو مصدر أرضي مهم للكربون المنطلق في الغلاف الجوي ، فمن الأهمية بمكان فهم كيفية استجابته لارتفاع درجة حرارة المناخ، من خلال فهم هذه الاستجابة، يمكننا فهم التغييرات المحتملة التي قد تحدث في دورة الكربون العالمية في المستقبل بشكل أفضل.

وكيف تكون نتائج دراستكم مفيدة في مواجهة الاحتباس الحراري؟

هذا سؤال معقد، ولست واثقًا تمامًا من قدرتي على تقديم إجابة نهائية، ومع ذلك، بناءً على بحثنا، من الواضح أن الزيادة المستمرة في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والارتفاع اللاحق في درجات الحرارة (من صنع الإنسان) سيكون لهما تأثير إيجابي على نشاط التمثيل الغذائي للكائنات الحية الدقيقة، وبالتالي، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

عامل حاسم آخر يجب مراعاته هو المخزونات العضوية الموجودة في التربة، حيث أظهرت دراستنا أنه حتى في ظل أكثر السيناريوهات المناخية تطرفًا ، تمتلك هذه الكائنات الدقيقة كمية كافية من المواد العضوية داخل التربة للحفاظ على الارتفاع المتوقع في التنفس غير المتجانس، ومع ذلك ، للحصول على فهم كامل لهذه الظاهرة ، من الضروري دمج مدخلات التمثيل الضوئي في التوازن العام.

وهل يمكن تنفيذ تدخلات محددة تسهم في تقليل مساهمة ميكروبات التربة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؟

بالتأكيد، بناءً على النتائج التي توصلنا إليها، من الواضح أن رطوبة التربة وخصائص التربة لها تأثير على التنفس غير المتجانس ويمكن إدارتها في سياقات معينة، مثل الزراعة، ومع ذلك ، عند النظر إلى المقياس العالمي ، فإن التطبيق العملي للتحكم المباشر في تدفق ثاني أكسيد الكربون الناتج عن التنفس غير المتجانس يصبح محدودًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا.

لذلك، أعتقد أن نهجنا يجب أن يركز بشكل أساسي على معالجة الأنشطة البشرية المباشرة التي تساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهذا يستلزم التركيز على موارد الطاقة والترويج لاعتماد بدائل الطاقة الخضراء، فمن خلال إعطاء الأولوية لهذه المصادر المباشرة للانبعاثات، يمكن أن يكون لدينا تأثير ملموس وأكثر أهمية على التخفيف من تغير المناخ، بدلاً من التركيز فقط على العمليات غير المباشرة مثل التنفس غير المتجانس.

وما الرسالة التي يمكن أن ترسلها نتائج دراستكم إلى قمة المناخ المقبلة (COP 28) في الإمارات؟

لقد وجدنا بالفعل اكتشافًا مثيرًا للاهتمام فيما يتعلق بالآثار غير المباشرة للأنشطة البشرية ، والتي قد يكون لها تأثير أكبر على كوكبنا مقارنة بالأنشطة البشرية المباشرة مثل التأثيرات البشرية، ويشير هذا إلى أن نتائجنا تلقي الضوء على جانب مهم من السيناريو البيئي العالمي.

ومن الأهمية بمكان إدراك أن معالجة الأنشطة البشرية المباشرة وغير المباشرة أمر ضروري للتصدي بفعالية للتحديات التي يفرضها تغير المناخ، وفي حين أن الأنشطة البشرية المباشرة تساهم بشكل مباشر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإن الآثار غير المباشرة ، مثل تلك المتعلقة بالتنفس غير المتجانس، يمكن أن يضخم التأثير الكلي على نظام مناخ الأرض، لذلك ، فإن اتباع نهج شامل يأخذ في الاعتبار الآثار المباشرة وغير المباشرة أمر ضروري لتطوير استراتيجيات فعالة للتخفيف من تغير المناخ.

في تقديرك، ما أهم الملفات التي يجب أن تهتم بها القمة؟

أعتقد أن التركيز على التنظيم العملي والمنطقي فيما يتعلق بطلبنا ومواردنا للطاقة أمر بالغ الأهمية