اختراع لإطالة عمر بطاريات الطاقة الشمسية وتخفيض سعرها
الابتكار يعتمد على مواد جديدة مؤلفة من بوليمرات عضوية مسامية لتسهيل اختزان الطاقة الكهربية الفائضة من الألواح الشمسية.
"لماذا نضطر شهريا إلى تحمل فاتورة الكهرباء المرتفعة، ألا يمكن أن نستخدم خلايا الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء؟".. هذا السؤال يتردد في كثير من الأسر المصرية، التي تعلّم أبناؤها في الكتب الدراسية أهمية الطاقة الشمسية، بينما لا يجدون لما تعلموه تطبيقا على أرض الواقع، إذ لا تزال استخدامات تلك الطاقة محدودة جدا في مصر.
ومن بين أهم الأسباب التي أدت لذلك، ما يتعلق بالحاجة إلى تخزين الفائض من الطاقة خلال ساعات النهار لاستخدامها حين الحاجة في ساعات الليل، حيث لا يوجد سطوع للشمس يسمح بتوليد الألواح الشمسية للطاقة، وهي المشكلة التي عمل فريق بحثي من مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمصر على حلها من خلال بحث نشر في دورية (ChemCatChem).
يقول الدكتور محمد الكردي، المدير المشارك لمركز علوم المواد بالمدينة لـ"العين الإخبارية": "الحلول المتاحة حاليا لتخزين الطاقة خلال ساعات النهار لاستخدامها ليلا تتمثل في استخدام البطاريات، التي ما زالت رغم ما تشهده من تقدم في أساليب تصنيعها، عالية التكلفة، وبعمر افتراضي يقتضي استبدالها كل فترة، هذا فضلا عن الأثر البيئي الملحوظ نتيجة للتخلص من التالف منها، وهي التحديات التي حاولنا تجاوزها في بحثنا الجديد".
ويضيف: "ما فعلناه بمركز علوم المواد هو ابتكار مواد جديدة مؤلفة من بوليمرات عضوية مسامية محملة على ألواح الجرافين لاستخدامها كعامل حفاز لتسهيل اختزان الطاقة الكهربية الفائضة من الألواح الشمسية في طاقة كيميائية من خلال تحليل الماء إلى أحد عناصره الرئيسية، وهي الأكسجين".
والجديد الذي قدمه الفريق البحثي، كما يوضح الكردي، هو التوصل لتلك البوليمرات المسامية التي لها قابلية لامتصاص أيونات النيكل التي يتم تحميلها في هذه البوليمرات للوصول إلى العامل الحفاز المطلوب لإنجاز عملية التحليل الكهربي للماء.
وتحتاج عملية توليد الأكسجين إلى استخدام جهاز يعرف باسم "المحلل الكهربي" في وجود معدن "البلاتين" المحفز لعملية التفاعل وهو غالي الثمن، ولذلك كان اهتمام الفريق البحثي بتوفير عنصر رخيص الثمن مقارنة بالبلاتين، لإتمام هذا التفاعل في ظروف أقل كلفة، وبالتالي قد تمهد الطريق لتكنولوجيا مستقبلية في هذا الاتجاه.
ويضيف الكردي أنه بعد توليد الأكسجين من الماء بتقنية رخيصة في عملية التحليل الكهربي، يحدث له تفاعل مع الهيدروجين، وهو من نواتج هذا التفاعل أيضا، داخل ما يعرف بخلايا الطاقة لإنتاج التيار الكهربي والماء، وبذلك تكتمل الحلقة ما بين تخزين الفائض من الطاقة الشمسية في صورة كيميائية عن طريق التحليل الكهربي للماء، وما بين استخرج الطاقة الكهربائية من تلك الطاقة الكيميائية.
ويأمل الفريق البحثي في أن تساعد هذه الآلية، مصر في تحقيق أحد أهم بنود استراتيجية الطاقة المتجددة، والتي تتضمن هدفا بأن تلبي مصادر الطاقة المتجددة 20% من احتياجاتها من الطاقة بحلول 2022.
وتتضمن هذه الآلية الجديدة كل مقومات النجاح، كما يؤكد الكردي، فهي يمكنها تخفيض أسعار البطاريات بمعدل لن يقل عن 30%، هذا فضلا عن مزاياها المتعلقة بطول العمر الافتراضي بما يحد من الآثار البيئية المتمثلة في التخلص من البطاريات التالفة.
وعن الخروج بهذا الجهد البحثي إلى حيز التطبيق، يقول إن التعاون قائم حاليا مع الباحثين ببرامج هندسة البيئة وهندسة مواد الطاقة المتجددة بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا لبلورة هذه الفكرة في شكل منتج، حيث إن الخروج من حيز التجارب المعملية إلى حيز التطبيق يتطلب تضافر جهود الباحثين في أكثر من مجال، وهو إحدى الركائز الأساسية لجهود البحث العلمي بالمدينة.