البيروفسكايت.. خلايا شمسية تعمل بالمناخ المتطرف (مقابلة)
رغم فرق تكلفة إنتاج الخلايا الشمسية من السيليكون، مقارنة بمادة "البيروفسكايت"، فإن الأولى هي الأوفر حظا في الانتشار.
كذلك تعد الأولى هي الأقل تلويثا للبيئة.
وبينما تعمل فرق بحثية حول العالم على علاج هاتين المشكلتين، اهتم فريق بحثي من "معهد هلمهولتز برلين لأبحاث المواد والطاقة"، بطريق ثالث، وهو إكساب خلايا البيروفسكايت ميزة تنافسية، تتمثل في العمل بظروف المناخ المتطرف، وهي المشكلة الرئيسية التي تعاني منها خلايا السيليكون، والتي لا تجعلها مناسبة للاستخدام في كل الأماكن.
فما هي الإضافة المميزة التي أكسبت خلايا "البيروفسكايت" هذه الميزة، وهل هذه الميزة كافية لكي تصبح منافسا قويا لخلايا السيلكون؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، محمود الدماصي، باحث الدكتوراه في "معهد هلمهولتز برلين لأبحاث المواد والطاقة"، والباحث المشارك في هذا الاختراع، الذي تم نشر تفاصيله في الدراسة المنشورة 26 يناير / كانون الثاني في دورية "ساينس".
ما هي خلايا البيروفسكايت الشمسية؟
هي خلايا مصنوعة من مادة البيروفسكايت، التي اكتشفها عالم الفلزات الروسي ليف بيروفسكي لأول مرة عام 1839 في جبال الأورال في روسيا، وسميت بهذا الاسم تيمنا به، ورغم مرور زمن طويل على اكتشافها، إلا أنه فقط في 2009 ، أثبت العلماء خصائص هذه المادة الكهروضوئية، وتم إنتاج أول خلية شمسية منها في عام 2011، وكانت كفاءتها 3.5%.
وماذا حدث منذ عام 2011 حتى الآن؟
منذ عام 2011، وحتى الآن، تطور تصنيع تلك الخلايا معمليا بسرعة كبيرة، حتى تم التوصل مؤخرا إلى كفاءة 25.7%.
نسبة جيدة للغاية خلال مدة قصيرة.. أليس كذلك؟
بالضبط، فقد احتاجت خلايا السيليكون الشمسية المتداولة تجاريا مدة تصل إلى 30 عاما، للوصول إلى هذا المعدل، ولكنها تجاوزته الآن، فضلا عنها أطول عمرا وأقل تلويثا للبيئة من خلايا البيروفسكايت، لذلك فإن الأخيرة لم يتم إنتاجها حتى الآن على نطاق تجاري.
ألا تعد تكلفتها البسيطة قياسا بالسيليكون ميزة تنافسية، حتى لو كانت أقصر عمرا؟
الفرق البحثية حول العالم نجحت في إنتاج خلايا شمسية من نوع (البيروفسكايت) تظل تعمل بكفاءة حتى عمر 10 سنوات، ولكن هذا العمر لا يزال أقل بنحو 10 سنوات من عمر خلايا السيليكون، التي يمكن أن تحافظ على كفاءتها حتى 20 سنة، ولكن كما قلت في سؤالك، يمكن عند مقارنة تكلفة خلايا (البيروفسكايت)، مع تكلفة خلايا السيليكون، أن يكون عمر 10-15 سنة، ذو جدوى اقتصادية.
وهل اختراعكم الجديد يسعى لرفع عمر تلك الخلايا؟
هناك فرق بحثية أخرى تعمل بقوة نحو رفع العمر الافتراضي، لإكساب تلك الخلايا المزيد من الجدوى الاقتصادية، لكن بحثنا يركز على إكساب تلك الخلايا ميزة تنافسية أخرى، وهي (الثبات الحراري)، حيث نجحنا في الوصول إلى معدل لم يسبقنا له أحد.
وما هو هذا المعدل؟
نجحنا في إنتاج خليه لها القدرة على الحفاظ على كفاءتها وثباتها الكيميائي والفيزيائي في درجات الحرارة المتطرفة "من سالب 60 درجة مئوية وحتى موجب 80 درجة"، وهو ما يجعلها مناسبة للعمل بشكل كبير في المناطق الصحراوية التي تشكل مساحات شاسعة من المنطقة العربية، حيث يتميز طقس تلك المناطق بالتباين الشديد بين حرارة شديدة نهارا، وبروده شديدة ليلا، كما يمكن لهذه الخلايا العمل حتى في مناطق مثل القطب الشمالي.
وكيف نجحتم في ذلك؟
استخدمنا مادة عالية القطبية تعرف اختصارا باسم (جزيئات توبو TOPO molecules)، والتي تحسن عند وضعها على سطح خلايا (البيروفسكايت)، من خصائصها الفيزيائية والكيميائية والكهروضوئية، مما يعطيها ثباتا حراريا عند معدل (سالب 60 درجة مئوية وحتى موجب 80 درجة)، واحتفظت الخلية المعاملة بتلك المادة، بأكثر من 90 ٪ من كفاءتها بعد ظروف الاختبار لمدة 3000 ساعة، والتي تمت باستخدام المحاكيات الضوئية المعملية، وحققت كفاءة 24.6%.
لكن كما فهمت من حديثك أن خلايا السيليكون أقل تلويثا للبيئة، ألا يعد ذلك كافيا لانتشارها، على حساب خلايا البيروفسكايت حتى لو تم إكساب الأخيرة مزايا تشغيلية مهمة؟
هناك فرق بحثية تعمل على حل المشاكل البيئية للبيروفساكيت، وأنا شخصيا أعمل على حل المشكلة في رسالتي للدكتوراه.
وما هي المشكلة البيئية لخلايا البيروفسكايت؟
يدخل في تصنيع تلك الخلايا "الرصاص"، والذي يعد مشكلة بيئية عند انتهاء عمر الخلايا افتراضيا، بسبب قابليته للذوبان في الماء، مما يجعله خطرا على مجاري الأنهار والتربة الزراعية، وأسعى في رسالة الدكتوراه إلى استبدال الرصاص بالقصدير، الذي رغم أنه أيضا من المواد شديدة السمية، إلا أنه في حالة تلف الخلية الشمسية أو تسرب مكوناتها للبيئة الخارجية، يتأكسد إلى أكسيد القصدير بمجرد تعرضه للهواء، وهو مادة لا تذوب في الماء، وبالتالي لن تشكل خطرا على البيئة.
وماذا عن الخروج بهذا الاختراع من النطاق المعملي إلى الإنتاج التجاري؟
سنتعاون في المرحلة المقبلة مع بعض الشركات الألمانية التي تعمل على نقل تكنولوجيا خلايا "البيروفسكايت" من المعمل إلى التطبيق العملي، لاسيما أن مزايا "الثبات الحراري"، التي تم إثباتها تعطي تلك الخلايا ميزة تنافسية.
aXA6IDE4LjIxNy40LjI1MCA= جزيرة ام اند امز