حل لغز «الحمار الوحشي» الكوني.. اكتشاف جديد يكشف أسرار سديم السرطان
نجح عالم فيزياء فلكية من جامعة كانساس في حلّ لغزا عمره ما يقرب من عقدين حول أصل نمط "الحمار الوحشي" الغامض الذي يظهر في نبضات الراديو عالية التردد من سديم السرطان، وتم نشر نتائجه مؤخرا في مجلة "فيزيكال ريفيو ليترز".
ويتوسط سديم السرطان نجم نيوتروني (بقايا نجم انفجر في سوبرنوفا) تشكل في شكل "نابض" يدور بسرعة ويبعث إشعاعات كهرومغناطيسية عبر الكون.
ويقول البروفيسور ميخائيل ميدفيديف، أستاذ الفيزياء والفلك بجامعة كانساس والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن هذا النجم يشبه شعاع منارة يمر بانتظام فوق الأرض مع كل دوران.وأوضح ميدفيديف: "نلاحظ هذه الانبعاثات على شكل نبضات، عادةً نبضة أو اثنتين في كل دورة، و النجم النابض الذي نتحدث عنه هنا يُعرف باسم (نابض السرطان)، وهو يقع في مركز سديم السرطان على بُعد 6000 سنة ضوئية من الأرض".
وسديم السرطان هو بقايا انفجار سوبرنوفا رُصد لأول مرة في عام 1054، حيث سجلت السجلات التاريخية، بما في ذلك السجلات الصينية، ظهور نجم شديد السطوع في السماء، لكن ما يميز هذا النجم النابض عن غيره هو (نمط الحمار الوحشي) الذي يتكون من تباعد غير عادي بين ترددات موجات الراديو، بالإضافة إلى ميزات غريبة أخرى مثل الاستقطاب العالي والثبات.
وأضاف ميدفيديف: "هذا هو الجسم الوحيد الذي نعرفه والذي ينتج نمط الحمار الوحشي، ويظهر فقط في أحد مكونات الإشعاع من نابض السرطان، بينما النبضة الرئيسية تبدو تقليدية ومماثلة لما نراه في معظم النجوم النابضة".
ومنذ اكتشاف هذا النمط في عام 2007، حاول الباحثون تفسيره دون نجاح. لكن ميدفيديف استخدم بيانات من نابض السرطان لتطوير طريقة جديدة تعتمد على بصريات الموجات لقياس كثافة البلازما المحيطة بالنجم النيوتروني.
والبلازما هنا هي غاز من الجسيمات المشحونة (إلكترونات وبوزيترونات) تشكل الغلاف المغناطيسي للنجم.
يوضح ميدفيديف: "عندما تمر موجات الراديو عبر البلازما، فإنها تتفاعل مع الجسيمات المشحونة، مما يخلق نمطًا يشبه (الظلال) التي تنتج عن حيود الضوء، وباختلاف الترددات، تنعكس الموجات بتباعد مختلف، مما يسبب ظهور نمط الحمار الوحشي".
يُعد هذا النموذج الأول من نوعه الذي يتيح قياس كثافة وتوزيع البلازما حول النجوم النيوترونية، وهو ما يمهد الطريق لفهم أعمق لهذه الأجسام السماوية الفريدة، ويطمح ميدفيديف إلى جمع المزيد من البيانات من نابض السرطان لاختبار نظريته وتحسينها، مما قد يساعد في تفسير سلوك نجوم نابضة أخرى.
وأوضح: "نابض السرطان فريد من نوعه نسبيا لأنه شاب جدا في المقاييس الفلكية، ويبلغ عمره حوالي ألف عام فقط، لكنه ليس النابض الوحيد، ويمكن استخدام هذه الطريقة لدراسة المزيد من النجوم النابضة وفهم تأثير البلازما على إشاراتها".