سوريا.. مصالح تتصارع فوق رمال متحركة
لا يبدو أن هناك أملا في استقرار قريب في سوريا، فالحل لم يعد بيد السوريين أنفسهم، وبات رهنا بمصالح دول تتغير وفق لما يحدث على الأرض.
بينما تقام من حين لآخر مؤتمرات دولية بغية الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، يشير الواقع إلى أن هذه الأزمة لن تحل في القريب العاجل، بل إنها على موعد مع مزيد من السخونة، في ظل تصارع المصالح بين الأطراف المختلفة والقوى الدولية، وهي مصالح ليست ثابتة، بل إنها غير مستقرة وتسير على رمال متحركة.
ويبدو موقف الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأزمة كأكثر المواقف تغيراً، إذ بدأت تأخذ مؤخراً موقفاً أكثر ليونة تجاه تزويد بعض قطاعات المعارضة بأسلحة معينة، لتحقيق أهداف محددة.
وتقول مصادر بالمعارضة السورية، إن قوات المعارضة الجنوبية اندفعت بدعم أمريكي من الحدود السورية – الأردنية من محاذاة السويداء باتجاه مدينة تدمر الأثرية، لتسيطر على معبر التنف الحدودي بين سوريا والعراق وتتقدم في البادية السورية نحو البوكمال.
وحصلت قوات المعارضة من الولايات المتحدة على مضادات للدبابات وأسلحة أخرى، وذلك بهدف قطع الطريق على أي تدخل من المليشيات الشيعية بالعراق نحو الأراضي السورية، بحجة ملاحقة عناصر داعش الهاربة.
وقبل ما يقرب من 10 سنوات حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني منذ أيام احتلال أمريكا للعراق من زيادة التأثير الإيراني ونشوء هلال شيعي يربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت، وجاء الدعم الأمريكي للمعارضة لقطع الطريق أمام نشأة هذا الهلال من أرض البوكمال السورية.
وفي جانب آخر من الأرض السورية، تتقدم "قوات سورية الديمقراطية" بقيادة أكراد سوريا نحو حدود مدينة الطبقة وفي شمال مدينة الرقة، وبات يفصلها 9 كيلومترات عن تلك المدينة التي توصف بأنها عاصمة التنظيم الإرهابي، للقضاء على حلم التنظيم بإقامة دولة داعشية.
وخوفاً من أن يؤدي انتصار الأكراد إلى رفع سقف الطموح نحو إنشاء فيدرالية كردية على الحدود مع تركيا، غيرت أنقرة من سياستها السابقة التي كانت تقوم على عدم التدخل العسكري في سوريا، وتوجد قواتها في الشمال السوري (من طرابلس إلى تل أبيض) لمنع أكراد سوريا من الحصول على فيدرالية.
ولا يهم روسيا في هذا الصراع سوى الحفاظ على مصالحها، وما دامت هذه المصالح في الساحل السوري مؤمنة ويتواجد أسطولها البحري بشكل قانوني وطويل الأجل، فإنها لن تكون مستعدة للدخول في حرب مع أي من القوى التي تسعى لتحقيق مصالح على الأرض السورية.
ويظهر ذلك في تعامل موسكو مع الضربة الأمريكية للنظام السوري بعد تنفيذه للهجوم الكيماوي في خان شيخون، إذ اقتصر على الإدانة والشجب، ولم يتطور إلى أكثر من ذلك.
ويحيط بهذا المشهد مواجهات مستمرة على أكثر من جبهة، فهناك معارك مشتعلة في مدينة درعا الجنوبية، ودفع نظام بشار الأسد وحلفاؤه بالمزيد من القوات لمنع سقوطها، وخسرت جبهة تحرير الشام كل ما ربحته في الوسط والشمال بالمعارك السابقة والحملات التي قادتها في حماة وجوبر، وتوسعت دائرة سيطرة جيش النظام في جوبر، لتشمل مناطق لم يدخلها منذ 4 سنوات.
ووصلت قوات الجيش السوري في الشمال إلى مسافة قريبة من الحدود الإدارية لمدينة إدلب بعد استعادة حلفايا والتقدم نحو مورك وباتجاه خان شيخون.
وعلى ذلك، لا يبدو أن هناك أملاً في استقرار قريب في سوريا، فالحل لم يعد بيد السوريين أنفسهم، وبات الأمر رهناً بمصالح دول تتغير وتتبدل من وقت لآخر، وفق لما يحدث على الأرض.