أعيدوا أبناءنا.. جيش الصومال تأكله نيران ليبيا بـ"وقود" قطري تركي
من مدينة غربهاري جنوب الصومال تعالت أصوات أسر المجندين بالمناشدات لحكومة فرماجو بعدم إرسال أبنائهم للقتال في ليبيا.
عبدي وعمر شقيقان صوماليان أخلصا النية لوطنهما ولبيا نداء جيشه طمعا في خدمته، لكن أسرتهما لم تجد سوى البكاء بعد تغيبمها وسط تقارير عن نقلهما للقتال في ليبيا ضمن صفوف المليشيات بترتيب قطري- تركي.
ومن مدينة غربهاري بمحافظة جدو جنوب الصومال، تعالت أصوات أسر المجندين بالمناشدات لحكومة الرئيس عبدالله فرماجو بعدم إرسال أبنائهم للقتال في ليبيا، وذلك بحسب ما تابعته "العين الإخبارية" من تقارير تناولتها وسائل إعلام المحلية الجمعة.
معلم محمود محمد وجميلة علهيي، أبوان صوماليان، للشبان عبدي وعمر لا يتوقف نحيبهما على ابنيهما، بعد خضوعهم منذ سبتمبر/أيلول 2019، لتدريبات للالتحاق بالجيش الصومالي لكن ما حدث بعد ذلك حطم قلبيهما.
بحسب أسر الشباب الصومالي فإنه تم إغراؤهم بوعود مالية والتدريب في الخارج ودفع رواتب مغرية لهم تصل إلى آلاف الدولارات، لكنهم لم يعرفوا طريقا للاتصال بأبنائهم منذ ذلك الحين.
هنا يتساءل الأبوان محمود وجميلة في حديث للإعلام المحلي: هل أبناءهم أحياء أم في عداد الأموات؟.
وبمرارة تحدث معلم محمود لتلفزيون شبيلي المحلي، قائلا إنه لم يكن يتوقع أن تخدع الحكومة الصومالية أبنائهم بوعود فارغة، ثم تقطع الاتصال عنهم، وتنقلهم بطائرات عسكرية لإرسالهم إلى خارج البلاد.
لا يزال الشعور بألم فقدان ابنيه يسيطر عليه ويؤرق منامه، وهو وأسر صومالية أخرى، ولا حديث يدور سوى عما يسمعنوه من تقارير إرسال شباب صوماليين إلى ليبيا.
أما مناشدات الأسر الصومالية فلم تهدأ يوماً وسط استغاثات لحكومة مقديشو بإخبارهم بأماكن تواجد أبنائهم، وإلا سيوجهون اتهاماً لها باختطاف أولادهم.
وبحسب معلم محمود فإن ولداه أرسلا إلى قطر، وقامت مقديشو بتجنيدهما ونقلهما إلى الدوحة، مضيفا أنهما وصلا إلى العاصمة الصومالية بغية الالتحاق بالجامعة، لكنهما انضما إلى التدريبات العسكرية من دون علمه.
وقال الأب والصدمة تحاصره من كل جانب: "صبرنا بدأ ينفد يوماً بعد الآخر، لكن الأمل لا يزال لدينا بعودة ولدي إلى مقديشو".
الأم المكلومة جميلة علهيي تحدثت ضمن التقرير التلفزيوني نفسه، وهي غير قادرة على السيطرة على دموعها، قائلة: "أطالب الحكومة الصومالية بإبلاغنا بمكان تواجد أولادنا، وما إذا كانوا على قيد الحياة".
وتنادي جميلة حكومة مقديشو بشطب ابنيها من قائمة المجندين الصوماليين الذين تتناول تقارير إعلامية إرسالهم إلى ليبيا. وبصوت يخنقه التعب: "أعيدوا لنا أطفالي.. نعيش الآن في حالة من الهلع والفزع بسبب سماع تلك التقارير".
وبحسب أهالي سكان مدينة غربهاري فإن شباب بلدتهم تم خداعهم بأموال قطر ليتم تحويلهم إلى مرتزقة، لتأجيج صراعات بين أطراف أجنبية، وأن يموتوا دون عقيدة وطنية، بل لولاءات خارجية .
وكان موقع ليبيا ريفيو كشف في 19 يوليو/تموز الجاري، عن وجود خطة تركية- قطرية لجلب مرتزقة صوماليين إلى طرابلس للحصول على تدريبات في الأراضي القطرية.
ووفقاً للتقرير نفسه فإن تركيا تقوم حاليا بدراسة إرسال عدد من الضباط الصوماليين لدعم حكومة الوفاق الليبية.
وكشفت مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية" أن الشباب الصوماليين الذين يتدربون في قطر يتم تسجيلهم في مقديشو على أساس تقاسم عشائري، وأن سماسرة صوماليين يتواجدون في الدوحة وضباط في الاستخبارات يعملون على تيسير قنوات التواصل مع سرعة تنفيذ تجنيد هؤلاء الشباب.
المصادر نفسها حذرت من إرسال الشباب الصوماليين الذين ينضمون إلى جيش بلادهم يتم إغراؤهم برواتب كبيرة "لا يتلقونها في نهاية الأمر" وتحويلهم إلى معسكرات مغلقة في قطر.
وأشارت إلى أن هذا السلوك بدأ منذ استلام فرماجو زمام الحكم في الصومال عام 2017 ، مؤكدة أن أولى الدفعات السرية المدربة من الشباب الصوماليين في قطر ستتخرج في يناير/كانون الثاني المقبل أي بعد 3 سنوات من التدريبات، ولا يدرك أولياء هؤلاء بمصير أبنائهم إن تم زجهم في صراعات إقليمية.