بعد رفض نتائج الانتخابات.. قلق دولي من "مغامرة" فرماجو بجوبالاند
منظمات دولية وإقليمية دعت إلى احتواء خلافات متصاعدة بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وولاية جوبالاند.
بإعلانها رفض نتائج الاقتراع في إقليم جوبالاند جنوب الصومال، تدفع حكومة الرئيس عبدالله فرماجو البلاد لمنعطف خطير أثار قلقا دوليا، فيما يكافح رئيس الإقليم المنتهية ولايته، أحمد إسلام مدوبي، لصون الدستور الفيدرالي وإجراء الانتخابات في موعدها.
وأجرت جوبالاند السبت اقتراعا لاختيار أعضاء البرلمان الجديد في خطوة تمهد لانتخاب حاكم الولاية أواخر الشهر الجاري، في خطوة رفضت الاعتراف بها وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية والمصالحة في حكومة فرماجو.
- حاكم جوبا لاند يرفض ضغوط فرماجو لتأجيل انتخابات الولاية
- حاكم "جوبالاند" يتهم فرماجو بجر الصومال إلى اقتتال أهلي
وتبدو حظوظ مدوبي كبيرة في الفوز في الانتخابات التي تسعى حكومة فرماجو لتأجيلها من أجل تمهيد الطريق لمرشح موال لها لاقتناص المنصب وتعزيز السلطة المركزية، بحسب ما رآه مراقبون.
وقالت وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية والمصالحة في بيان السبت: إن اختيار شيوخ العشائر لم يكن موافقا لنظام الوزارة، كما أن انتخاب نوب البرلمان تم بطريقة غير قانونية، مؤكدة أن أية نتائج ستترتب على ذلك ستكون لاغية.
واستبق مدوبي الذي استشعر المخاطر المحدقة بالدستور الفيدرالي في البلاد، قرار حكومة فرماجو بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، معلنا الشهر الماضي تعليق تعاونه مع مقديشو.
مدوبي قال حينها إن حكومة فرماجو تخرق دستور البلاد الفيدرالي بتدخلها المستمر في شؤون الولاية ومحاولاتها المتعددة للتأثير على الانتخابات.
من جانبها، أكدت اللجنة المستقلة للانتخابات في ولاية جوبالاند، أنها تواصل أعمالها لإنجاز العملية الانتخابية في الولاية, حتى انتخاب رئيس الولاية.
وقال رئيس اللجنة حمزة عبدي بري في تصريحات صحفية، إن الانتخابات النيابية التي شهدتها كسمايو عاصمة ولاية جوبالاند كانت نزيهة.
ولفت إلى أنه ”لا دور للحكومة الفيدرالية في انتخابات الولايات الإقليمية حسبما هو منصوص عليه في الدستور الفيدرالي الانتقالي، الذي يعطي الولايات صلاحيات باعتماد دساتيرها حتى يتم التوفيق بين الدستور الفيدرالي والدساتير الإقليمية".
وشدد على أن قلق المجتمع الدولي من الانتخابات في جوبالاند "غير مبرر"، وتابع :"يحق للمجتمع الدولي أن يقدم توصيات لكن لا يحق له إصدار تعليمات، فالصومال دولة مستقلة ذات سيادة، وعلى الصوماليين حل خلافاتهم بالتفاوض، وأن يعلموا دور المجتمع الدولي في البلاد”.
ويرى مراقبون أن فرماجو يسعى لعودة نظام حكم مركزي موحد، بينما يحاول مدوبي، الداعم لنظام الحكم الفيدرالي، إفشال مخطط تعزيز القبضة المركزية.
ويقول خبراء الشأن الصومالي إن الخلاف بين فرماجو ومدوبي سببه التباين في رؤيتيهما لنظام الحكم في البلاد، لكنه تطور خلال الفترة القليلة الماضية حتى وصل إلى مرحلة حرجة استوجبت تدخلا دوليا وإقليميا خشية تفاقمه وتأثيراته على السلم والأمن في الصومال والمنطقة.
وكانت منظمات دولية وإقليمية دعت إلى احتواء خلافات متصاعدة بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وولاية جوبالاند، على خلفية ضغوط مركزية لتأجيل الانتخابات في الولاية التي تتمتع بحكم ذاتي.
وفي بيان مشترك، أعرب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عن قلقهما جراء الخلافات المتصاعدة بين حكومة جوبالاند والحكومة الفيدرالية قبيل إجراء الانتخابات المقررة في أغسطس/آب الجاري.
البيان المشترك قال إن هناك حالة من القلق العميق بشأن الانتخابات التشريعية والرئاسية في ولاية جوبالاند التي ستجرى في وقت لاحق من الشهر الجاري وسط خلافات حولها، داعيا إلى ضرورة "إجراء اقتراع موثوق"، مناشدا جميع الأطراف الامتناع عن أي أعمال عنف ومعالجة الخلافات من خلال الحوار.
الخطوة الأممية الأفريقية المشتركة رافقها تحرك مماثل للهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيجاد) التي اعتبرت من جهتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في جوبالاند أمرا حاسما وسيشكل علامة فارقة في بناء الدولة والحكم الرشيد.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، اعتبر الخبير في شؤون القرن الأفريقي عبدالسلام علي أن ما يجري من تطورات بين جوبالاند والحكومة الفيدرالية في مقديشو هو صراع بين مدوبي وفرماجو حول نظام الحكم في البلاد.
وأوضح أن "فرماجو يحاول خلال الانتخابات القادمة حال فوزه العمل على عودة نظام الحكم المركزي الموحد، بينما يحاول مدوبي، الداعم لنظام حكم فيدرالي، السعي إلى إفشال ما سماه مخطط الأول لتعزيز القبضة المركزية والضرب بالدستور عرض الحائط".
وأضاف أن الرئيس الصومالي يبذل كل جهده في دعم مرشحين موالين له من عشيرة مدوبي لتقسيم الأصوات، وفي حالة خسارة مرشحه يستطيع فرماجو رفض نتائج الانتخابات وإعادة تنظيمها من جديد.
بدوره، حذر الصحفي عبدالرحمن يحيى المتخصص في الشأن السياسي في الصومال، من مخاطر الصراع واحتمالية تدحرجه إلى حرب بين الإقليم والحكومة الفيدرالية.
وأوضح يحيى في حديث لـ"العين الإخبارية" أن مدوبي استطاع خلال الفترة الماضية خلق حالة من الاستقرار الأمني بالإقليم، ما يجعل دخوله هذه الانتخابات برصيد قوي يضمن له الفوز.
وتابع قائلا إن الضغوط التي تجري على الإقليم في الوقت الراهن من الحكومة الفيدرالية جزء من الصراع، محذرا من مغبة الاستمرار فيما عده "لعبة خطرة" و"رهانا غير آمن" قد يقود للمخاطرة بالأمن والسلام وفتح الباب أمام الحركات الإرهابية، للاستفادة من النزاع والتغلغل في الإقليم الذي شهد حالة استقرار خلال الفترة الماضية.
ويعاني الصومال من هجمات متكررة لحركة "الشباب" الإرهابية، أوقعت 2078 قتيلا و2507 مصابين، خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني 2016، و14 أكتوبر/تشرين الأول 2017، حسب إحصاء للأمم المتحدة.
ورغم أن انتخابات "جوبالاند" محلية فإنها تمثل اختبارا للمجتمع الدولي لأهمية المنطقة في العملية السياسية الصومالية الشاملة وفي الصراع الجاري بين الإقليم والحكومة الفيدرالية.
يشار إلى أن الدستور الصومالي ينص صراحة على أن الحكم في البلاد يكون بالنظام الفيدرالي الذي يحد من السلطات المركزية للرئيس ويعطي استقلالية نسبية للأقاليم.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuNjkg جزيرة ام اند امز