إعادة تشكيل نظام الصومال.. آمال وأشواك على طريق "اتفاق تاريخي"
"اتفاق تاريخي" على إعادة تشكيل النظام السياسي في الصومال يرفع منسوب تفاؤل لا يخلو من مخاوف من عقبات قد تخلق صراعات جديدة.
والاتفاق الموقع مساء السبت الماضي، جاء ثمرة المؤتمر التشاوري السابع الذي استمرت أعماله خمسة أيام في العاصمة الصومالية مقديشو، برئاسة رئيس الصومال حسن شيخ محمود وبمشاركة رئيس الوزراء ونائبه، وعمدة مقديشو ورؤساء الولايات الخمس باستثناء رئيس ولاية بونتلاند الذي غاب بسبب خلافات سياسية مع الحكومة الفيدرالية.
ويشمل الاتفاق العملية السياسية وكيفية إجراء الانتخابات البرلمانية، وجرى الانتقال من رئيس البلاد ورئيس الوزراء إلى الرئيس ونائبه في الهيكل الحكومي للدولة، مع تشكيل لجنة انتخابية وطنية، على أن تُجرى الانتخابات مطلع العام المقبل 2024.
ويفترض إجراء الانتخابات في الصومال اعتبارا من العام 2024، بناءً على مبدأ "شخص واحد صوت واحد"، وذلك ما تمخض عنه الاتفاق التاريخي بين القادة الصوماليين.
وأقر الرئيس الصومالي بإنشاء حزبين سياسيين، ما يعني أن النظام الانتخابي أو السياسي الجديد في الصومال يقوم على الدفع باتجاه نظام سياسي متعدد الأحزاب، على أن يكون هذا النظام مستقلا وسلميا وخاليا من الفساد.
فهل ينجح الاتفاق في تغيير الوجه السياسي للصومال رغم العقبات؟
انتقادات وآمال
أفكار تبدو ثورية لقلب وجه العملية السياسية التي ظلت بلا تغييرات جذرية على مدار عقدين، لكنها وبقدر الآمال التي تستبطنها، إلا أنها فجرت جدلا داخليا، حيث رفضت ولاية بونتلاند الاتفاق، وهي التي غابت أصلا عن المؤتمر، وكان هذا أمرًا متوقعا للمتابعين في الشأن السياسي المحلي .
وأصدرت نخب سياسية أبرزها مكونة من تسع شخصيات وازنة من بينهم الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، ورؤساء وزراء وزعامات حزبية، بيانا سياسيا عبروا فيه عن رفضهم لمحتوى الاتفاق السياسي، ووجهوا اتهامات بتقويض الفيدرالية وانتهاك مواد دستورية دون توافق سياسي شامل .
وأمس الإثنين، انطلقت الدورة الثالثة للبرلمان الصومالي الذي سيلعب في المرحلة المقبلة دوره في الحراك السياسي القائم.
ووجه كل من رئيس مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان) السيناتور عبدي حاشي عبدالله، ورئيس مجلس الشعب (الغرفة السفلى للبرلمان) الشيخ آدم مدوبي كلمات سياسية تنبئ بأن الصومال مقبل على معركة سياسية تجاه الاتفاق السياسي الجديد.
وأشاد رئيس مجلس الشيوخ الاتفاق بينما لم يتطرق إليه رئيس مجلس الشعب.
أما الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود فدافع عن الاتفاق السياسي بقوة في خطابه أمام البرلمان، وقال إنه ليس نهجا نهائيا بل اتفاقا تمهيديا، وأنه لا يمكن أن يكون نهائيا دون مصادقة البرلمان.
وطمأن شيخ محمود الشارع السياسي والشعبي بأن "لدينا دولة تعمل وفق قوانين البلاد ومواد الدستور، وأن الاتفاق هو طرح مشروع من قبل قادة البلاد وأن شرعيته مرتبطة بقبول البرلمان، وأنه لا داعي للخوف من المستقبل والتغييرات التي قد تحدث في المرحلة المقبلة".
مرحلة حاسمة
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل السياسي الصومالي محمد نور: "إننا أمام مرحلة حاسمة بالنسبة للاستقرار السياسي، والتحول من نظام برلماني إلى رئاسي بين ليلة وضحاها لن يصبح أمرًا سهلا".
وأوضح نور، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تمرير الاتفاق عبر البرلمان وتهيئة القوانين اللازمة لتنفيذه تتطلب معركة سياسية مكلفة، لافتا إلى رد الفعل القوية من قبل النخبة السياسية غير الحاكمة ينذر مواجهات سياسية مفتوحة لا يمكن التنبؤ بها.
وأشار إلى أن انتخابات مباشرة تتطلب تغيرات سياسية كبيرة أبرزها استكمال دستور البلاد وطرحه في استفتاء عام للموافقة النهائية عليه، والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن المفاوضات مع أرض الصومال في موضوع الوحدة أو الانفصال، والقضاء التام على حركة الشباب الإرهابية وتحرير كافة المناطق التي تسيطر عليها.
ومن بين التحديات سن قانون الانتخابات العامة، والتوصل إلى اتفاق بشأن تمثيل العاصمة مقديشو في الحكومة الفيدرالية، وتمرير قانون الأحزاب، وإنجاز إحصاء وطني للسكان والمنازل وفوق كل ذلك حصول اتفاق سياسي دون غياب أي طرف فاعل في مسار يحظى بدعم دولي.
ولفت إلى أن الاتفاق يقدم خدمات غير مباشرة لقادة الصومال الحاليين بتمديد ولاياتهم بحجة السعي إلى إجراء انتخابات مباشرة، بينما سيضمن جزئيا إجراء انتخابات بلدية مباشرة في بعض الولايات.
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز