وفاة نجل بطل الفيلم المرشح للأوسكار قبل حفل توزيع الجوائز

بين مشاعر الفرح والحزن، وجد صُنّاع الفيلم القصير المرشح للأوسكار "الرجل الذي لم يستطع البقاء صامتًا" أنفسهم أمام لحظة مؤثرة.
قبل يوم واحد من فوز الفيلم بجائزة أفضل فيلم روائي قصير في حفل سيزار بباريس، تلقى صُنّاعه نبأ وفاة نجل تومو بوزوف، الشخصية التي يستند إليها الفيلم، نتيجة أزمة قلبية مفاجئة في بلغراد، صربيا، عن عمر 52 عامًا. صادفت وفاته الذكرى الـ 32 لموقف والده البطولي خلال الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة.
قصة الفيلم المستوحاة من أحداث حقيقية
تستند أحداث الفيلم إلى القصة الحقيقية لـ تومو بوزوف، الرجل الكرواتي الذي واجه ميليشيات مسلحة كانت تنفذ عمليات تطهير عرقي في يوغوسلافيا عام 1993. ففي صباح 27 فبراير/ شباط من ذلك العام، استقلّ بوزوف القطار 671 من بلغراد متوجهًا إلى الجبل الأسود لزيارة نجله داركو. وخلال الرحلة، أوقف مسلحون القطار في قرية شتربتسي شرق البوسنة، بحثًا عن ركاب مسلمين بوسنيين.
عندما وصل المسلحون إلى مقصورة بوزوف، طالبوا أحد المراهقين المسلمين بإبراز هويته، لكن بوزوف تدخل، طالبًا منه الجلوس ليقف مكانه. رفض الامتثال لأوامر المسلحين المتكررة بالجلوس، وقدم نفسه كيوغوسلافي وضابط سابق في الجيش الوطني اليوغوسلافي. ورغم أن هويته أكدت أنه كرواتي وليس مسلمًا بوسنيًا، إلا أنه أُخذ مع 18 راكبًا مسلمًا آخرين، حيث تم إعدامهم جميعًا، ولم يُعثر على جثثهم. كان بوزوف الراكب الوحيد غير المسلم الذي تم اقتياده بسبب دفاعه عن الراكب المسلم.
معالجة سينمائية تُجسد الشجاعة والمأساة
أخرج الفيلم نيبويشا سلييبشيفيتش، وجسد الممثل دراغان ميكانوفيتش شخصية بوزوف، بينما أدى غوران بوغدان دور أحد الركاب المترددين في الدفاع عن الراكب المسلم. رغم أن بعض الشخصيات في الفيلم غير حقيقية، إلا أنها تستند إلى شهادات حقيقية من محاكمات المتورطين في الحادثة.
أوضح سلييبشيفيتش أنه استند في بناء العمل إلى أكثر من ألف صفحة من وثائق المحاكم، وشهادات الناجين، وأقوال من فقدوا أقاربهم. كما أشار إلى أن العديد من الحوارات الواردة في الفيلم مأخوذة مباشرة من تلك الشهادات.
دور داركو بوزوف في خروج الفيلم للنور
لعب داركو بوزوف دورًا حاسمًا في تنفيذ المشروع، إذ منح الإذن لصُنّاع الفيلم لتجسيد شخصية والده. قال سلييبشيفيتش: "تواصلت مع داركو وأخبرته أننا نريد تقديم فيلم عن والده، وكان كريمًا في دعمه ومساعدته، وهو أمر كان ضروريًا جدًا لإنجاز العمل".
عقب فوز الفيلم بجائزة السعفة الذهبية كأفضل فيلم قصير في مهرجان كان، اتصل سلييبشيفيتش بـ داركو ليبلغه قائلاً: "أُهدي هذا الفيلم لوالدك".
كلمات داركو الأخيرة عن والده
في مقابلة مع مجلة NIN الصربية، تحدث داركو عن موقف والده قائلاً:
"شروطي الوحيدة للموافقة على الفيلم كانت ألا يكون له أي بعد سياسي، وأن يُظهر أن والدي لم يُقتل لكونه كرواتيًا، بل لأنه رفض الصمت".
كان داركو بوزوف يبلغ 52 عامًا عند وفاته، وهو تقريبًا العمر نفسه الذي توفي فيه والده. وفي تصريحاته الأخيرة، قال:
"لم أشعر أبدًا بالرغبة في الانتقام، فهو لا يجلب سوى مزيد من الألم. كما أنني لم أشعر بالكراهية. ما فعله والدي، والطريقة التي رحل بها، تمنحني سلامًا داخليًا. لقد ضحّى بنفسه لإنقاذ شاب آخر، ولو كنت في مكانه، لفعلت الشيء نفسه".aXA6IDMuMTI5LjkyLjkzIA== جزيرة ام اند امز