لبنانيون بين حربين..«ملجأ الذكريات» يعيد أهوال 2006
ما بين خيار النزوح إلى المجهول أو انتظار الموت، يعيش سكان الضاحية الجنوبية ببيروت أهوال الحرب بين حزب الله وإسرائيل.
بعد إجلاء عائلتها من بلدة صديقين في جنوب لبنان، عادت فريال محسن لإحضار بعض الأغراض، وحينها وقعت غارة جوية إسرائيلية على مقربة منها.
تقبع فريال (58 عاما) الآن في ملجأ في بيروت، وهي تتصفح رسائل من الأصدقاء والأقارب الذين يريدون معرفة ما إذا كانت قد نجت من الانفجار أم لا؟، أحد الرجال اخترق حالة الانتظار وأرسل لها في تسجيل صوتي "بعدك عايشة؟ سمعت أنك ميتة".
وأدى تصاعد القصف الإسرائيلي لمواقع في الضاحية الجنوبية ببيروت معقل حزب الله، إلى نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين من الجنوب إلى شمالي البلاد، في واحدة من أكبر موجات النزوح التي تشهدها الضاحية منذ حرب يوليو/تموز 2006.
"نزل الصاروخ أمامي"
واعتاد سكان "صديقين" أصوات القصف المتقطع على لمنطقة القريبة من بلدتهم خلال تبادل إطلاق النار على مدى أشهر عبر الحدود والذي اندلع بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة التي بدأت قبل عام تقريبا، لكنهم لم يكونوا مستعدين للتصعيد المفاجئ الذي حدث قبل أيام.
وقالت فريال "اضهرت العالم كلها (خرجوا) وأنا عندي طابع بفزعش من الآخر يعني، فضهرت (أخرجت) جيراني. ورجعت أنا اضهرت (خرجت) وعيلتي (عائلتي)".
غادرت فريال مع ابنتها وأحفادها، واصطحبتهم إلى مدينة صور بجنوب لبنان ثم عادت إلى صديقين لإحضار متعلقاتهم، وعندها وقعت الغارة الجوية.
"نزل الصاروخ قدامي (أمامي).. أنا انصدمت (صدمت)".. هكذا قالت فريال، وأضافت أنها لم تتمكن من السماع أو الرؤية وملأ الغبار المكان ما دفعها للانطلاق مبتعدة بسرعة.
ومع تكثيف الضربات الجوية الإسرائيلية على جنوب لبنان، وإطلاق حزب الله النار على أهداف في شمال إسرائيل، انضمت العائلة إلى حشد النازحين الباحثين عن ملاذ في العاصمة بيروت.
وانتهى الأمر بالعائلة في نفس الملجأ الذي استخدمته فريال خلال آخر صراع كبير بين إسرائيل وحزب الله في يوليو/تموز 2006. وقالت "بس هلأ (الآن) الوضع أصعب بكثير".
ذعر في "البيعة"
في ذات الملجأ، سجلت سعاد مهدي (63 عاما) اسمها بعد فرارها من قرية القصيبة في جنوب لبنان.
وقالت "أول امبارح (أمس) بلشت (بدأت) الضربات تقرب والطيران في الأجواء يقترب"، ووصفت كيف أصابهم ذلك بالذعر.
ومع اقتراب الضربات من القرية بعد أن كانت في الحقول على أطرافها، فر سكان القصيبة.
وتابعت سعاد "هون (هنا) نحنا (نحن) أكيد مش قادرين (لسنا قادرين) على البقاء ، الواحد بيخاف. فحملنا حالنا ودبرنا تيابنا (ملابسنا) ومشينا".
وأضافت أنها لم تهتم سوى بحمل بعض الملابس والأساسيات مثل الدواء ولم تعد تهتم بأمور مثل منزلها لأن الخوف بات هو المسيطر عليها.
ومع توجه سكان جنوب لبنان شمالا، ازدحمت الطرق بحركة مرور البطيئة وتحولت رحلة تستغرق عادة ساعتين إلى رحلة تستغرق يوما كاملا.
ووصفت سعاد تلك الرحلة قائلة "الرحلة كان بها كانت بطيئة وفيها عذاب ومشقة. بقينا نمشي شوي (قليلا) ونقف شوي وهون (هنا) يطلع قصف وهون يطلع ضرب حتى وصلنا على بيروت في المساء".
ولم يمنحها الوصول إلى وجهتها في النهاية شعورا بالسلام، إذ قالت "طالما إنه القصف بكل لبنان حتى في بيروت يعني فيه أجواء حرب".
aXA6IDE4LjExOS4xMjQuNTIg جزيرة ام اند امز