فاروق الباز لـ"العين الإخبارية": رحلة سلطان النيادي مصدر فخر واعتزاز للعرب جميعاً
الخبرات والبيانات الفضائية الإماراتية "كنز لا يقدر بثمن"
قال عالم الفضاء المصري الدكتور فاروق الباز إن رحلة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في محطة الفضاء الدولية والتي مكث خلالها نحو 6 أشهر كاملة كأول مدة لرائد فضاء عربي خارج الأرض مصدر فخر واعتزاز للعرب جميعاً.
وأضاف الباز، عضو الهيئة الاستشارية لوكالة الفضاء الإماراتية، أن البرنامج الفضائي الإماراتي ساهم في رفع معنويات العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
وهنأ الباز، خلال حوار مع "العين الإخبارية" من العاصمة الأمريكية واشنطن، الإمارات حكومة وشعبا، على رحلة النيادي التاريخية في الفضاء، قائلاً: الإمارات تشهد تطوراً غير مسبوق في مجال استكشاف الفضاء، والنيادي أصبح ظاهرة تجوب أنحاء المنطقة العربية والإمارات، وهناك العديد من "النياديين" على استعداد لاستكمال مسيرة الإمارات الناجحة لاستكشاف الفضاء.
وأضاف أن هناك جيلاً جديداً من "النياديين" يقدمون نموذجاً للشباب العربي يثبت قدرتهم على استكمال مسيرة الإمارات في استكشاف الفضاء.
ولفت الباز الذي عمل في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" للمساعدة في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر، ويشغل في الوقت الحالي منصب مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأمريكية، إلى أن دولة الإمارات نجحت في أن تخطو الخطوة الأولى للعالم العربي في استكشاف الفضاء، داعياً الدول العربية إلى الاستفادة من التجربة الإماراتية في البحث العلمي واستكشاف الفضاء.
وأكد الباز أن التجربة الإماراتية في استكشاف الفضاء هي قصة نجاح عربية، لافتاً إلى أن الخبرات والبيانات الفضائية الإماراتية تعد كنزاً لا يقدر بثمن للبحث العلمي الدولي، وعلوم استكشاف الفضاء.
تجربة ناجحة
وعبّر الباز عن إعجابه وفخره بالتقدم الذي حققته دولة الإمارات في مجال استكشاف الفضاء.
ووصف الباز رحلة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، الذي مكث في محطة الفضاء الدولية لمدة ستة أشهر، بأنها "شرف واعتزاز للعرب جميعاً"، قائلاً: "تجربة النيادي تجربة مهمة جداً للعرب ولشباب العرب لأنها تثبت أننا نستطيع أن نخوض غمار استكشاف الفضاء".
وتابع قائلاً: "تجربة النيادي ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي علامة فارقة تظهر القدرات العربية في مجال الفضاء".
وأوضح الباز: تعتبر المدة الزمنية التي قضاها النيادي في محطة الفضاء الدولية مهمة لأسباب عددية؛
أولاً: تعطي تلك المدة الفرصة لجمع البيانات والمعلومات التي تعود بالفائدة على البحوث العلمية في مجالات متعددة مثل الفيزيولوجيا البشرية وتأثير العيش في بيئة منخفضة الجاذبية لفترات طويلة، وتعتبر هذه البيانات أساسية للتخطيط لرحلات البشر الطويلة في الفضاء، مثل التحضير لرحلات البشر إلى المريخ.
ثانياً: يوفر البقاء لفترة طويلة في الفضاء فرصة لاختبار تقنيات جديدة للحياة المستدامة في الفضاء، مثل تقنيات الترشيد بالمياه والزراعة في الفضاء، وتعد هذه التقنيات ليست مهمة فقط للإمارات، بل للبشرية كلها.
ثالثاً: يأتي نجاح الإمارات في رحلة النيادي إلى محطة الفضاء الدولية، دليل على قوة التعاون الدولي في مجال الفضاء، مؤكدا على انه لا يمكن لدولة واحدة أن تتحقق هذه القفزات العلمية والتكنولوجية بمفردها، والشراكة بين الإمارات ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وغيرها من الجهات الدولية، تظهر أهمية التعاون الدولي كأساس للنجاح في مجال الفضاء.
ودعا الباز الدول العربية للاستثمار في مجال البحث العلمي واستكشاف الفضاء، مشيراً إلى أن البيانات والمعلومات التي تجمعها الإمارات في مجال استكشاف الفضاء تعد كنزاً ثميناً للبحث العلمي الدولي والتطور في علوم الفضاء، قائلاً: "إنها فرصة للعالم العربي ليكون له دور في مساهمة تطوير العلوم والتكنولوجيا المتعلقة بالفضاء".
وشدد عالم الفضاء المصري على أهمية استثمار الدول العربية في مجال البحث العلمي واستكشاف الفضاء، داعياً الدول العربية للاستفادة من النجاح الإماراتي كمثال يمكن تقليده في تطوير برامج فضائية خاصة بها.
رحلة المريخ
وعن الخطط الإماراتية لاستكشاف المريخ، أوضح الدكتور فاروق الباز أن رحلة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي تعتبر مجرد بداية لمشروعات أكثر طموحاً.
وأوضح: "هذه الرحلة هي نوع من التمهيد لمهام أكثر تعقيدًا تتعلق باستكشاف المريخ وأبعد من ذلك"، قائلاً: "رحلة النيادي سوف تسهم في بناء قاعدة معرفية عن كيفية التكيف مع الظروف القاسية للفضاء، والتي تعتبر مفتاح لنجاح أي مهمة لاستكشاف المريخ".
وتناول الباز، موضوع الزراعة في الفضاء، قائلاً: "نحن نواجه التحديات اللوجستية لتوفير المياه وغيرها من العوامل الحيوية، لكن هناك تقدم يحققه العلماء خطوة خطوة. فالقدرة على زراعة الغذاء في الفضاء ليست مهمة فقط لسد الاحتياجات الغذائية، بل تعتبر جزءاً من نظام بيئي مغلق يمكن أن يساهم في توفير الأكسجين وتقليل النفايات، وهي عوامل مهمة لنجاح لرحلات البشر الطويلة في الفضاء".
ولفت الباز، إلى أهمية التعاون الدولي في مجال استكشاف الفضاء، قائلاً: "لا توجد دولة بمفردها قادرة على تحقيق تطورات كبيرة في هذا المجال، والتعاون مع وكالات فضائية دولية مثل ناسا يعتبر مصدراً للقوة، حيث يعد التعاون العالمي فرصة لتوفير موارد إضافية، وتقاسم الخبرات، وتقليل الأخطار والتكاليف، مما يعزز من فرص النجاح".
في هذا السياق، أشار الباز إلى مشروع "هوب" الإماراتي لاستكشاف المريخ كمثال آخر للتعاون الدولي، موضحاً أن مشروع "هوب" يتضمن شراكات مع جامعات ومؤسسات بحثية عالمية، وهو يعد نموذجاً رائعاً لكيفية التعاون بين الدول في سبيل تحقيق الأهداف العلمية.
وفي الختام، قال الباز: "إن البرنامج الفضائي الإماراتي يعتبر قصة نجاح عربية تستحق الفخر والاعتزاز، مضيفاً أنها تجربة ينبغي للدول العربية الأخرى أن تأخذها كمثال يحتذى به. يجب أن ننظر إلى هذا النجاح كفرصة لتحفيز الشباب العربي على الدخول في مجالات العلوم والتكنولوجيا. ويجب على الأمة العربية ككل أن تستثمر في تعليمها وبحوثها العلمية لضمان مكانتها في المستقبل الذي يزداد تعقيداً وتحدياً.