موجة الحر الإسبانية.. إنذار مبكر قبل "COP28"
يبدو أن أوروبا مقبلة على صيف ساخن جدا، بدأ مبكرا مع وصول درجة الحرارة في إسبانيا والبرتغال، إلى مستويات قياسية خلال شهر إبريل/ نيسان.
ولا يعد هذا المشهد بعيدا عن العام الماضي، والذي شهد هو الآخر موجة حر شملت أنحاء أوروبا، وتم ربطها بالتغيرات المناخية.
وكما وجهت موجة الحر الأوروبية العام الماضي، إنذارا قبل مفاوضات "كوب 27"، فحواه أن العالم يسير وبقوه إلى نقطة اللاعودة مناخيا، فإن الموجة الأوروبية تأتي هذا العام مبكرة، عبر بوابة إسبانيا، لتضع العالم أمام مسؤولياته في "COP28".
ويقول خالد مدحت، الباحث في مجال تغير المناخ بجامعة كولن الألمانية لـ"العين الإخبارية"، إن موجة الحر الإسبانية، عندما نضعها في سياق التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالأمم المتحدة، فإننا نستطيع القول، بأن العالم يتجه إلى (نقطة اللاعودة مناخيا)، وهو ما يعني أهمية (COP28)، حتى لا نصل إلى الوقت الذي لا تجدي معه أي اجراءات لتخفيض الانبعاثات.
ولم يصل العالم بعد إلى تخطي حاجز الدرجتين زيادة في متوسط درجة حرارة كوكب الأرض، والتي حددتها اتفاقية باريس للمناخ في 2015، كعتبة لا ينبغي للعالم تجاوزها، ولكن موجة الحر غير المسبوقة في إسبانيا، والتي تأتي بعد أسابيع من التقرير الأممي، حول الالتزام الدولي بهدف تخفيض الانبعاثات، تشير – كما يؤكد مدحت - إلى أن العالم لا يسير على الطريق الصحيح، وأنه في الطريق لتجاوز حاجز الدرجتين، وهي العتبة التي إذا تم تجاوزها، فلن يستطيع العالم وقتها العودة إلى المسار الصحيح، إن أراد ذلك.
ويوضح مدحت أنه "إذا كان (كوب 27) قد غرق في مناقشة ملف (خسائر وأضرار) تغيرات المناخ، على حساب تخفيض الانبعاثات، فإن الوضع قد يكون مختلفا في (كوب 28) لثلاثة أسباب، أولها أن موجة الحر المبكرة في إسبانيا تبعث برسالة قوية تفوق العالم الماضي، والثاني أن الدول الغربية التي تتبنى ملف تخفيض الانبعاثات تشعر بأنها لم تحقق مكاسب في (كوب 27)، وستكون حريصة على التعويض في (كوب 28)، والسبب الثالث والأخير، أن اتفاقية باريس للمناخ، والتي تم إقرارها في قمة (كوب 21)، ستخضع للتقييم العالمي الأول خلال (كوب 28)، وهذا التقييم المعروف باسم (Global Stocktake)، والذي تم إقراره في (المادة 14) من الاتفاقية، هو عملية تتم كل سبع سنوات، لتقييم تنفيذ اتفاقية باريس لهدف التقدم الجماعي العالمي نحو تحقيق الغرض من الاتفاقية وأهدافها طويلة الأجل".
وإذا كانت موجة الحر الأوروبية، والتي بدأت مبكرا في إسبانيا، هي السبب الأول ضمن الأسباب التي ذكرها مدحت، فإن هناك توقعات باتساع رقعة موجة الحر خلال صيف 2023، بسبب عودة ظاهرة "النينيو" المناخية في وقت لاحق من هذا العام.
وكانت آخر مرة زارت فيها ظاهرة النينيو المناخية الأرض عام 2016، المسجل كأكثر الأعوام سخونة، غير أن التوقعات تشير إلى أن هذه الظاهرة، والتي تحدث عندما تصبح المياه في شرق المحيط الهادئ الاستوائية دافئة بشكل غير طبيعي، بما يؤثر على دوران الغلاف الجوي العالمي، ستحدث خلال هذا العام، مما يجعل من "المحتمل جدا" أن يتجاوز العالم 1.5 درجة مئوية من الاحترار.
ورغم الدور الذي تلعبه تلك الظاهرة، إلا أن الاحتباس الحراري، يزيد من الشعور بأثارها، ويطرح تحديات تواجه المجتمعين في COP28 لمحاولة الوصول لحلول في تخفيض الانبعاثات، كما يؤكد محمد منتصر، الباحث في العلوم البيئية بجامعة الزقازيق (شمال شرق القاهرة).
ويقول منتصر لـ"العين الإخبارية": "موجة الحر الأوروبية الصيف الماضي لم يكن لظاهرة (النينيو) علاقة بها، وحدثت بسبب الاحتباس الحراري، لذلك فإن ظاهرة (النينيو) لن تكون المسؤولة وحدها عن موجة الحر هذا العام".
ويحدث الاحتباس الحراري، المسبب لارتفاع درجة الحرارة، عندما تشكل غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النشاط الصناعي ما يشبه الستارة التي تمنع عبور الأشعة تحت الحمراء الغلاف الجوي، لتبقى حبيسة، وتسبب ارتفاعا في درجات الحرارة، وهو ما يعرف بـ (تأثير الصوبة الزجاجية).
aXA6IDE4LjExNi4yMy41OSA= جزيرة ام اند امز