"المزدوجة".. أحدث تقاليع الدروس الخصوصية في مصر
الدروس الخصوصية المزدوجة ظاهرة جديدة تنتشر بين طلاب مصر، خاصة طلاب الثانوية العامة.. ماذا يقول الخبراء؟
شهدت الكثير من الأقاليم المصرية ظاهرة جديدة في عالم الدروس الخصوصية بين الطلاب، بدأت في الانتشار خلال الشهور الأخيرة.
وتتمثل الظاهرة في "الدروس الخصوصية المزدوجة"، حيث يتلقى الطالب درساً خصوصياً لشرح المواد الدراسية ضمن مجموعات طلابية، ثم يتجه إلى درس خصوصي آخر أقل عددا للمراجعة وحل التمرينات والاختبارات.
الظاهرة يعتبرها الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين بمثابة جهد لتعويض غياب المدرسة التي انتفى دورها تماما مع طلاب الشهادات العامة عموما، من ابتدائية وإعدادية، ودبلومات فنية صناعية وزراعية وتجارية.
وتبقى الثانوية العامة هي الأكثر جذبا للأضواء، والأكثر كلفة في عالم الدروس الخصوصية، لا سيما في ظل الظاهرة "المزدوجة" الجديدة.
ويعتبر متخصصون في مجال التعليم أن ظاهرة "الدروس الخصوصية المزدوجة" أحد أهم التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية المصرية، وتزيد من الأعباء على القائمين على التعليم في مصر، والوزير الجديد للتربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور طارق شوقى، خاصة أنها تؤكد أهمية إيجاد حلول عملية لغياب المدرسة، التي حلت محلها الدروس الخصوصية بأشكالها كافة، والتطورات الكارثية المتلاحقة عليها.
الوزير الجديد تعهد في أول تصريحاته بتطوير منظومة التعليم على مراحل محددة وواضحة، مؤكداً أنه يتفهم قسوة الدروس الخصوصية والمصروفات، منوها بأن هناك مشكلات كثيرة فى المنظومة التعليمية في مصر، ولا بد من إعادة النظر فيما يدرس حاليا، كما أن نظام التعليم الحالى ثابت منذ عدة سنوات ويجب أن يكون هناك بديل، وسيشهد عام 2018 منظومة جديدة للتعليم.
وتبقى ظاهرة الدروس الخصوصية المزدوجة، أهم هموم التعليم في مصر وفقا لما قال مدحت إدريس، الخبير التعلمي والمدير العام لمديرية القاهرة التعليمية الأسبق، منوهاً بأن الظاهرة تشكل تحديا لكل النظم التعليمية في البلاد، وتحديا لكل الوزراء.
وأوضح أن الظاهرة أطلت برأسها من العام الماضي في العديد من المحافظات وازدادت هذا العام مع فشل تجربة الوزير السابق بمواجهة الدروس الخصوصية ومحاربتها بمشروع الـ 10 درجات المخصصة لانتظام طلاب الثانوية العامة في المدارس، غير منتبه إلى عدم وجود فصول لأغلب هؤلاء الطلاب في مدارسهم.
وقال إدريس، إن هذه الظاهرة المتسحدثة تؤكد أهمية إعادة المدرسة والصف الدراسي لدوره الغائب، والذي اختفى في العديد من المراحل الدراسية، وأصبح البديل له الدرس الخصوصي، وزاد عليه دروس المراجعة والتمارين، مع إيجاد حلول مالية لتحسين دخول المدرسين منعاً للدروس الخصوصية.
أشرف محمد السنباطي، طالب في الثانوية العامة بمدرسة تابعة لإدارة غرب الجيزة التعيلمية، قال: "لجأت لأكثر من درس خصوصي في المادة الواحدة، واحد للشرح العام، وآخر للمراجعة وإعطاء التمرينات، وقد ألجأ لدرس ثالث في نهاية العام خصوصا في الشهر الأخير، لحل نماذج الامتحانات، وهو ما قام به شقيقي قبل عامين.
وأكد انه لم يذهب إلى مدرسة منذ بداية العام، واستعاض عنها بمراكز الدروس أو ما تسمى بـ"السناتر" في شكل مجموعات من الطلاب، ويقل العدد إلى النصف في مجموعات درس المراجعة، وفي شكل لجان امتحانات في حصص حل نماذج الامتحانات.
رؤوف سلامه، استشاري اللغة الإنجليزية في مديرية البحيرة التعليمية، أكد أن "الدروس الخصوصية المزدوجة" اقتحمت الأقاليم والمناطق الريفية بقوة، وأصبحت هي الأساس في العملية التعليمية خصوصاً في الشهادات العامة، وتبدأ في بعض المناطق مع ساعات دوام المدراس، نظرا لأن الطالب يلجأ إليها في جميع المواد، لتعويض نظام عمل اليوم الدراسي.
واستبعد أن يتم القضاء على هذا الظاهرة الغريبة – على حد وصفه، لأنها أصبحت ثقافة ورغبة لدى الطلاب وأولياء الأمور، لعدم ثقتهم في المدرسة، والقيام بدورها المنوط به، كما كان في السابق، مبيناً، أن الفصول الدراسية خاوية من أغلب طلاب الشهادات العامة.
ويرى أن الحل ينطلق من صياغة منظومة تعليمية جديدة، تقوم على أساس البحث والابتكار، وليس التلقين والحفظ، وهو ما أدى إلى خلق ظاهرة الدروس الخصوصية.
الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، يشير إلى أن الدروس الخصوصية طورت من أدواتها في ظل غياب منظومة تعليمية فاعلة، لتضيف عبئاً جديداً على القائمين على ملف التعليم، ومنهم الوزير الجديد، فصحيح أن هناك ملفات عديدة تواجه التعليم، إلا أن الدروس الخصوصية عبء كبير، يضاف إلى ملفات "البوكليت"، والفساد والغش، ثم ستظل الدروس الخصوصية قضية التعليم المحورية.
صحيح أن ظاهرة الدروس الخصوصية تمثل عبئاً مادياً ومعنوياً على الأسر المصرية بكاملها، بعد عزوف الطلاب عن المدارس بما فيها المدارس الخاصة، وخصوصاً فى الشهادة العامة، كما قامت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى بتطبيق الضبطية القضائية لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية، وفقا لما يقوله دكتور عبد العزيز المغازي، أستاذ التربية الحديتة، إلا أن هذا لم يحقق النجاح المطلوب، وواصلت مراكز الدروس الخصوصية فى القيام بأعمالها، بل أصبحت عدد من المدارس الخاصة مقرات للدروس.
وأوضح من المهم المعالجة الجادة للدروس الخصوصية بحلول غير تقليدية، من خلال إصلاح عناصر العملية التعليمية كافة في وقت واحد بما فيها المناهج والمعلم والمدارس، مع تدريب المعلمين، منوها بأهمية فكرة بنك المعرفة في تأهيل المدرسين وتحسين أوضاعهم.
aXA6IDMuMTMzLjEyOC4yMjcg
جزيرة ام اند امز