المناسبات الدينية تشكل توقيتاً مناسباً للإرهابيين في تنفيذ خططتهم فهم بذلك يضمنون التسليط الإعلامي.
لقد فُجع العالم بالهجمات الإرهابية الشرسة التي هزت جزيرة سريلانكا، تلك الجنة الهادئة التي كانت غائبة عن خريطة الإرهاب منذ عقد من الزمان، وأقصى الأخبار المقلقة منها كانت مناوشات عرقية بين الفينة والأخرى ما تلبث أن تنتهي بعد أيام عدة من حدوثها، أما أن يصل عدد الضحايا إلى 290 ضحية والمئات من المصابين حتى لحظة كتابة هذه الأسطر في يوم واحد فهو أمر صادمٌ للعالم بلا شك.
هذه الهجمات أعادت لذاكرة الشعب السيلاني ذكريات الحرب الأهلية بين أقلية التاميل وأغلبية السنهال، الحرب التي زرعت بذرة سياسة (فرق تسد) التي أتقنها المستعمرون لتلك الأرض، ومع إعلان سيريلانكا استقلالها من بريطانيا عام 1948 بدأت الأكثرية السنهالية بممارسات رفض وتحجيم للثقافة واللغة التاميلية؛ أدت إلى اشتعال الحرب الأهلية في سيريلانكا عام 1983، وظهور نمور تحرير إيلام تاميل LTTE التي مارست الإرهاب في سبيل انفصال التاميل وتحقيق دولته المستقلة.
تلك الجماعة التي قدمت صورة غير نمطية في تاريخ الإرهاب من حيث استخدامها للهجمات الانتحارية التي كانت تستهدف السياسيين والعسكريين والمدنيين. كما أنها تميزت بعمليات القرصنة التي لم يسبق لأي جماعة إرهابية استخدامها. وبعد سنين من النجاح ونشر الرعب تلقت هزيمة كاسحة على يد الجيش السريلانكي في عام 2009 في إحدى أقوى العمليات العسكرية التي أثارت الرأي العالمي لما تضمنته من قسوة وانتهاكات لحقوق الإنسان.
تشكل المناسبات الدينية توقيتاً مناسباً للإرهابيين في تنفيذ خططتهم فهم بذلك يضمنون التسليط الإعلامي ووجود الحشود من المصلين، ومن المتوقع أن تتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية لا سيما مع اقتراب شهر رمضان، وهنا لا بد من تشديد رقابة القوات الأمنية في الدول الإسلامية
اختلفت أصابع الاتهام تجاه الجهة المسؤولة عن التفجيرات، المعطيات الأولى تشير إلى تنظيم داعش الإرهابي، حتى برز اسم جماعة "التوحيد الوطنية" والمنشقة عن جماعة التوحيد في سريلانكا التي يرى الخبراء أنها فرع لتنظيم داعش في سريلانكا، على غرار بوكوحرام في نيجيريا. وقد استخدمت هذه الهجمات - أياً كان المنفذ- عبوات ناسفة وأحزمة انتحارية في ثمانية مواقع مختلفة بشكل متزامن منها ثلاثة فنادق وثلاث كنائس إبان الاحتفال بعيد القيامة، والملاحظ أنه لم يكن وفق تكتيك الذئاب المنفردة بل كانت خلية أو أكثر من تنظيم نفذت الفعل المشؤوم.
وبالتزامن مع حادث كولومبو تم إحباط هجوم داعشي آخر على مركز شرطة الزلفي شمال الرياض، هجوم آخر نفذته "خلية" أخرى تضمن 4 دواعش. وفي اليوم نفسه فجرت "خلية" داعشية أخرى مكونة من 4 أشخاص مبنى وزارة الاتصالات في العاصمة الأفغانية كابول، فهل هذه علامة على أن داعش بعد خسارته أرضه في سوريا سيترك ذئابه المنفردة ويُفعّل خلاياه لتنفيذ هجماتٍ أكثر احترافيةً وفتكاً؟
تشكل المناسبات الدينية توقيتاً مناسباً للإرهابيين في تنفيذ خططتهم فهم بذلك يضمنون التسليط الإعلامي ووجود الحشود من المصلين، ومن المتوقع أن تتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية لا سيما مع اقتراب شهر رمضان، وهنا لا بد من تشديد رقابة القوات الأمنية في الدول الإسلامية والعمل على تطوير برامجها لمكافحة الإرهاب، لأنه في نهاية المطاف الوقاية خير من العلاج.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة