الترتيبات الأمنية.. حجر عثرة في طريق سلام جنوب السودان
عقبات على رأسها انعدام الإرادة السياسية، تقف عائقا أمام إنجاز اتفاق الترتيبات الأمنية الموقع بين حكومة جوبا والفصائل المعارضة.
وإلى جانب الإرادة السياسية يواجه الاتفاق الموقع عام 2018 في أديس أبابا، صعوبات لوجستية وغياب الدعم والتمويل الإقليمي والدولي.
وبموجب ذلك الاتفاق، كان من المفترض تخريج 83 ألف جندي بمشاركة جميع أطراف الحل، ليكونوا النواة الرئيسية للجيش المستقبلي للبلد الوليد.
لكن، مضى عام كامل منذ تشكيل الحكومة الانتقالية في فبراير/شباط الماضي، وما زالت تلك القوات قابعة في معسكرات تنتظر اكتمال تدريبها وتخريجها.
ولهذه القوات أهمية قصوى في حماية أعضاء الحكومة الانتقالية، والمنشآت الحيوية داخل العاصمة ، ورغم ذلك ما زالت تبارح مكانها .
مشاكل لوجستية
وتعترف الحكومة في جنوب السودان بوجود صعوبات تواجه اتفاق الترتيبات الأمنية، وهو ما أكده لول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم الجيش الحكومي.
وقال كونغ، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن هناك مشاكل لوجستية تواجه اكتمال الترتيبات والتجهيزات الخاصة بالقوات والمعسكرات.
وبيّن أن اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم جميع الفصائل الموقعة على الاتفاق رفعت ميزانيتها للجهات العليا ولا تزال تنتظر بسبب قلة الموارد المالية للدولة.
وللوقوف على تفاصيل الاتفاق، أوضح المتحدث العسكري أن الحكومة تستهدف في المرحلة الأولى تخريج 3 آلاف جندي في إطار القوة الخاصة بحماية الشخصيات الهامة، ومن ثم الشرطة الموحدة، وبقية القوات الأخرى التي نصت عليها اتفاقية السلام".
انهيار في معسكرات
في الأثناء، بدأت نذر المشكلة تلوح في الأفق بسوء الأوضاع التي تشهدها بعض معسكرات التدريب بسبب انعدام المعينات الأساسية كالغذاء، والأدوية، والمياه النظيفة.
فمنذ شهر فبراير/شباط الماضي وحتى الآن، توفي ما لا يقل عن خمسة جنود في معسكرات ومراكز التدريب بسبب الأمراض المنتشرة هناك .
وفي هذا الصدد، قال تيشومي قيميشو، رئيس الآلية الانتقالية لمراقبة وقف إطلاق النار، إن "هناك بعض المعسكرات ومواقع التدريب أوشكت على الانهيار الكلي بسبب غياب الدعم اللوجستي، وعدم وضوح الفترة الزمنية التي سيقضيها المتدربون في تلك المعسكرات" .
وكشفت تقارير ميدانية، عن مغادرة عدد من القوات معسكرات التدريب ومعها أسلحتها ، والعودة إلى قراهم أو المناطق السكنية المجاورة .
وكان الجنود الحكوميون في السابق يعيشون على التعيينات التي تقدمها لهم الحكومة، وكذلك الحال بالنسبة لجنود المعارضة الذين كانوا يتواجدون في مناطق ومعسكرات يسيطرون عليها ويوفرون فيها الأغذية وفي حال نقصها كانوا يفرضون على الأهالي ضرائب في التجارة و المحاصيل.
الميزانية سيد الموقف
ويرى لام فول قبريال، المتحدث الرسمي باسم قوات المعارضة المسلحة الموالية لريك مشار، أن انتظار مصادقة الجهات الحكومية العليا على الميزانية سيظل هو سيد الموقف.
وفي تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، لفت إلى أن القوات الموجودة حاليا بالمعسكرات تفتقد للطعام والأدوية.
وأضاف "نحن لا نزال في انتظار لجنة الترتيبات الأمنية لتوفير الميزانية الخاصة بتجهيز القوات وتخريجها على مراحل ودفعات".
وتشتكي القوات الموجودة داخل معسكر (ونبور) لتدريب وحدات الحماية الخاصة غربي العاصمة جوبا، من بقائها داخل معسكرات التدريب لفترة عام كامل دون معرفة الفترة الزمنية التي سيقضونها بالمعسكرات ومتى سيتم تخريجهم.
وجنود يشتكون
ويقول أحد الجنود التابعين للمعارضة المسلحة المتواجدين داخل معسكر تدريب وحدات الحماية الخاصة، لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم ذكر اسمه "نحن موجودون هنا لقرابة العام، والأوضاع متردية عندنا ولا نستطيع العودة لمزاولة حياتنا ، كما أن موعد التخريج غير محدد إلى الآن".
من جهته طالب رجب مهندس ، ممثل منظمات المجتمع المدني في مجلس الدفاع المشترك ، الأطراف الموقعة على اتفاق السلام في الحكومة والمعارضة، بالإسراع لإيجاد التمويل اللازم لإكمال عملية تدريب القوات المشتركة، من جيش وشرطة وأمن وطني، "حتى تنتهي عملية تنفيذ بند الترتيبات الأمنية وينعم مواطنو جنوب السودان بالسلام والأمن والاستقرار".
ولا يخفي مهندس مخاوفه من انهيار اتفاق الترتيبات الأمنية "بسبب الإهمال وغياب التمويل، وهذه مسألة خطيرة حينما ترى عددا من الجنود الجوعى يغادرون المعسكرات بأسلحتهم".
وفشلت أطراف السلام في الحكومة والمعارضة في استقطاب الدعم والتمويل، لوجود مخاوف متعلقة بتشكيك بعض الدول والحكومات الغربية في إمكانية نجاحها بإعادة الأمن والاستقرار لدولة جنوب السودان ، خاصة بعد انهيار الاتفاق الأول الموقع عام 2015 وعودة العنف والاقتتال في أجزاء واسعة من البلاد بسبب العلاقات المتردية بين الرئيس كير ونائبه مشار.