توم داي.. ماذا تعرف عن فناني الكاريكاتير في جنوب السودان؟
جنوب السودان وبرغم كونه دولة وليدة إلا أنه يزخر بمواهب فنية ازدهرت خلال فترة النزوح التي أعقبت اندلاع الحرب الثانية في 1983.
وقد كانت جميع تلك الاهتمامات منصبة في الجانب السياسي حيث تركزت معظم الكتابات في الصحف والمجلات على تناول أخبار الحرب والمعاناة.
وفي تلك الظروف ترعرع جيل جديد استفاد من واقع حياة المدينة وحظي بقدر من التعليم وتفتح على اهتمامات جديدة في الإبداع والرسم والتشكيل، وجميعها مجالات لم تكن مطروقة من قبل، لكن إصرار هؤلاء الشباب ومغامرتهم أدخلتهم إلى عوالم الشهرة باعتبارهم الجيل الرائد في جميع ضروب العمل الفني والتشكيلي.
يعتبر توماس داي فال، والمعروف باسم "توم داي" هو الأكثر شهرة من بين رسامي الكاريكاتير في جنوب السودان.
يتحدث الناس عن رسوماته كثيرا ويترقبونها بلهف مع صدور كل عدد جديد من صحيفة "جوبا مونيتور"، التي ينشر فيها رسوماته في جوبا، عاصمة جنوب السودان، والتي تعتبر الأوسع انتشارا في جنوب السودان.
ويتميز الرجل بأسلوبه الخاص في رسم الكاريكاتير البسيط والساخر، كما يهتم بتسليط الضوء علي القضايا الجوهرية ذات الارتباط بهموم وقضايا المواطن في دولة حديثة الاستقلال وتعيش العديد من التحديات من حيث الخدمات والبنية التحتية وتفشي القبلية.
يقول توم لمراسل "العين الإخبارية": "بدأت الرسم قبل دخولي الروضة، حيث كنت أتابع قراءة مجلة ميكي جيب و"الصبيان" السودانية، وكانت لدي كمية من تلك المجلات التي تعلمت منها الرسم بحيث كنت أدرس وقتها بمرحلة التعليم الأساسي، ونلت تدريبا بسيطا مع الكاريكاتيرست السوداني الأستاذ كاروري، وأصبحت متخصصا في مجال رسم الكاريكاتير".
بعد أن صقل موهبته مبكرا، بدأ توماس في إرسال رسوماته إلى جريدة "الدار" السودانية عام 2003، والتي عمل فيها بعد ذلك متطوعا لفترة 3 أعوام، انتقل بعدها إلى صحيفة (زول) التي كانت تدار بواسطة رسام الكاريكاتير السوداني كاروري.
وفي تلك الأثناء نال توماس بعض التدريب علي كيفية الرسم بمعهد (زول) المتخصص في رسم الكاريكاتير. ومنها انتقل في عام 2006 إلى صحيفة سودان تريبون الإنجليزية، التي كانت تصدر من الخرطوم قبل انفصال جنوب السودان، واستمر فيها حتي العام 2010.
وفي تلك الأثناء كان يبعث ببعض رسوماته إلى الصحف العالمية مثل صحيفة "نيويورك تايمز"، لكنها لم تنشر إلا في صحيفة "أفرونيوس" الجنوب أفريقية، كما نال عضوية جمعية الحركة الكرتونية بهولندا.
يقول توم لـ"العين الإخبارية": "فن الكاريكاتير أدخلني في عالم الخيال لتناول مواضيع حساسة، اتعامل معه ببساطة، وأفكر دائما في الكاريكاتير بدون تعليق وسخرية، كما أفكر في كيفية نظرة القارئ وتفسيره للكاريكاتير خاصة بالنسبة للشخص العادي، فالكاريكاتير في تعريفي هو تناول مواضيع حساسة في شكل ساخر، ويكون الرسام في حالة تحكم دون الإساءة للشخص المقصود من الرسم".
وبرغم قصر عمر تجربته الفنية في مجال رسم الكاريكاتير، إلا أن توماس كان قد مر بصعاب عديدة، واجهته تهديدات خطيرة عندما كان في الخرطوم جراء وقع رسوماته الساخرة، لكنه استمر في أداء رسالته برغم المخاطر عبر صحيفة سودان تريبون الإنجليزية التي كان أغلب محرريها ومالكيها من جنوب السودان.
خلال تلك الفترة استطاع الفنان داي أن يسلط بريشته المبدعة الضوء الكثيف علي قضية المفاوضات بين جنوب السودان ودولة السودان عقب انفصال الأولى.
كما كان تركيزه في المعالجات الفنية منصبا في رفع وعي الشارع بقضية النفط إلى جانب بعض الرسومات ذات البعد الاجتماعي التي تتناول قضايا الصراعات القبلية ومشاكل أخرى مثل غلاء المهور.
وعن مدى استجابة الشارع العام في جنوب السودان لما يتناوله من خلال رسوماته الكاريكاتورية، يؤكد توم أن هناك استجابة كبيرة وتفاعل كبير يجده في الشارع العام، ويفسر هذا التفاعل والاهتمام بالكاريكاتير بأنه يعود لبساطة التناول، لا سيما أن البعض قد لا يجيد القراءة لكنه يستوعب الرسالة المقصودة من الرسم.
ويقول توماس داي: "نحن في جنوب السودان لا نكاد نتجاوز 6 رسامين، وهناك 4 يعملون في الصحف، لكن يوجد بيننا تنسيق كبير، وحاليا نفكر في تكوين جمعية بسيطة حيث يمكننا المشاركة في المنافسات العالمية.
وصدر لفنان الكاريكاتير الجنوب سوداني توم داي قبل أعوام كتيب صغير يحوي مجموعة من رسوماته المنشورة بالعربية في صحيفة المصير والموقف عن دار رفيقي للنشر.
كما أصبح يساهم برسوماته مع مجموعة من المبدعين والناشطين في حملات مجابهة خطاب الكراهية عبر الفنون، إلى جانب مواظبته على نشر رسوماته بشكل يومي على صدر صحيفة جوبا مونيتور الإنجليزية التي تصدر بمدينة جوبا.