لا يمكن بحالٍ من الأحوال أنْ تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار دون لمّ شملِ الدول العربية تحت مظلةٍ موحدةٍ.
تتعامل مع القضايا العالقة على مبدأ الشراكة في الضراء والسرّاء، وهو المبدأ الذي تعمل عليه كلٌّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدّةِ بكلّ ما لديهما من قوّةٍ سياسيّةٍ ودبلوماسيّةٍ واقتصاديّةٍ، وفي هذا السياق تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" للمملكة ولدولة الإمارات، من أجل توطيد العلاقات العربية العربية وتوحيد الرؤى لحلّ الأزمات المعقدة.
فالعراق قارب أنْ يطوي العقد الثاني من الفوضى السياسية والأمنية وعدم الاستقرار الذي يعمل عليه ليل نهار كلُّ من لا يريد الخير للعراق، ولا يهدفُ إلا لجعله مكسور الجناح، وزجّه في معادلاتٍ فاشلةٍ على حساب الوطن والشعب العراقي الذي استُنزفت كلُّ مقدّراته بمشروعاتٍ لا ناقة له فيها ولا جمل.
أعوامٌ طويلةٌ ومآسٍ مرّة كانت كفيلةً بأنْ يعي العراقيون اليوم أنْ لا سبيلَ لخلاص بلدهم من محنه المتلاحقة إلّا بالتمسك باليد العربية التي وجدوها ممدودةً وخيّرةً متمثلةً باليد السعودية والإماراتية، اليدان اللتان لم تُحجبا يوماً عن طالبِ حاجة، فما بالك بشقيقٍ مثل العراق ألمه ألم العرب جميعاً وفرحه فرح العرب جميعاً!؟
فالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتصدران اليوم سدّة العروبة بالتصدي لقضايا الدول العربية ومساندتها على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية بل وحتى العسكرية، وهما يضعان نصب عينيهما أنّ استقرار وأمن العراق ليس حاجةً أو ضرورةً عراقيّة فحسب، بل هو مشروعٌ عربيٌّ شأنه شأنُ أي دولةٍ عربية شقيقة، لذلك تبذل الجهود لانتشال بلاد الرافدين من كبوتها، فكانت زيارة "الكاظمي" محطّ حفاوةٍ وتكريمٍ من أشقائه في المملكة والإمارات، كما كانت مثمرةً بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي لا تأخذُ شكل اتفاقيات أو تفاهماتٍ رسميةٍ – على أهميتها - وإنما هي ذات مدلولاتٍ أعمق من ذلك، ولا سيّما أنها أخذت الطابع الأمني والاقتصادي، فالأمن والاقتصاد لا يمكن بحالٍ أنْ يكونا مجرّد اتفاقيات بروتوكولية، بل إنهما يدلان صراحةً على أنّ المنطقة العربية لا يمكنُ أنْ تكونَ إلا جسداً واحداً، فأمن الفرد من أمن الجماعة واستقرار القطر من استقرار الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.
ولكن كي تنجح هذه المساعي والخطوات المباركة من البلدين الشقيقين "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة" لا بدّ أنْ تُكرّس هذه المبادئ على المستوى المحليّ في العراق والعمل من أجل العراق واستقلاله، من خلال إعلاء مصلحته على كلّ اعتبارٍ خارجيٍّ من شأنه تكبيل بغداد وتحويلها إلى ساحة صراعٍ وحربٍ بالوكالة، وتكريس مبدأ الدولة المؤسساتية القادرة على ضبط البلاد وإرساء مبدأ سيادة القانون والاستقلال في القرار السياسي، وهو ما يحترمه أشقاء العراق الذين يمدون له اليد على هيئة اتفاقات ومشاريع وصناديق قانونية مشتركة تهدفُ إلى تعزيز استقلال العراق ونهوضه أمنياً واقتصادياً، لا على هيئة ميليشيات وتنظيمات لا هدف لها إلا زعزعة البلاد وتحويلها إلى بنادق طائفية عمياء لا تعرف سوى لغة القتل والدم.
فكانت وما زالت السياسة والجهود المبذولة من "الرياض" و"أبوظبي" إنما تتعامل مع الأشقاء العرب على مبدأ التكافل والتضامن والاستعداد التام على تقديم كل المتاح من أجل أمنهم واستقرارهم، فيظهر جلياً أنّ استقرار المنطقة العربية بكل بلدانها وليس العراق فحسب إنما هو مشروع عربيٌّ وليس مشروعاً وطنياً، فلا بدّ من تكريس الدول المعنية كسوريا وليبيا التي تعاني من أزماتٍ وحروبٍ طاحنةٍ لهذا المبدأ لتجد حينها اليد العربية التي ترنو إلى مثل هذه الخطى في المملكة والإمارات ممدودةً لتبلغ مناها ومنى العرب جميعاً في الأمن والاستقرار والنهوض.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة