"الجمود".. توقعات ما بعد خسارة الإخوان للانتخابات النيابية بالأردن
قال خبراء ومحللون سياسيون إن تراجع تنظيم الإخوان في الأردن وسقوطه الجديد يعكس انحسار تيار الإسلام السياسي بصورة كبيرة، وتراجع شعبيته في الشارع.
وأشار الخبراء إلى أن تراجع إخوان الأردن مؤشر على أن التنظيم سيدخل في حالة جمود لفترة، خاصة مع فقدانها عدد كبير من المقاعد في الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد، الثلاثاء الماضي.
هذا التراجع أظهرته النتائج الأولية للانتخابات التي حصل فيها "التحالف الوطني للإصلاح" الذي يقوده حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان وأبرز أحزاب المعارضة في البلاد، على 8 مقاعد بدلا من 16.
وأفرزت الانتخابات 100 وجه جديد لمجلس النواب الذي سيعود له نحو 30 نائبا سابقا، وسيدخله أيضا 20 من كبار العسكريين المتقاعدين، مع استمرار نفوذ العشائر ورجال الأعمال.
مرحلة جمود
الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، رأى أن تراجع إخوان الأردن في الانتخابات البرلمانية أمر طبيعي في ظل انقسام التنظيم في البلاد حول نفسه.
ونبه إلى أن المؤشرات الأولية للنتائج كشفت عن انحسار التيار الإسلامي بصورة كبيرة، وهذا مؤشر على أن الجماعة ستدخل فى حالة جمود لفترة، خاصة مع فقدانها عددا كبيرا من المقاعد.
كما أكد أن الجماعة فقدت حضورها فى مجالس الانتخابات التشريعية، وسيكون لهذا التراجع تأثير كبير فى مجالس المحافظات والبلديات الفترة المقبلة، على وضع الجماعة وشكلها.
وأرجع أسباب تراجع الإخوان أيضا إلى وجود انشقاقات وخلافات داخلية وتجاذبات عديدة، شهدها التنظيم في الفترة الأخيرة، ولم تظهر للعلن إلا فى الانتخابات، فضلا عن فقدان التنظيم شعبيته في الشارع.
وشدد فهمي على أن "السياسة لم تكن حاضرة فى أغلب الأحزاب، حيث إن الأحزاب اليسارية والقومية والعلمانية والتيار المدني رسب، وبالتالي لم يقتصر الأمر على التيار الإسلامي والذى هزم بشكل واضح".
وفي قراءته لنتائج الانتخابات الأردنية، قال الدكتور منذر الحوارات المحلل السياسي الأردني في تصريحات لـ"العين الإخبارية" من عمان، إن النتائج تشير بشكل واضح إلى غياب تمثيل المرأة والأحزاب، في الوقت الذي انتصرت فيه المكونات التقليدية العائلية والمناطقية والعشائرية.
وأكد إلى أن الإسلام السياسي لم يتراجع وحده بل جميع الأحزاب تراجعت في هذه الانتخابات رغم إعلانها المبكر عن خوض غمار هذه العملية الانتخابية
وقال إن "الناس لم تعد بحاجة لسماع خطاب أيديولوجي، أو لطرح أحزاب أيديولوجية لها مشروع أكبر من حدود الدولة، بل تريد ما يمس جوهر حياتها اليومية".
صعود المال الأسود
كما أبرز تراجع واضح في نسب المشاركة والإقبال، وصعود حقيقي للمال السياسي، أو المال الأسود، والمؤسسات الشخصية التي لا تعبر عن انتماء حزبي ولا على إيمان بالمؤسساتية.
ورأى أن فوز 30 نائبا من دور الانعقاد الماضي مؤشر على خيبة أمل من قبل ناخيبهم بأدائهم في المجالس السابقة.
كما أبرز مظاهر سلبية أخرى شابت العملية الانتخابية، قائلا: شهدت الانتخابات حالات من الفرح المبالغ فيه والذى شكل تهديدا لهيبة الدولة، ومكانة القانون، وبذلك فإن بعض الفائزين الجدد قاموا بخرق القانون مباشرة قبل أن يصلوا إلى قبة البرلمان، وهو ما يشكك في أدائهم المستقبلي.
ودعا "الحوارات" إلى مراجعة عميقة للأسس التي تقوم عليها العملية السياسية الديموقراطية في الأردن، والأخد بعين الاعتبار جعل مجلس النواب في مكانه الحقيقي من التشريعات بحيث يحظى بثقة المصوتين والمجتمع.
وقال الكاتب خير الدين الجابري: إن الإخوان لا كسبوا مجلس ولا حتى شعب.. برغم جميع مبرراتهم لخوض الانتخابات".
يذكر أن مليونا و387 ألفا و673 ناخبا أدلوا الثلاثاء الماضي بأصواتهم في انتخابات شاركت فيها الحركة الإسلامية ومرشحون يمثلون عشائر أردنية كبرى ومستقلون وعدد من اليساريين، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال.
وشهدت هذه الانتخابات إقبالا ضعيفا على التصويت، بنسبة 29,9%، بينما بلغت في الانتخابات السابقة 36%.
وتنافس 1674 مرشحا بينهم 360 سيدة على مقاعد مجلس النواب الـ130 والتي يخصص 15 مقعدا منها للنساء.
ورغم حظر التجول الذي فرضته السلطات منذ مساء الثلاثاء بهدف منع الاحتفالات التي تلي عادة فرز الأصوات وإعلان النتائج، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو تظهر تجمعات واحتفالات وإطلاق نار في بعض المناطق بعد ظهور نتائج أولية.
كما أقدم غاضبون بسبب عدم فوز مرشحيهم على إقفال طرق وإحراق حاويات نفايات في منطقة شفا بدران غرب عمان.
وقال ملك الأردن، عبدالله الثاني، إن القانون يطبق على الجميع ولا استثناء لأحد، كما استنكر المظاهر المؤسفة التي تسبب بها البعض بعد العملية الانتخابية، واصفا إياها بـ"خرق واضح للقانون".
وفي يوليو/تموز الماضي، باتت جماعة الإخوان، منحلة بموجب قرار قضائي من أعلى سلطة في الأردن، في خطوة على طريق قطع مسارها المشحون بانتهاكات تحولت بمرور الأيام إلى مشنقة وضعت الحد لوجودها.