نصائح لستارمر قبل لقاء ترامب.. تجنب أسلوب ماكرون ولا تقع في خطأ ماي

يوم الخميس القادم، يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في البيت الأبيض في اجتماع حاسم.
ومن المتوقع أن ينصح المستشارون من داونينغ ستريت ووزارة الخارجية ستارمر أن يكون واضحا للغاية بشأن نقاطه الرئيسية، وقبل كل شيء، أن يكون موجزًا.
وقال مصدر مطلع لصحيفة "الغارديان" البريطانية "يشعر ترامب بالملل بسهولة شديدة.. عندما يفقد الاهتمام ويعتقد أن شخصًا ما ممل، فإنه يتوقف عن الاستماع" وأضاف "إنه لا يحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جزئيًا لأنه يتحدث كثيرًا ويحاول إلقاء المحاضرات عليه".
ومن النصائح الأخرى التي سيتلقاها ستارمر، الإطراء على ترامب عندما يستطيع، وأن يخبره بأن الجميع ممتن له لأنه ركز انتباه العالم على الحاجة إلى السلام بين روسيا وأوكرانيا لكن عليه أن يفعل ذلك بشكل خفي ودون مبالغة.
وكتحذير لستارمر يتداول البعض قصة غير مؤكدة عن اللقاء الأول الذي جمع ترامب مع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي في البيت الأبيض عام 2017.
ووفقا لأحد المصادر فعندما ذهبت ماي لأول مرة لرؤية ترامب، قيل لها إنها يجب أن تهنئه على الكثير من الأشياء لذا، هرعت إليه وهنأته على تعييناته الوزارية الجديدة قائلة: لقد عينت فريقًا رائعًا، دونالد".
وأضاف المصدر أن ترامب قال لها "شكرًا جزيلاً لك، تيريزا.. من تحبين بشكل خاص بينهم؟" وهو الأمر الذي تركها في حيرة بعض الشيء قبل أن ترد قالت فقط "حسنًا، كلهم، دونالد".
والدرس هنا هو أن الكثير من الإطراء يمكن أن يتحول إلى مشكلة في حين يتطلب التعامل مع ترامب جهدا كبيرا من قادة العالم لتحقيق موازنة شبه مستحيلة عن صياغة ردودهم على الرئيس الأمريكي.
وعلى سبيل المثال تعتبر الحكومات الأوروبية بما في ذلك الحكومة البريطانية أن العديد من تصريحات ترامب حول أوكرانيا، مثل تحميل كييف مسؤولية الحرب، تصريحات سخيفة لكن لا أحد يستطيع قول ذلك خوفا من انتقام الرجل.
وأكد بيتر ريكيتس، السفير البريطاني السابق في باريس، إنه يتعين على ستارمر الابتعاد عن خطاب ترامب وقال "يجب أن يركز ليس على ما يقوله ترامب بل على ما يفعله.. يحتاج إلى إقناع ترامب أن الصفقة المتسرعة مع روسيا ستخدم مصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيُنظر إليه على أنه قوي وأن ترامب ضعيف".
واتفق مصدر بريطاني كبير آخر مع هذا الرأي، قائلاً إن ستارمر بحاجة إلى إقناع ترامب أن الحصول على سلام عظيم لكن لا يمثل صفقة عادلة سيمنع الرئيس الأمريكي من كسب مكانة في التاريخ وأضاف "يحتاج ستارمر إلى جعل ترامب يعتقد أن نجاحه يعتمد على عدم الاستسلام لبوتين، لأنه إذا فعل ذلك فسوف يبدو ضعيفًا".
ووسط التراشق المتبادل عبر القارات، واجه الزعماء السياسيون في المملكة المتحدة أيام صعبة ومؤلمة في محاولة التكيف مع تصريحات ترامب التي كان آخرها قوله إن ستارمر وماكرون لم يفعلا أي شيء جدير بالملاحظة لحل الحرب في أوكرانيا.
وحتى زعيم حزب الإصلاح في المملكة المتحدة نايجل فاراج، الذي يتباهى بعلاقته الوثيقة مع ترامب والجمهوريين، اضطر إلى المراوغة في ردود أفعاله، حتى يتمكن من الادعاء بأنه ينأى بنفسه عن الرئيس الأمريكي وفي الوقت نفسه يصدق على تدخلاته.
فمثلا عند تعليقه على تصريح ترامب بأن زيلينسكي كان ديكتاتورا، قال فاراج "خذ كل ما يقوله ترامب بصدق، ولكن ليس حرفيا" وحاول أن يزعم أن ترامب "لا يقول حرفيا أن أوكرانيا بدأت الحرب"، وركز بدلا من ذلك على جهود إحلال السلام.
ومع انتقاد الرأي العام البريطاني لتعليقات الرئيس الأمريكي، أظهر استطلاع رأي أجرته "أوبينيوم" اليوم لصالح صحيفة "ذا اوبزرفر" أن نسبة الموافقة على إدارة ترامب فيما يتعلق بأوكرانيا بلغت (-40٪) مقابل (-2%) لصالح إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
من جانبها، كتبت زعيمة حزب المحافظين، كيمي بادينوك على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي إن "الرئيس زيلينسكي ليس ديكتاتورًا" وذلك على الرغم من أنها تدعم تعليقاته بشأن الحاجة إلى زيادة الدول الأوروبية للإنفاق الدفاعي.
ولا يتفق نحو 61% من الناخبين المحافظين مع إدارة ترامب بشأن أوكرانيا لذا فإن عدم تعبير بادينوك عن بعض التحفظات بشأن الرئيس الأمريكي كان سيجعلها في ورطة كبيرة في حزبها.
في الوقت نفسه، وجد الليبراليون الأحرار، الذين يبحثون عن المزيد من المقاعد والأصوات الفرصة للظهور كحزب مناهض لترامب وقال كالوم ميلر، المتحدث باسم الحزب للشؤون الخارجية، إن الحزب عليه واجب للدفاع عن الناس في دائرته الانتخابية وغيرهم ممن رفعوا الأعلام الأوكرانية في قراهم واستقبلوا لاجئين أوكرانيين مضيفا "دورنا أن نكون صوتهم في البرلمان، وأن نقول إن ترامب نرجسي لا ينبغي الوثوق به".
وأشارت مصادر حكومية مساء أمس الأول إلى أن ستارمر سيحاول على الأرجح التحدث إلى ماكرون قبل سفر الرئيس الفرنسي إلى واشنطن، وذلك للاتفاق على الخطوط العريضة للموقف الأوروبي.
لكن مصدرًا آخر رفيع المستوى اعتبر أن آخر شيء يجب على ستارمر فعله خلال لقائه مع ترامب هو محاولة التحدث نيابة عن الأوروبيين أو تمثيل موقف أوروبا.
وقال إن "ترامب أوضح الأسبوع الماضي ما يفكر فيه بشأن الزعماء الأوروبيين.. ويحتاج ستارمر إلى أن يكون رجلاً مستقلاً، ليقول إن المملكة المتحدة كانت أول دولة تعرض إرسال قوات إلى أوكرانيا والقيام بدورها".
وأضاف "إذا فعل ذلك، ونجح في إقناع ترامب بأن الأمر سيبدو فظيعًا للعالم إذا سمح لبوتين بالحصول على كل ما يريد، فقد تكون هذه لحظة كبيرة بالنسبة له".