"الفراعنة النجوم".. معرض فني يحاكي أسرار مصر في فرنسا
ذاعت شهرة بعض الفراعنة عالمياً فيما سقط آخرون في غياهب النسيان، وفق ما يُظهره معرض "الفراعنة النجوم" المقام في مرسيليا الفرنسية.
المعرض يستكشف العوامل التي جعلت الأجيال تتناقل أسماء أبرز هؤلاء منذ خمسة آلاف عام.
وبينما عرفت مصر على مدى ثلاثة آلاف سنة أكثر من 340 فرعونا، لم تكتسب سوى حفنة منهم شهرة، بفضل إنجازات عسكرية أو معمارية نُسبت إليهم، كارتباط أسمائهم بمعابد أو أهرامات أو تماثيل ضخمة، أو جراء مصادفات تاريخية.
ويقول عالما المصريات فريديريك موجونو وجييوميت أزندريو-لانويه القائمان على المعرض المقام في متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية "إنّ خوفو ونفرتيتي وتوت عنخ آمون ورمسيس أسماء معروفة اليوم بعد مرور آلاف السنين على رحيل أصحابها. لكن من يتذكر نخت أنبو (...) أو أحمس وبسماتيك وسنوسرت، وهي أسماء حظيت بشهرة في أوروبا خلال القرن الثامن عشر؟ بالإضافة إلى سنوسرت الثالث وأمنمحات الثالث المبجلين من مصريي الألفية الأولى".
بالإضافة إلى فراعنة منبوذين استمرت أسماؤهم حاضرة بقوة على مر القرون، ومن هؤلاء الملكة حتشبسوت التي شكل انتقال السلطة إليها بعدما كان حكراً على الرجال سابقة آنذاك، بالإضافة إلى إخناتون وزوجته نفرتيتي اللذين تجرآ على إجراء إصلاحات جذرية في مجالي الدين والسلطة.
أما بالنسبة إلى الملكة كليوباترا التي يتناولها المعرض أيضاً، فصوّرها المؤرخون الرومان على أنها مغرية وفاسقة، بينما رأى العالم العربي فيها امرأة بناءة وعالمة.
ويقول فريديريك موجونو: "خلال العمل على هذا المعرض، تبيّن لنا أنّ كليوبترا كانت تمثل رمزاً وصورة عن الشهرة والذاكرة. إنّ المشاهير في الماضي مختلفون عن أولئك الحاضرين في الزمن الحالي وهؤلاء ربما لن يشبهوا المشاهير المستقبليين"، مشيراً إلى "سخرية التاريخ" أو حتى "الحظ" الذي ساهم في إشهار بعض الفراعنة.
أيقونة وطنية
وكان مقرراً افتتاح المعرض المُقام حتى 17 أكتوبر/تشرين الأول سنة 2020.
وبعد تأجيله جراء الجائحة، التي تم انعقاده أخيراً في السنة المناسبة، لأن عام 2022 يمثل الذكرى المئوية الثانية لفك رموز الكتابة الهيروغليفية من قبل جان فرانسوا شامبليون، والذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وكنوزه.
ويتألف المعرض الممتد على ألف متر مربع من ثلاثة أجزاء، يعرض الأول منها كل ما يرتبط بذكرى الفراعنة في الحضارة الفرعونية، فيما يركز الجزء الثاني على صورة الفراعنة حتى القرن الثامن عشر استناداً إلى نصوص يونانية-رومانية وأخرى دينية.
أما القسم الأخير من المعرض فتبرز فيه ثورة شامبليون التي بدّلت نظرة العالم إلى مصر القديمة.
وتُعرض مجموعة كبيرة من الوثائق التاريخية بدءاً من النصوص الهيروغليفية المصرية وصولاً إلى المخطوطات العائدة إلى القرون الوسطى والرسوم الكلاسيكية.
وتعكس أغراض قديمة تُستخدم كذلك في عصرنا هذه الشعبية التي كان يتمتع بها الفراعنة وصورتهم في المخيلة الحديثة.
ويبرز من بين القطع الأكثر جمالاً تمثال للإله آمون الذي كان في الأصل مصحوباً بتمثال لتوت عنخ آمون قبل أن يدمره المصريون القدماء لمحو الذكرى المرتبطة به.
ومن القطع البارزة كذلك قبضة ضخمة من تمثال تابع لرمسيس الثاني بالإضافة إلى مخطوطات من شامبليون ونسيج غوبيلين تعود إلى القرن السابع عشر تجسد المواجهة بين موسى وفرعون.
ويتناول القسم الأخير من المعرض الاستخدامات الحديثة لصورة الفراعنة، كما في إعلانات الصابون وماكينات الخياطة وحتى الدراجات النارية، كذلك استخدمت هذه الصورة في الفن والسياسة.
ويقام المعرض بالشراكة مع متحف كالوست جولبنكيان في لشبونة، حيث سينعقد بين 24 نوفمبر/تشرين الثاني و6 مارس/آذار 2023.
ويعرض أعمالاً مأخوذة من مجموعات تعود إلى متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية ومتحفي اللوفر و"موزيه دورسيه" في باريس، بالإضافة إلى متاحف إنجليزية وبلجيكية ونمسوية مهمة.