نشعر أن الأزمة نحو انفراج لأن أبناء قطر المخلصين سيتعاملون بجدية مع بيان الشيخ عبدالله، لأنه الملاذ الأخير لحل الأزمة
ثمة انعطافة تاريخية شهدتها الرياض حينما انعقدت فيها قمم ثلاث كانت بمثابة تدشين لحقبة جديدة تدخلها المنطقة وتعميقاً للشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية يكون فيها الدور الخليجي والعربي مؤثراً، ما يعني إعادة التوازن إلى منطقة الشرق الأوسط.
اتفقت الدول المشاركة أيضاً على التصدي للجذور الفكرية للإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، وتبادل المعلومات بشأن التنظيمات الإرهابية". كانت قطر من ضمن الدول المشاركة ولكن بعد نهاية المؤتمر بأيام خرجت علينا قطر بنسف كل ما صدر عن قمة الرياض والقصة معروفة.
أبناء قطر المخلصون سيتعاملون بجدية مع بيان الشيخ عبدالله لأنه الملاذ الأخير لحل الأزمة وبالتالي عودة قطر لمكانها الطبيعي. من المهم أن يستمر هذا الزخم ليستشعر نظام الحمدين أن المشهد قد تغير وأن المعطيات لم تعد كما هي.
الآن هناك بارقة أمل لحل الأزمة الخليجية لا سيما بعد صدور بيان الشيخ عبدالله آل ثاني، وهو عضو بارز في الأسرة الحاكمة القطرية. ورغم أننا اعتدنا على أسلوب السلطة في قطر في إضاعة الفرص إلا أننا ما زلنا نأمل في أن تكون هذه المبادرة مدخلاً لحل الأزمة من جذورها. دعوته لاقت ترحيباً وتجاوباً سريعاً من قطاعات واسعة سواء في الداخل القطري أم خارجه. هناك تأييد من أفراد من الأسرة الحاكمة وتجاوب معلن من قبل المعارضة القطرية، وهناك ترحيب خليجي واضح. جاء البيان واقعياً وصادقاً ومباشراً نحو إعادة الأمور إلى نصابها ولتقوية اللحمة الخليجية، داعياً إلى اجتماع عائلي ووطني لبحث الأزمة.
نعلم أن هناك العديد من الثقات والحكماء والعقلاء في قطر ممن يرفضون السياسات الحالية ويرغبون في عودة الدوحة لحضن شقيقاتها الخليجيات، وهو ما يعزز المقولة التي ترى أن حل أزمة قطر هو بيد القطريين أنفسهم، وكان محقاً الشيخ عبدالله عندما قال إن واجبنا ومسؤوليتنا عدم الصمت والسكون في هذه الأزمة. استشعار القطريين بخطورة الوضع وما ستؤول إليه الأمور تطور مهم على صعيد الأزمة وسيدفع كما أتصور باتجاه اتخاذ قرارات مطلوبة، لإبعاد قطر عن شبح الفوضى والضياع والخراب.
الأمل معقود على هذه المبادرة بما تضمنته من آراء مهمة والاتفاق على عقد اجتماع شامل في أقرب وقت. كما شهدنا بالأمس قيام الدوحة بانتهاك حقوقي فاضح حينما سحبت الجنسية من عدد كبير من قبيلة آل مرة، وهذا يعارض اتفاقيات حقوق الإنسان. ترويع الشعب القطري أمر غريب والتشكيك في وطنية فئة باتهامات لا تستند على أدلة قاطعة أمر يثير القلق.
من يتعاطف مع قطر عليه أن يعود لما فعلته سلطة الحمدين خلال العقدين الماضيين وما انتهكته من حقوق وما ارتكبته من أفعال يندى لها الجبين. القضية لا تتعلق بالشعب القطري وعلاقته الأخوية بشعوب الخليج. نحن نركز على سياسات قام بها نظام الحمدين في كثير من الدول العربية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء فضلاً عن التحريض الإعلامي الرخيص وإيواء متهمين في قضايا إرهابية. والسؤال الكبير: ما مصلحة أربع دول عربية في استهداف قطر إلا أن كانت عانت الويلين من ممارساتها وسياساتها؟ ما حدث مع الدوحة هو امر غير مسبوق لم يحدث منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي ولكن المسؤولية تقع على عاتق قطر كونها امعنت في السير في مسارات تتصادم مع نظام مجلس التعاون. العناد السياسي القطري ما زال مستمراً برفض الوساطات والمحاولات ولم نلمس رغبة جادة في تغيير السياسات المتناقضة إلا أن خروج هذه المبادرة والحماسة التي قوبلت بها من أطراف وشرائح قطرية يدفعنا للتفاؤل بأن الأمور لن تبقى على ما كانت عليه. الهبة القطرية جاءت بعد أن أوصدت الدوحة الأبواب وظلت تماطل وتهرب إلى الأمام.
نشعر أن الأزمة نحو انفراج لأن أبناء قطر المخلصين سيتعاملون بجدية مع بيان الشيخ عبدالله، لأنه الملاذ الأخير لحل الأزمة وبالتالي عودة قطر لمكانها الطبيعي. من المهم أن يستمر هذا الزخم ليستشعر نظام الحمدين أن المشهد قد تغير وأن المعطيات لم تعد كما هي، وبالتالي أصبحت الصورة ليست الصورة.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة