السفينة البخارية.. رحلة 175 عاما بين الأمواج العاتية
ما بين براءة اختراع "روبرت فلتون" وإبحار "سكاي وندر" عشرات السنوات كانت حافلة بالعقبات والإنجازات في تاريخ السفن البخارية.
روبروت فلتون، هو أول شخص يحصل على براءة اختراع السفينة البخارية، وكان ذلك في 11 فبراير/شباط من عام 1809.
بينما "سكاي وندر"، هي آخر سفينة ركاب تعمل بالبخار وتم تأسيسها وإبحارها في عام 1984.
ما بين الحدث الأول والثاني رحلة تمتد لما يقرب من 175 عاما، انتقلت فيها السفن البخارية من مراحلها البدائية إلى مراحل أكثر تطورا، وساهمت بشكل كبير في عمليات النقل خلال فترة مهمة من تاريخ البشر.
والسفينة البخارية هي سفينة تعمل بالطاقة البخارية، باستخدام الماء، والذي يتحول إلى بخار بالحرارة، وله طاقة كبيرة في توليد الحركة، تزداد بمقدار ما ترتفع حرارة البخار وتزداد كميته.
وكان أول من فكر بأن الطاقة البخارية قادرة على تحريك السفن هو "دابان"، وانتبه علماء آخرون لملاحظته المهمة هذه، ومنهم المهندس الاسكتلندي جيمس واط، الذي يعود إليه الفضل في اختراع الآلة البخارية الأولى ذات الأسطوانة، التي لا يلعب فيها الهواء أي دور، والتي يقوم فيها البخار وحده بتوليد القوة المحركة.
أول سفينة بخارية تنزل الماء
شهدت المياه نزول أول سفينة بخارية للتجربة في عام 1778 وحققت نجاحًا ملحوظًا.
وهذه السفينة صممها "دابان" الذي بنى سفنا أخرى، ورغم الخسائر المادية التي لحقته، اضطّر في سنة 1801، أن يهدم قسمًا من أقسام بيته، لإكمال بناء إحدى سفنه.
سفينة فلتون
لكن صناعة السفن البخارية تطورت على يد الرسام الأمريكي روبرت فلتون، الذي بنى سفينة بخارية شهيرة جدًا هي (نوتيلوس)، التي طافت في سنة 1803، نهر السين في فرنسا.
وبدأت السفينة كليرمونت خدمة منتظمة في مياه الهدسون وكانت تحمل 100 راكب وبها 54 سريرا.
أما في أوروبا فقد أدخلت السفينة كوميت أول خدمة للركاب بين جلاسكو وهلسنبرج على نهر كلايد وكانت تسير بسرعة نحو 6 عقد في الساعة.
وأخذ فولتون يفكر بإنشاء خدمة منتظمة في الأنهار الأمريكية مستخدما القوارب البخارية وقد طلب تصنيع الأجزاء اللازمة لمشروعه في إنجلترا وقام بتجميعها في الولايات المتحدة واستخدم آلته الجديدة على القارب كليرمونت، وهو قارب تمكن عام 1807 من الإبحار في نهر هدسون قاطعا مسافة 32 ساعة ذهابا و30 ساعة إيابا وهو يحمل أول راكب.
وبعد 4 سنوات، وضع في الخدمة في نهر هدسون في أمريكا، سفينة "كليرمون" التي بلغ طولها 40 مترًا، وسرعتها 6 كم في الساعة.
عبور الأطلسي
وشهد عام 1819، نزول السفينة البخارية الشهيرة "سافانا" التي عبرت المحيط الأطلسي ورست في ليفربول، واستغرقت الرحلة 27 يوما، لم تستخدم السفينة قوة البخار لأكثر من 85 ساعة، فقد اعتمدت أيضا على الأشرعة.
كما قامت سفن شركة كولنز الأمريكية في عام 1852، بعبور المحيط الأطلسي في 10 أيام، وكانت أول سفينة تجهز بحمامات وقد أخذت الآلات بالتحسن بمرور الأعوام.
وحلت السفن البخارية محل السفن الشراعية نهائيا، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت السفن البخارية تجوب كل البحار وكانت حجرات الدرجة الأولى مجهزة بأثاث فاخر، حيث تتيح لركابها أقصى درجات الراحة بينما ركاب الدرجة الثالثة كانوا يسافرون بدون اطمئنان.