هدنة "الصلب والألومنيوم".. الحرب التجارية تهدأ على جانبي الأطلسي
توصلت الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي إلى هدنة تجارية بشأن سلعتي الصلب والألومنيوم.
وعلى هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في روما حاليًا، فقد توصل الطرفان إلى اتفاق يتم بموجبه إلغاء التعريفات الجمركية على صادرات تبلغ قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً من الصلب والألومنيوم.
بداية الخلاف
بدأ الخلاف بين الطرفين في يونيو/حزيران 2018 عندما فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسومًا جمركية أمريكية نسبتها 25% على الصلب، و10% على الألومنيوم المستورد من مناطق عدة في العالم، من تركيا إلى الصين، ومن كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، بحجة حماية الأمن القومي.
وفي أقل من ثلاثة أسابيع، رد الأوروبيون بفرض رسوم جمركية على الدراجات النارية، وسراويل الجينز، وكذلك على التبغ، والذرة، والأرز، وعصير البرتقال من الولايات المتحدة.
كل هذه الصناعات الأمريكية واجهت رسومًا انتقامية بنسبة 50%، ولا يمكن لأي شركة أن تنجو من هذا الوضع، فهناك 1.7 مليون أمريكي يكسبون عيشهم من تصنيع هذه المنتجات. لكن اليوم أصبحت كل هذه الوظائف مؤمنة بموجب الاتفاق الأخير.
تحقيق التوازن بين متطلبات السوق وغير المناخ
قال مسؤولون أمريكيون، في حديثهم على هامش قمة مجموعة العشرين، إنَّ المفاوضين توصلوا إلى اتفاق يوم السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021؛ إذ يعملون على تحقيق التوازن بين متطلبات السوق وتغيّر المناخ.
وكان الجانبان يعملان بجد للتوصل إلى اتفاق قبل الأول من ديسمبر/كانون الأول القادم، إذ كان من المقرر أن يبدأ الاتحاد الأوروبي في تطبيق رسوم جمركية انتقامية على عدد من السلع الأمريكية التي تُصدَّر إلى أسواق دول الاتحاد.
هذه الاتفاقية التاريخية -بحسب وصف وزيرة التجارة الامريكية جينا ريموندو- ستبقي على القسم رقم 232 من التعريفات الجمركية، لكنَّها ستسمح لكميات محدودة من الواردات الأوروبية من الصلب والألومنيوم بدخول الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية".
وسيحمي الاتفاق بضائع أمريكية محددة، من بينها سيارات من إنتاج ولاية كنتاكي، كما سيخفض من تكلفة بضائع معينة على المستهلكين وأرباب الصناعة وتقديم بعض التخفيف لسلاسل محلات التوزيع، وسيخفض أيضًا التكلفة نسبيًا على المستهلكين.
وكان من المقرر أن تدخل الإجراءات المضادة الإضافية التي أعلنها الاتحاد الأوروبي، حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر/كانون الأول القادم؛ لكن بعد الاتفاق الأخير لن يتم تنفيذها.
الاتفاق الذي ما زالت بنوده في مرحلة الصياغة النهائية سيسمح لدول الاتحاد الأوروبي بتصدير نحو 3.3 مليون طن من الصلب المعفى من الجمارك سنويًا إلى الولايات المتحدة بموجب نظام معدلات حصص جمركية.
وربما يُمهد الاتفاق لتعليق نهائي للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حول الصلب والألمنيوم، وإطلاق تعاون من أجل اتفاقية عالمية بشأن الفولاذ والألومنيوم المستدامين.
تعزيز التعاون التجاري الأمريكي-الأوروبي
على مدار أربع سنوات تولى فيها دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تدهورت العلاقات مع الحليف الأهم تاريخياً وهو الاتحاد الأوروبي. إذ أخلَّ الرئيس الأمريكي بالاتفاقيات المشتركة بين الجانبين.
وعقب فوز الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الأمريكية بدأت أوروبا تُعِدّ نفسها لمرحلة جديدة من العلاقات مع الولايات المتحدة، يُفترَض أنها ستكون أفضل من فترة ترامب، مع الأخذ في الحسبان تغيُّر الأوضاع على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الأخيرة. وقد يصبح الاتفاق بشأن إلغاء الرسوم الجمركية على صادرات أوروبا من الألومنيوم والصلب بمثابة خطوة حاسمة نحو إخماد الحرب التجارية واسعة النطاق والتي أشعل فتيلها ترامب.
وتأكيداً على موقف الرئيس الأمريكي بايدن، صرح وزير خارجيته، أنتونى بلينكين، أن "الاتحاد الأوروبي هو أكبر سوق في العالم، ونحن بحاجة إلى تحسين علاقاتنا الاقتصادية، وإنهاء الحرب التجارية المصطنعة التي بدأتها إدارة ترامب، والتي كانت تُسمِّم العلاقات الاقتصادية".
ويمثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ما يقرب من 30% من مستوى التبادل التجاري العالمي في مجال البضائع، وما يقرب من 40% من التجارة العالمية في الخدمات، أي حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ويُعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الشريكين التجاريين الرئيسيين في التبادل التجاري في قطاعي السلع والخدمات. وتسهم العلاقة الاقتصادية عبر الأطلسي في توفير ما يقرب من 15 مليون وظيفة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. هذه الوظائف هي ثمرة التجارة عبر المحيط الأطلسي في قطاعات السلع والخدمات.
ويعد إجمالي الاستثمار الأمريكي في الاتحاد الأوروبي أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في قارة آسيا جميعها. وتبلغ استثمارات الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة حوالي ثمانية أضعاف حجم استثمارات الاتحاد الأوروبي في الهند والصين معًا.
ويعتبر كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر. في عام 2019، سجل الاتحاد الأوروبي ما قيمته 2.2 تريليون يورو في نسبة الصادرات نحو الولايات المتحدة ة و2 تريليون يورو في قطاعات الاستيراد من الولايات المتحدة بما يشمل مختلف أشكال التبادل التجاري.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA=
جزيرة ام اند امز