"البدية" أقدم مساجد الإمارات.. حكاية تاريخ سُطرت بأحرف من نور
مسجد "البدية" في إمارة الفجيرة حكاية تاريخ منطقة، سُطرت بأحرف من نور، وحضارة امتدت جذورها إلى آلاف السنين.
يختصر مسجد "البدية" في إمارة الفجيرة حكاية تاريخ منطقة، سُطرت بأحرف من نور، وحضارة امتدت جذورها إلى آلاف السنين، حين يطأ المرء أرض هذا المكان، تتكلم فيه كل زاوية عن زمان مضى برجاله وأحداثه.
على بعد 37 كم إلى الشمال من مدينة الفجيرة، ينتصب مسجد البدية، أقدم مساجد دولة الإمارات، الذي يتميز بعمرانه البازلتي المربع، وقبابه الحلزونية الشامخة، محاطة ببرجين، اتخذا شكلاً أسطوانياً، استخدما لأغراض المراقبة وحراسة قرية البدية.
ويرجح أهالي المنطقة ونقلاً عن روايات الأجداد، أن اسم مسجد البدية استمد من اسم قرية البدية، وكلمة "البدية" تعني "البدي" أي "بئر المياه".
جدران المسجد، رغم ما طرأ عليها من تغيرات، إلا أنها لا تزال تتنفس التكبير والتهليل فيه؛ حيث بُنيت هذه الجدران من مواد محلية صرفة من الحجارة الكبيرة والصغيرة المسماة "بازلت" واستخدم فيها الطين المحروق كمادة رابطة للبناء.
كما يحمل المسجد أكثر من دلالة دينية، فهو يمثل واحداً من أهم معالم العمارة الإسلامية في الخليج العربي والمنطقة، لما يحتويه من تنوع فريد في طريقة بنائه.
في المسجد قاعة صلاة رئيسية، تميزت بعمود دائري مركزي، يقسم القاعة إلى 4 مربعات متقاربة الأبعاد، تعلوها 4 قباب تأخذ من الخارج شكلاً حلزونياً، ويستوعب المسجد الذي لا يزال يؤمه المصلون 50 مصلياً في قاعته الداخلية و150 مصلياً في ساحته الخارجية.
كما يطلّ منبر المسجد الواقع على جدار القبلة، إلى يمين المحراب، ويتصف بهيئة درج صغير مؤلف من 3 درجات على جانبيها مساند صغيرة.
تحفل قاعة المسجد الرئيسية بعدد من عناصر العمارة الإسلامية الشهيرة، منها 4 "أقواس" تقسم فراغ المسجد إلى 4 أقسام غير متساوية وغير متعامدة، ويلاحظ زوار المسجد اللوحات الجصية المربعة التكوين، يتخللها الهواء الذي يسمح بنفاذ الإضاءة مباشرة، إضافة إلى وجود زخارف بارزة تسمى "المقرنصات" تقع في أركان الجدار المتصلة بالقباب.
ويتبع المسجد فناء مكشوفاً للصلاة، مستطيل الشكل، محاط بسور، يتميز بوجود بناء يشبه المثلث في زوايا السور من جهة اليسار واليمين، كما توجد بئر ماء على مقربة من المسجد، وشجرة سدر يقال إن عمرها من عمر المسجد.
مسجد البدية استعاد شبابه ووظيفته في عام 2003، برغبة من الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، بهدف المحافظة على تراث الآباء والأجداد؛ حيث يخضع المسجد للترميم كل 6 أشهر، باستخدام مواد البناء من نفس المنطقة، حفاظاً على الشكل التراثي للمسجد.