مساجد وكنائس الإمارات الأثرية دلائل تاريخية تعكس قيم التسامح العريقة
اكتشاف أقدم مسجد في الإمارات بمدينة العين يعكس دور دولة الإمارات الحضاري منذ العصور الإسلامية الأولى في فترة الخلافة العباسية
يعود تاريخ اكتشاف أقدم مسجد في الإمارات بمدينة العين إلى أكثر من 1000 عام مضت، وأول دير وكنيسة في المنطقة بجزيرة صير بني ياس إلى الفترة ما بين القرنين السابع والثامن الميلاديين، لتعكس هذه الدلائل التاريخية كيف أن الإمارات ساحة للتعايش والتسامح منذ القدم.
وقالت نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بالإمارات، إن دولة الإمارات تعيش التسامح والتعايش منذ قرون، ويتجلى ذلك في أقدم مسجد بدولة الإمارات في مدينة العين، وأول كنيسة بالمنطقة في جزيرة صير بني ياس، وهناك تاريخ من المحبة والوئام يعيشه شعب الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة.
وأضافت أن الإمارات قدمت للعالم مجتمعاً يجمع رعايا أكثر من 200 دولة ينعمون بالعدالة والمساواة والترابط القوي، مشيرة إلى أن كرامة الإنسان في دولة الإمارات فوق كل شيء، وحرية المعتقد مكفولة للجميع، ودور العبادة والقوانين التي تحمي هذه الحقوق تكفل للجميع حياة يتنعم بها الجميع بممارسة قناعاتهم وواجباتهم تحت خيمة الأخوة الإنسانية، والتي تعلي أعمدتها الإمارات بنهجها الثابت ورعاية قيادتها الرشيدة لمبادئ تعزيز السلم والتعايش.
ونوهت إلى أن التسامح في الإمارات حياة ثابتة وقيم تتناقلها الأجيال، وينعم من خلاله الجميع بالسلام والمحبة والوئام.
ويعكس اكتشاف أقدم مسجد في الإمارات بمدينة العين، والمبني بالطوب اللبن، دور دولة الإمارات الحضاري منذ العصور الإسلامية الأولى في فترة الخلافة العباسية.
وعثر علماء الآثار على محرابين في الغرفة الداخلية والساحة الخارجية للمسجد، وأجزاء من أوانٍ استخدمت على الأرجح للوضوء، يعود تاريخها إلى الفترة بين القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وبناء على هذه الاكتشافات واختبارات تحديد العمر الزمني بالكربون المشع لأحد الأفلاج المجاورة فإن هذا المبنى يعتبر أقدم مسجد معروف في دولة الإمارات.
وتم اكتشاف الأواني الخزفية المستوردة من مناطق أخرى في الخليج العربي، وقطع أثرية من الخزف الصيني في المسجد والأبنية المجاورة، حيث يتم إنتاج هذا الخزف الفريد في مقاطعة جوانجدونج في جنوب الصين.
ولاحظ علماء الآثار الجزء الخارجي لجدار القبلة المزود بمحراب محصور من الوسط، إضافة إلى مدخلين يؤديان إلى غرفة الصلاة من الجانب الشرقي، في حين أن الجدار الشمالي مزود بفتحتين يمكن استخدامهما كنوافذ، حيث بنيت ساحة المسجد على مستوى أقل قليلاً من غرفة الصلاة، كما تم تزويد الحائط الغربي بمحراب يطل على ساحة الفناء، ويبدو أن هذا المحراب قد أضيف لاحقاً ربما لقيام صلاة المغرب والعشاء المقرر بعد غروب الشمس في فترة الصيف.
وترسم هذه الاكتشافات الأثرية الإسلامية صورة أكثر وضوحاً للحياة في العصور الإسلامية الأولى.
ووصف بيترهيلير، المؤرخ وقائد فريق اكتشاف أول دير وكنيسة في جزيرة صير بني ياس، التسامح بأنه نهج دولة الإمارات منذ قرون مضت، وأن تاريخ الإمارات يشهد على ذلك، كما تروي جدران وحجارة أول دير بالمنطقة في جزيرة صير بني ياس الذي تم اكتشافه عام 1992 وتتوسطه كنيسة مزدانة بالنقوش والزخارف، يتبعها وعلى بعد بضع مئات الأمتار مبان صغيرة كانت "قلايات" لمقام الرهبان فيها للنسك والتعبد.
وأكد "هيلير" أن اكتشاف دير وكنيسة جزيرة صير بني ياس جاء بفضل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي وجه بتوفير كافة الإمكانات للتنقيب العلمي الدقيق عن هذا الأثر، والحفاظ عليه ليكون رمزاً تاريخياً وسياحياً تفخر به الإمارات.
وأضاف أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجه بالحفاظ على هذا المكان التاريخي، واستكمال الأعمال لتصبح رمزاً تاريخياً شاهداً على التسامح والتعايش في الإمارات.
وقال بيتر هيلير "هكذا كان زايد وكانت مبادؤه التي تؤمن بالتسامح والتنوع والمساواة بين البشر"، وهو ما انتهجته القيادة الرشيدة حتى أصبحت الإمارات وطناً وموطناً للتعايش والتسامح ومثالاً عالمياً في الأخوة الإنسانية.
ويمثل اكتشاف أول دير وكنيسة بالمنطقة في جزيرة صير بني ياس أهمية كبيرة على المستوى الدولي، بما تحتويه من الحقائق المهمة حول كنيسة الشرق الموجودة في منطقة الخليج العربي.