مساجد الإمارات.. تحف معمارية ومنارات للتسامح والإنسانية
مساجد دولة الإمارات تؤدي رسالةً حضاريةً تدعو إلى التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر، خصوصاً بعد تحوُّل عدد كبير منها إلى معالم سياحية
تجمع مساجد دولة الإمارات العربية المتحدة بين جمال المعمار وجوهر الأصالة وطابع الحداثة، لما تُمثّله من قيم دينية وإنسانية.
وتستمد عمارة المساجد جمالها من طرازها الفريد الموائم ما بين الأصالة والحداثة، إلى جانب دورها الديني والتثقيفي.
وتؤدي المساجد في دولة الإمارات رسالةً حضاريةً تدعو إلى التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر، خصوصاً بعد تحوُّل عدد كبير منها إلى معالم سياحية يقصدها الزوار من جميع دول العالم، ومن مختلف الديانات والأعراق.
يعدّ جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي أكثر المساجد المعاصرة روعةً في العالم، وقد تم بناؤه بتوجيهات من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ليكون معلماً يحتفي بالحضارة الإسلامية ومركزاً بارزاً لعلوم الدين الإسلامي.
ويتميّز المسجد بمجموعة من الصفات المعمارية التي تجعله إحدى أروع التحف المعمارية على مستوى العالم، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 22412 متراً مربعاً ليكون بذلك ثالث أكبر مسجد عالمياً.
ويضم 82 قبة، الرئيسية منها تعتبر أكبر قبةِ مسجد على وجه البسيطة، حيث يبلغ ارتفاعها 85 متراً وقُطرها 32,8 متر.
ويزخر الجامع بزخارف من الرخام الأبيض اليوناني والإيطالي، فيما استخدم مُصمّموه الفسيفساء لتغطية ساحته بالكامل، كما تُزيّنه 7 ثريات كريستال مختلفة الأحجام، صنعتها كبرى الشركات العالمية المتخصّصة، من كريستال "شواروفسكي" مع طلائها بالذهب.
ويصل ارتفاع الباب الزجاجي الرئيسي للجامع إلى 12,2 متر وعرضه 7 أمتار ويزن 2,2 طن، وتضم الجدران الداخلية زخرفة من ذهب عيار 24 قيراطاً، وزجاجاً وفسيفساء تتركز بكمية أكبر على الحائط الغربي، ويحيط الجامع 7874 متراً مربعاً من البحيرات الصناعية تشمل بلاطاً داكن اللون.
ويحتوي الجامع على 1096 عموداً في المنطقة الخارجية و96 عموداً في القاعة الرئيسية للصلاة التي تتضمن أكثر من 2000 لوح رخام مصنوعة يدوياً، وغُطِّيت بأحجار شبه كريمة تضم "لابيس لازولي" وعقيقاً أحمر وحجر "أميثيست"، بينما زُيِّنت منطقة المحراب ذهب من عيار 24 قيراطاً وأوراقاً ذهبية وزجاجاً وفسيفساء.
ويشهد الجامع سنوياً عدداً كبيراً من الزيارات الرسمية لشخصيات رفيعة المستوى من رؤساء دول ووزراء، تعكس كلماتهم المُدوّنة في سجل الزوار مدى إعجابهم وتقديرهم لهذا الصرح الحضاري العظيم، فيما بلغ عدد رواد الجامع عام 2018 نحو 6 ملايين و150 ألف زائر من مختلف دول العالم.
وشهِد شهر رمضان الفضيل هذا العام افتتاح مسجد الشارقة، بعد خمس سنوات من العمل المتواصل، ليُشكّل إضافةً مميزةً إلى الصروح المعرفية والعلمية والإسلامية والثقافية في الإمارة.
ويقع المسجد في منطقة الطي على تقاطع طريق مليحة مع شارع الإمارات، ويمتد على مساحة إجمالية تصل إلى 2 مليون قدم مربعة، مع الحدائق الخارجية، كما يتسع لأكثر من 25500 مُصلٍّ.
وبلغت تكلفة إنشاء الجامع نحو 300 مليون درهم، إذ يعتبر أيقونةً في فن العمارة الإسلامية، نظراً لما يتضمنه من فنون النحت والأعمال الخشبية واستخدام الرسم بالخط العربي في تكوين لوحات تشكيلية إبداعية، إلى جانب التصميم الإبداعي الأساسي الذي يحتوي على 81 قبة، ومنارتين بارتفاع 75 متراً.
ويبلغ ارتفاع القبة الرئيسية 45 متراً وقطرها 27 متراً، ما جعل المسجد تحفةً معماريةً فريدةً من نوعها، ومقصداً مهماً للسياحة الثقافية في الإمارات.
وتعزيزاً لأهمية السياحة الثقافية والإسلامية، فقد تم تجهيز المسجد حتى يستقبل الزوار من غير المسلمين ومُحبّي المعرفة من مختلف أنحاء العالم، حيث يحتوي مساحات ومسارات لغير المسلمين، ومتحفاً ومحلاً للهدايا، وكافيتريا وممشى مطاطي خارجي حول السور، فضلاً عن حديقة إسلامية تتضمّن مجموعةً من النوافير والشلالات.
كما يعتبر جامع الشيخ زايد في الفجيرة ثاني أكبر مسجد في الإمارات، وأحد أهم الوجهات السياحية فيها، وقد بلغت تكلفة بناؤه نحو 237 مليون درهم.
وتحوّل المسجد إلى مقصد للسياحة الدينية في المنطقة، ومركزاً لحفظ القرآن ودراسة علومه ونشر الثقافة الإسلامية والعمل بتعاليمها السمحة، إذ يضم مدرسةً دينيةً لحفظ وتفسير القرآن الكريم، تتألف من 37 صفاً دراسياً، بطاقة استيعابية تصل إلى 1080 طالباً، وبمساحة إجمالية تبلغ 11764 متراً مربعاً.
وتحاكي عمارة مسجد الشيخ زايد بالفجيرة أساليب العمارة التركية في عهد الدولة العثمانية، وتحديداً الطراز الثالث وهو عصر المعماري "سنان".
ويتألف المسجد من طابقين أحدهما تحت الأرض، كما يشمل مصلى للنساء بمساحة 2014 متراً مربعاً، وقاعة متعددة الأغراض بمساحة 3000 متر مربع، بينما توجد بالطابق الأرضي قاعة الصلاة الرئيسية للرجال ومساحتها 6980 متراً مربعاً، تعلوها القبة الرئيسية التي يبلغ قطرها الخارجي 45 متراً، وتبرز من جدارها المقابل لجدار القبلة، شرفة بمساحة 1725 متراً مربعاً..
وتعلو على جوانب صحن الجامع 35 قبة صغيرة، قُطر الواحدة منها 11 متراً، كما يضم الطابق الأرضي أماكن للوضوء تتألف من 64 وحدة، وبعض الغرف الخدمية والمصاعد والأدراج الكهربائية، ومواقف سيارات تستوعب 3000 سيارة.