الإخوان بتركيا.. "العين الإخبارية" تكشف كواليس الأزمة والعقوبات المنتظرة
لا تتوقف الإخوان الإرهابية عن "اللعب على كل الحبال" وسط تلاطم أمواج الارتباك الداخلي، وحرق أوراقها في انتظار عقوبات "الحليف".
وكما عكست سطور بيان الجماعة الأخير الذي حاولت به تفادي مأزق لقاء حزب السعادة التركي، ارتباك وتخبط الإخوان، أشعل البيان الوضع الداخلي في التنظيم وفاقم أزماته، ما يبرز الوضع المتردي الذي وصلت إليه.
وأمس، حاولت الجماعة الإرهابية في بيان "شكر لتركيا"، تبرير أسباب لقاء قياداتها بحزب السعادة المعارض، الذي كشفت تقارير إعلامية عنه مؤخرا، زاعمة أن الأمر مجرد اجتماعات ببعض المؤسسات التركية المجتمعية لتوضيح أحوال ومتطلبات المصريين واصفة إياهم بـ"اللاجئين" في تركيا.
لعب على كل الحبال
لكن أحمد بان، القيادي الإخواني المنشق كشف عن كواليس تكشف اعتياد الجماعة على التناقضات واللعب على كل الحبال، وقال إن "وفدا من جماعة الإخوان الإرهابية ذهب للقاء وزير الداخلية التركي سليمان صويلو وبعض قيادات حزب العدالة والتنمية في نفس اليوم الذي التقى فيه الوفد مسؤولي حزب السعادة المعارض".
وأضاف "هدف اللقاء كان استطلاع نوايا النظام التركي تجاه الإخوان، بعد إشارات التقارب المصري التركي الأخيرة".
بان الذي تحفظ على ذكر هوية مصادره، ذكر أن "قيادات العدالة والتنمية وعدت وفد الإخوان في ذلك اللقاء بمنح عدد منهم إقامات شرعية شريطة عدم الاشتغال بالسياسة في الداخل أو الخارج، وألا ينتقدوا الدولة المصرية خصوصا مؤسسة الجيش، وشددت عليهم في هذا الأمر مع السماح لمن يرغب في مغادرة تركيا بالمغادرة".
وكشف بان، وهو خبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن "قياديا إخوانيا "لم يذكر اسمه" اقترح على جماعته عقب اللقاء مع العدالة والتنمية، زيارة حزب السعادة المعارض في نفس اليوم، فاستجابوا وجرى ترتيب اللقاء".
لكن ما أسباب اندلاع الأزمة؟
يجيب بان "نشر شخص من القيادات السبعة التي حضرت اللقاء، ومعظم صفوف التنظيم الثانية والثالثة، صورة للقاء على إحدى مجموعات الجماعة الإسلامية بتركيا، قبل نشر حزب السعادة تفاصيل اللقاء، ما تسبب في انزعاج الجماعة الإسلامية لتنسيق الإخوان مع السعادة على حساب النظام التركي".
وتابع: "تسرب الأمر للقيادة التركية التي انزعجت وتصورت أن الإخوان بدأت اللعب داخل الساحة التركية، وأبلغت كوادر الجماعة القريبة منها، ثم توالت الأحداث بعد ذلك وخرج بيان الاعتذار".
انتهاء شهر العسل
بدوره، قال الباحث المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق لـ"العين الإخبارية". إن "جماعة الإخوان تعيش أزمة كبيرة داخل تركيا خاصة في ظل الإجراءات التي بدأت تتخذها الأجهزة الأمنية التركية ضدها من خلال التحفظ على بعض العناصر والإقامة الجبرية لبعض العناصر الأخرى، وأيضا تجميد حسابات مالية لبعض العناصر التي كانت تمثل إحدى الأدوات لتحريك المشهد داخل الشارع المصري".
وأرجع فاروق تغير نمط تعامل النظام التركي مع الإخوان إلى "اشتراطات القاهرة الواضحة في مسألة التقارب المصري التركي، وهو ألا يٌمارس أي نشاط سياسي ضد الدولة المصرية من داخل الأراضي التركية".
مستطردا في هذا السياق: "تخلى النظام التركي عن الجماعة وبدأت الأجهزة الأمنية التركية التعاطي معها، فقررت أن تتحرك على أكثر من مستوى، وكان البحث عن بديل آخر وهو حزب السعادة المعارض، إذ تسعى لدعمه ليكون ندا للنظام السياسي التركي الحالي أو أن يكون له نصيب من سلطة الدولة".
ويرى الباحث المصري أن "الإخوان تعتقد أن أردوغان ضحى بها، لذلك تحاول الضغط عليه من خلال لقائها بحزب السعادة، أملا في أن يكون ملف الإخوان هو أحد ملفات التفاوض مع الدولة المصرية، حيث يتم رفع التحفظ على بعض المؤسسات المالية للجماعة والإفراج عن بعض عناصرها، وهو ما ترفضه القاهرة بشدة وتطالب بتسليم المتورطين منهم في أعمال عنف".
ووصف فاروق بيان منير الأخير بأنه محاولة "لتبيض وجه الجماعة" بعدما أقلق لقاء الإخوان وحزب السعادة النظام السياسي التركي، فبدأ يأخذ خطوات ضد الجماعة وقيادتها, مؤكدا أن "شهر العسل انتهى بين الإخوان وأردوغان في ظل المكاسب السياسية التي سيحظى بها الأخير حال حدوث مقاربة سياسية مع مصر".
إجراءات عقابية
وتوقع فاروق أن "تشهد الساعات القادمة مجموعة من هذه الإجراءات، أبرزها مطالبة عناصر إخوانية بمغادرة الأراضي التركية بشكل مباشر، والقبض على عدد من العناصر، بالإضافة إلى وقف عملية تجنيس مجموعة من الإخوان، وسحب الجنسيات من عناصر أخرى".
"كما يمكن وقف الدعم المالي وأي نشاط إعلامي أو سياسي للجماعة في تركيا وتحجيم نشاطها الاقتصادي هناك، خاصة أن ملف الإخوان داخل هذا البلد يتم إدارته حاليا من قبل المخابرات التركية".
وإلى جانب الخطوات السابقة، زاد عليها فاروق بـ"وقف كافة اجتماعات التنظيم الدولي الدورية بشكل كامل، وكذلك المؤتمرات العامة أو أي شكل من أشكال الوجود، بالإضافة إلى تسريح كل العمالة الإخوانية داخل المفاصل الرسمية التركية".
وحول الأوضاع الراهنة داخل التنظيم الدولي، كشف فاروق "وجود مراسلات ولقاءات تتم داخل مكاتب الإخوان في لندن وتركيا، لوضع آلية لإدارة المشهد، خاصة أن الجماعة الإرهابية تشهد تراجعا سياسيا وتنظيميا".
وخلال الساعات الماضية، تبرأ شباب الإخوان من البيان الأخير للجماعة الذي تضمن شكر وتقدير تركيا، ووصفوه بأنه "خزي وعار"، مؤكدين أن البيان لا يمثلهم.
بدوره، قال سامح إسماعيل، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية لـ"العين الإخبارية" إن السيناريوهات المقبلة ترتبط بما يمكن أن يتحقق من تسوية سياسية على الأرض، فاتحا الباب أمام احتمالية محاولة النظام التركي احتواء تنظيم الإخوان لممارسة نوع من المناورة السياسية والضغط فيما يتعلق بالملف الليبي وملف غاز شرق المتوسط,
لكنه استدرك قائلا: "رغم هذه الإمكانية لكنني أعتقد أنها باتت ورقة محروقة لن تقدم أو تؤخر، خاصة أن الموقف المصري ثابت من حيث التحرك الثقيل على أرضية ثابتة، وعليه فإن تحقيق أي تقدم فيما يتعلق بالعلاقات المصرية التركية، ووفق التوازنات الإقليمية، يمكن أن يدفع أردوغان لاتخاذ إجراءات تصاعدية ربما تنتهى بطرد الجماعة من ملاذها الآمن الذي تتخبط فيه حاليا".
وتأتي تحركات تنظيم الإخوان الأخيرة وما تبعها من أزمة لقاء حزب السعادة، بعد إعلان تركيا تطورات في مسار عودة العلاقات مع مصر، معلنة عن زيارة وفد دبلوماسي للقاهرة أوائل مايو/أيار الجاري، وبالتزامن أيضا مع إقرار البرلمان التركي مؤخرا مذكرة حول تشكيل لجنة صداقة برلمانية بين البلدين.
aXA6IDE4LjIxOS4yMDcuMTE1IA== جزيرة ام اند امز