سافر عبد الله الحيفي إلى الصين في عام 1958م، وكان ضمن الدفعة الأولى من الطلاب اليمنيين الذين جاءوا بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
منذ ذلك التاريخ استمرت علاقته القوية بالصين، وكتب قصصًا لا تعد ولا تحصى خلال ستة وستين عامًا، وكام عبد الله شاهدٌ على الصداقة بين البلدين وسفير لها، وكان ولايزال شاهدا على مراحل تطور الصين واليمن.
تخلد اللوحة التي نقشها نائب رئيس مجلس الدولة ووزير الخارجية بجمهورية الصين الشعبية، تشن يي، ذكرى الطريق الذي بناه الصينيون بين ساحل البحر الأحمر مرورا بالصحراء والأودية إلى وسط جبال اليمن حيث العاصمة صنعاء. حتى في الوقت الحالي، على الأقل في العاصمة صنعاء، هناك تعطش وحاجة ملحة لذلك التحديث والتطوير، وكان الصينيون هم أول من قدم إلى اليمن لبناء الطرق والبنى التحتية المعروفة. أولاً من البحر الأحمر إلى صنعاء ثم من صنعاء إلى الشمال.
بعد عامين من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين واليمن، بدأ اليمن في إرسال الطلاب إلى الصين وذلك في العام 1958، حيث اختارت الحكومة اليمنية في ذلك الوقت مجموعة من أفضل الطلاب من المدارس الثانوية القليلة في البلاد، وأرسلتهم للدراسة في الصين، وكان الطالب عبد الله الحيفي ضمن الدفعة الأولى من الطلاب اليمنيين الذين تم إرسالهم إلى الصين، حيث لم يكن هناك جامعة في اليمن في ذلك الوقت، لذا فإن الالتحاق بالجامعة في الصين جعل الشاب الحيفي يشعر بالحماس، والسعادة وكذلك التوتر، ولم يخلو الأمر من قليل من الخوف والقلق.
بعد وصولهم إلى الصين، عززت المصاعب والرحلات الشاقة من تصميم الحيفي وزملائه على تعلم المهارات في الصين لتحسين البنية التحتية للنقل البري في اليمن، وعند وصولهم الصين تم الترحيب بالحيفي وزملائه في السكن الجامعي، والتحقوا بجامعة بكين لدراسة هندسة الطرق والجسور.
عاد الحيفي وزملاؤه إلى اليمن في عام 1962 بعد أن أكملوا أربع سنوات من الدراسة، وخلال تلك المرحلة قامت الصين بتشييد أول طريق يمني حديث، يمتد من العاصمة صنعاء إلى ميناء الحديدة على سواحل البحر الأحمر، حيث أصبح الطريق مفتوحا أمام حركة المرور مع وصول الحيفي إلى اليمن، وكانت مهمته الأولى بعد عودته من الصين هي صيانة الطريق. ستون عاما مرت لكن الحيفي لا يزال يتذكر ما حدث في تلك الأيام، ويقول إن الطريق كان نافذة فتحتها الصين لليمنيين في ذلك الوقت مما سمح لهم برؤية العالم الواسع والتواصل بسهولة مع بقية الدول .
رغم مرور عقود عديدة، لا يزال الحيفي يحب الذهاب إلى الضواحي كثيرًا لرؤية المعجزة التي سطرها هو والخبراء الصينيون في الماضي لشق الطرق بين الجبال المرتفعة، من بينها طريق صنعاء حجة السريع، وهو طريق منحوت في جرف صخري خطير، وبسبب الطبيعة الجيولوجية المعقدة، لا يمكن استخدام المتفجرات في العديد من الأماكن حيث كان يتم في الكثير من مواقع المشروع استخدام الأيدي العاملة للحفر وشق الطرق.
يقول الحيفي إن تاريخ تطور الطرق والجسور الحديثة في اليمن هو مثل كتاب تاريخي، كُتب بمساعدة الأصدقاء الصينيين، وإنه من دون تفاني الأصدقاء الصينيين وتضحياتهم، فإن اليمن اليوم ببساطة لا يمكن تصور حالته.
قال الحيفي إنه عمل في مجال الطرق والجسور والبناء طوال حياته ، كما أنه تعامل مع الشعب الصيني طوال حياته أيضا، وإن روايته للقصص الصينية لا يمكن أن تنتهي أبدا، العديد من أساتذته وأصدقائه الصينيين رحلوا وتركوا ذكريات الشباب، لكن الصداقة بين البلدين ما زالت ماضية ومستمرة دون توقف، خالدة لا تتغير، تنتقل من جيل إلى جيل. قال الحيفي إن إنجازات التنمية في الصين في السنوات العشر الماضية مذهلة، وإنه يريد حقًا العودة إلى الصين مدفوعا بالتقدير الذي يحمله لهذا البلد.