هيكلة الحشد العراقي.. محاولة إيرانية لإنقاذ المليشيات
وثيقة مسربة صادرة عن مكتب رئيس الوزراء العراقي في ١٧سبتمبر/أيلول الحالي تكشف هيكلية التنظيم الخاصة بهيئة الحشد الشعبي
اعتبرت مصادر عراقية مطلعة الأوامر الديوانية الجديدة التي أصدرها رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لهيكلة مليشيات الحشد الشعبي محاولة لحماية هذه المليشيات من أي هجمات مرتقبة للولايات المتحدة الأمريكية على إيران ومن الغارات الجوية التي تستهدف هذه المليشيات بين الحين والآخر.
وكشفت وثيقة مسربة صادرة عن مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في ١٧سبتمبر/أيلول الحالي عن "مصادقة رئاسة الوزراء على الهيكلية التنظيمية الخاصة بهيئة الحشد الشعبي، وإلغاء جميع العناوين والمناصب التي تتعارض مع العناوين الواردة في الهيكلية المذكورة"، ومنح الأمر الديواني رئيس هيئة الحشد الشعبي صلاحية التعيين بالوكالة للمناصب والمديرين في الهيئة وعرضها على رئيس الوزراء للمصادقة عليها أو رفضها.
وبحسب الهيكلية الجديدة يتكون رئاسة هيئة مليشيات الحشد من ثلاثة أقسام هي: مكتب رئيس الهيئة الذي يرتبط به ١٠مديريات لوجستية و٨ قيادات قتالية، أما القسم الثاني فهو أمين السر العام للهيئة لم تذكر الهيكلية صلاحياته، أما الثالث فتمثل برئاسة أركان الهيئة وترتبط به ٥ معاونات وتأتي في المرتبة الثانية بعد رئيس الهيئة من حيث السلطات الواسعة.
وألغى الأمر الديواني منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يتولاه الآن أبومهدي المهندس زعيم مليشيا كتائب حزب الله العراق المقرب من الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الخارجي، لكن مصادر في مليشيا الحشد أعلنت أن المهندس قد يتسلم منصب رئيس هيئة أركان الحشد، ورغم أن المهندس سيفقد جزءا من صلاحياته كنائب لرئيس الحشد لكن بتوليه رئاسة أركان الحشد يكون قد حافظ على دوره الرئيسي في قيادة المليشيات ميدانيا بصلاحيات واسعة.
ويعد الأمر الديواني الجديد هو الثاني لرئيس الوزراء العراقي لهيكلة الحشد الشعبي منذ الأمر الأول الذي أصدره في الأول من يوليو/تموز الماضي الذي نص على إغلاق جميع مقرات الحشد الشعبي داخل المدن وخارجها، ودعا المليشيات إلى الاندماج في القوات المسلحة النظامية.
ونص الأمر الديواني السابق على إنهاء المظاهر المسلحة وربط الحشد الشعبي رسميا بالقائد العام للقوات المسلحة، وإنهاء جميع تسميات المليشيات المنضوية في الحشد واستبدالها وتسميتها بعسكرية (فرقة، لواء، فوج.. إلخ)، وحدد مهلة شهر لتنفيذ الأمر لكن لم ينفذ هذا الأمر حتى الآن.
وبحسب معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادرها داخل الحكومة العراقية، لا يزال قاسم سليماني موجودا في بغداد، حيث عقد خلال الأسبوع الماضي سلسلة اجتماعات مع قادة مليشيات الحشد ورئيس الوزراء قبل أن يسافر الأخير إلى الصين، مبينين أن سليمان يمهد لتسليم قيادة الحشد رسميا لأبومهدي المهندس مقابل تعيين مستشار الأمن الوطني فالح الفياض الرئيس الحالي لهيئة الحشد في منصب نائب رئيس الجمهورية.
ويرى مراقبون للشأن العراقي أن هيكلية الحشد الشعبي الجديدة التي صادق عليها عبدالمهدي ليست إلا محاولة منه لإنقاذ المليشيات الإيرانية من الهجمات الأمريكية المرتقبة وإظهار أنها باتت جزءا من القوات الأمنية النظامية العراقية، لكنه لن ينفذ على أرض الواقع لأن أغلبية المليشيات المنضوية في الحشد البالغ عددها ٧٠ فصيلا أعلنت منذ زيادة الضغوطات الأمريكية على النظام الإيراني في أغسطس/آب عام ٢٠١٨ أنها لم تعد ضمن الحشد وأن دورها بات داخل ما تسميه بالمقاومة الإسلامية التي ترتبط مباشرة بالحرس الثوري الإيراني والمرشد الإيراني علي الخامنئي وامتنعت عن الالتزام بالقوانين والقرارات العراقية، مؤكدة أنها تستلم أوامرها من إيران.
وتعرضت قاعدتان تابعتان لمليشيا كتائب حزب الله العراق، الأحد الماضي، في محافظة الأنبار غرب العراق لغارتين جويتين مجهولتي الهوية، استهدفت إحداهما مطار وقاعدة المرصنات التي تبعد عن الحدود العراقية السورية نحو ١٠٠كيلومتر، فيما استهدفت الأخرى قاعدة أخرى لحزب الله قرب بحيرة الثرثار.
ورغم نفي مليشيات الحشد تعرض مواقعها للقصف فإن ضابطا برتبة عميد في استخبارات الجيش العراقي كشف، لـ"العين الإخبارية" مفضلا عدم ذكر اسمه، أن الغارة الأولى استهدفت مستودعات صواريخ إيرانية ومنصاتها كانت مليشيات حزب الله تعمل على إنشاء قاعدة إطلاق صواريخ في معسكر المرصنات القريبة من الحدود السورية لكن الغارة دمرت الموقع والصواريخ الموجودة فيه بالكامل.
وأشار إلى أن الغارة الثانية دمرت هي الأخرى مستودعا للصواريخ والأسلحة الثقيلة التي كانت المليشيات تعد لنقلها إلى معسكر المرصنات، موضحا أن نحو ٤٨ مسلحا من المليشيات قتلوا خلال الغارتين فيما أصيب العشرات بجروح جراء الغارتين.
واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي علاء النشوع لـ"العين الإخبارية" أن هيكلية مليشيات الحشد الشعبي الجديدة لعبة من رئيس الوزراء لتغيير الأنظار عن حدث كبير في المنطقة تخطط لها إيران والحشد تتمثل في تنفيذ عمل عسكري ضد إحدى الدول العربية.
وقال النشوع إن وجود سليماني في العراق ومنحه المهندس منصب رئيس الأركان من ناحية التنظيم العسكري يعني أن الحشد سيكون أكبر من كل القوات العسكرية والأمنية العراقية بما فيها الجيش، واصفا ما يتداول من معلومات عن عزل المهندس بمحاولة لذر الرماد في العيون.
وأكد النشوع أن عدم إفصاح الحشد وإنكاره الضربات الأخيرة التي تعرض لها في الأنبار يأتي ضمن الاستراتيجية الإيرانية التي تعمل على نقل المعركة إلى العراق وبأسلوب دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز