السودان يستشرف 2022.. محطات حاسمة وتطلعات تحفها المخاطر
بعد مضي عام حافل بالأزمات السياسية والاقتصادية، يتأهب السودان لاستقبال 2022 وسط تمنيات بأن تسوده انفراجة في المشهد.
لكن تطلعات السودانيين في الاستقرار والرخاء المعيشي واستكمال السلام بالعام الجديد (2022) تبدو محفوفة بالمخاطر في ظل استمرار تعقيدات الوضع السياسي وتباعد خطوات الوفاق، وفق مراقبين.
ويتنبأ كثيرون بسيناروهات قاتمة لتداعيات الأزمة السياسية في السودان خلال السنة القادمة، مقابل قليلين متفائلين بالتوصل لمعالجات للتوترات والمضي قدماً في طريق الانتقال الديمقراطي.
وبعيداً عن التفاؤل والتشاؤم، فإن محطات وأحداث هامة ينتظر أن يشهدها السودان حلال عام 2022، يتوقع أن تكون حاسمة لكثير من القضايا السياسية.
ففي خواتيم عام 2021، وجه مجلس السيادة السوداني بالبدء في إجراءات العملية الانتخابية مما يشي بحركة دؤوبة خلال هذه السنة للترتيب لهذا الاستحقاق من تعداد سكاني وغيره.
توجيهات مجلس السيادة، أثارت العديد من التساؤلات، وسط ترجيحات بنية السلطة الانتقالية الذهاب إلى انتخابات مبكرة لاختيار حكومة منتخبة كسبيل لحسم توترات المشهد.
ويشير المحلل السياسي عز الدين دهب إلى أن التحضير للعملية الانتخابية سيكون مجدياً حال تم في ظل وفاق سياسي؛ إذ يجعل كافة المكونات راضية عن آليات هذا الاستحقاق الدستوري من مفوضية وتعداد سكاني والشخصيات التي تقوم على أمر هذه المؤسسات.
وقال دهب لـ"العين الإخبارية" إن التوافق سيمكن من قيام انتخابات شرعية بمشاركة كافة السودانيين لاختيار من يحكم، ولكن الانفراد بالترتيب لها وإجراءها سيجعلها بلا قيمها وربما لا تجد اعترافا دوليا.
ويعتقد أن الواقع السياسي المعقد ربما يشهد انفراجة خلال العام الجديد، حال تمكن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في احتواء الكتل المستقلة خاصة الشبابية منها ليكونوا حاضنة سياسية لحكومته بدلا عن الأحزاب التقليدية، بما سيسهم في تهدئة الشارع المنتفض حالياً.
وقال عز الدين "إذا استمرت حال الشد والجذب والتصعيد من قبل الشارع فإن ذلك يعني مزيدا من تفاقم تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية، بالمقابل من الممكن تدارك هذه المخاطر".
وأسهمت توترات المشهد السياسي التي بدأت مع ختام عام 2021 في تراجع مريع في مستوى المعيشية تجلى في غلاء فاحش في أسعار السلع والخدمات، وسط توقعات بمزيد من التدهور حال استمر هذا الصراع.
السلام في خطر
أما السلام الذي يشكل واحدا من أهم شعارات ثورة ديسمبر التي أنهت حكم الإخوان بات في خطر حقيقي، وفق المحلل السياسي حافظ المصري الذي أكد أن الوضع السائد في المشهد السوداني حالياً ربما يقود إلى حروبات أهلية جديدة.
وقال المصري لـ"العين الإخبارية": "كان المأمول أن يشهد عام 2022 استكمال عملية السلام بالتفاوض مع الحركات التي لم توقع اتفاقا مع الحكومة السودانية، ولكن التغييرات التي حدثت ربما تقطع الطريق أمام هذه المساعي".
وأضاف: "حتى اتفاق "جوبا سلام" السلام لم يتم تنفيذه، فهناك أكثر من 6 حركات مسلحة لم تدمج قواتها في الجيش وفق بند الترتيبات الأمنية، فهي بمثابة قنبلة موقوتة الآن، في ظل حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها البلاد".
وشدد على أن الاتفاق لم يحقق السلام على الأرض، فما زالت دماء الأبرياء تسيل في إقليم دارفور وغرب وجنوب كردفان مما خلف أوضاعا أمنية سيئة ستشكل واحدة من التعقيدات التي ستعيشها البلاد خلال 2022.
وتم توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة وتحالف الجبهة الثورية الذي يضم نحو 6 فصائل مسلحة في 3 أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، وعاد بموجبه قادة الكفاح المسلح للخرطوم وشاركوا في السلطة الانتقالية، لكن لم يحدث تقدم لإنفاذ بند الترتيبات الأمنية الخاص بدمج وتسريح جيش الحركات رغم أهميته.
محطات ثورية
من جهة أخرى، فإن محطات ثورية بـ2022 ربما يستلهما المحتجون لخلق مزيد من التوازن في الملعب السياسي والدفع قدماً لتحقيق أهداف الثورة.
لم يكن السادس من أبريل يوماً عادياً في حياة السودانيين، كونه شهد اندلاع ثورة أنهت حكم الرئيس الراحل جعفر نميري في عام 1985، بينما استلهم المحتجون هذه الذكرى وتمكنوا من الوصول لقيادة الجيش وأقاموا اعتصاما سلمياً في 2019 وأسقطوا نظام المعزول عمر البشير.
أما يوم 30 يونيو/حزيران بدوره، لم يكن أقل أهمية كونه يصادف ذكرى صعود الإخوان للسلطة (1989) والذي اختاره السودانيون للتعبير عن غضبهم بعد فض الاعتصام في 2019، إذ نزلوا إلى الطرقات في احتجاجات سلمية واستعادوا زخم الثورة من جديد.
بينما شكل 21 أكتوبر/تشرين الأول يوماً مهما في ذاكرة السودانيين كونه شهد انتفاضة 1964 التي أنهت حكم الجنرال الراحل إبراهيم عبود، وهو مناسبة يحتفى بها سنويا في هذا البلد.
وهنا يشير المحلل السياسي حافظ المصري إلى استمرار المظاهرات خلال عام 2022 وما يتخلل المشهد من استقطاب واستقطاب مضاد، ربما يقود لسيناريو فوضوي في البلاد واندلاع حرب ضارية، وهو ما تكون له عواقبه وخيمة على مستقبل البلاد.
ويؤكد أن الوضع في مجملة بحاجة إلى أن تتحلى كافة المكونات السودانية بالحكمة ومزيد من الوعي، بما يجنب السودان مآلات غير محمودة.
aXA6IDE4LjE4OC4yMTkuMTMxIA== جزيرة ام اند امز