السودان بأسبوع.. غضب متواصل رغم الإطاحة بالبشير وإصرار على اجتثاث الإخوان
المعتصمون يتمسكون بضرورة تنظيف البلاد من رموز الإخوان "الكيزان" وتقديم المتورطين لمحاكمات عادلة عن جرائمهم بحق الشعب السوداني.
ما زال الشارع السوداني يواصل حراكه السلمي رغم عزل الرئيس عمر البشير بعد 30 عاما في الحكم وتنحي وزير الدفاع عوض بن عوف الذي خلفه بالسلطة وتشكيل مجلس عسكري انتقالي جديد برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
- "المهنيين السودانيين": مؤتمر صحفي الأحد لإعلان أسماء "مجلس رئاسي مدني"
- واشنطن تشيد بإجراءات المجلس العسكري الانتقالي في السودان
و شهد الأسبوع الماضي، استمرار الاعتصام الذي نفذه مئات الآلاف من السودانيين أمام القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم بالزخم ذاته الذي بدأ به يوم 6 أبريل الجاري، وكأن شيئا لم يحدث.
إصرار على تنظيف السودان من الإخوان
ويتمسك المعتصمون بضرورة تنظيف البلاد من كل رموز نظام الإخوان الإرهابي السابق "الكيزان" وتقديم المتورطين لمحاكمات عادلة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني طوال العقود الثلاثة الماضية.
وجسد المحتجون لمطالبهم بهتافات مدوية وشعارات مكتوبة على جدران ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، على نحو "صابنها لي رمضان لو ما طلعوا الكيزان"، ويقصدون بذلك أنهم سيظلون معتصمون لحين شهر الصيام حال لم يغادر جميع منسوبي التنظيم الإخواني السلطة".
ولم يقتصر تصاعد موجة الاحتجاجات التي انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على العاصمة الخرطوم بينما تدافع عدد من الأقاليم على مقار قيادة القوات المسلحة للاعتصام أمامها من أجل تنفيذ مطالب الشعب.
وشهد، الخميس، تدافعا غير مسبوق للمحتجين نحو القيادة العامة للجيش السوداني؛ حيث قدرت أعدادهم بالملايين، كما اعتصم سودانيون بولايات كسلا والقضارف شرقي البلاد والنيل الأزرق (جنوب) والأبيض والفاشر (غرب)، استجابة لمليونية دعا لها تجمع المهنيين السودانيين.
المجلس العسكري.. قرارات وجدت ترحيبا.. ولكن
وخلال هذا الأسبوع اتخذ المجلس العسكري الانتقالي برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان جملة من القرارات في سبيل الاستجابة لمطالب الثورة، والتي وجدت ترحيبا من قبل قوى الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات ولكنها لم تطفئ غضب الشارع السوداني المتطلع للتغيير الجذري والتحول الديمقراطي.
ومن أبزر القرارات التي اتخذها المجلس العسكري الانتقالي الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأفراد القوات المسلحة والشرطة الذين جرى توقيفهم لمخالفتهم التعليمات والوقوف إلى جانب المعتصمين وحمايتهم، وإطلاق سراح ناشطَيْن حقوقيين كانا يواجهان حكم الإعدام.
كما قرر المجلس العسكري الحجز على دور حزب البشير " المؤتمر الوطني"، واعتقال شقيقي الرئيس المعزول "عبدالله والعباس" وعدد من رموز النظام الإخواني البائد، وسط أنباء متضاربة بنقل "البشير" نفسه إلى السجن القومي "كوبر".
وأقال المجلس العسكري، النائب العام عمر أحمد محمد ونائبه ووكيل أعلى النيابة واستبدلهم بآخرين، كما أعفى وكيل وزارة الخارجية نسبة لإصداره بيانا أعلن بموجبه عن ترتيبات لزيارة وفد قطري للبلاد دون علم المجلس.
وقرر المجلس العسكري وضع المليشيات المسلحة الموالية للرئيس المخلوع عمر البشير وهي "الدفاع الشعبي، والشرطة الشعبية" تحت سلطة قيادة الجيش والشرطة السودانية توطئة لدمجها في القوات النظامية.
وشملت قرارات المجلس العسكري إعادة هيكلة القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن والمخابرات السوداني الذي استقال رئيسه صلاح قوش وتم تعيين بديل له.
وعلى الصعيد الاقتصادي، جمد المجلس العسكري حسابات المؤسسات التي تم حلها، وأصدر مرسوما دستوريا بالكشف عن الحسابات بالنقد الأجنبي، ووقف نقل ملكية الشركات لتفادي تلاعب رموز النظام السابق.
وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ، إن "القرارات التي اتخذها المجلس العسكري تعد خطوات إيجابية وتعكس استجابة لمطالب رفعها الشعب السوداني؛ ما يستوجب دعم المجلس وتشجيعه على المضي إلى الأمام".
وقال الشيخ في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "رغم أن ما نفذه المجلس العسكري ليس كل مطالب المحتجين؛ فإنه ينبغي الوقوف إلى جانبه ومساندته لأنه يواجه ضغوطا وخطر الثورة المضادة من عناصر التنظيم الإخواني".
وأكد أن تشكيل الحكومة المدنية ليس محل خلاف بين المجلس الانتقالي العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات وأن ذلك سيتم في أقرب وقت.
قرارات إيجابية
واعتبر عضو لجنة تجمع المهنيين السودانيين للتفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي محمد ناجي الأصم، أن القرارات التي اتخذها المجلس العسكري منذ مجيئه تجد الترحيب من جانبهم ووصفها بالإيجابية.
وقال الأصم لـ"العين الإخبارية" إن الاعتصامات ستستمر إلى حين الاستجابة للمطالب المنصوص عليها في إعلان الحرية والتغيير، والتي يأتي في مقدمتها تشكيل مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود، ومجلس وزراء مدني ومجلس تشريعي.
كما شملت المطالب، بحسب الأصم، حل حزب البشير والمليشيات التابعة له، وإقالة رئيس القضاء، ووقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية لمناطق الصراع، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتي من بينها قانون جهاز الأمن الوطني وقانون النظام العام.
خطوات متقدمة لتجمع المهنيين
وفي خطوة تصعيدية، أعلن تجمع المهنيين السودانيين، في بيان، الجمعة، أنه سيعقد مؤتمر صحفيا، الأحد المقبل، لإعلان السلطة الانتقالية بأرض الاعتصام.
ودعا جماهير الشعب وجميع الأجهزة الإعلامية المحلية والإقليمية والعالمية، والبعثات الدبلوماسية للحضور وتغطية المؤتمر الصحفي الذي سيقام بأرض الاعتصام.
وقال إن المؤتمر الصحفي سيعلن عن الأسماء المختارة لتولي المجلس السيادي المدني الذي سيضطلع بالمهام السيادية في الدولة، كما سيعرض تفاصيل الجهود المتقدمة بشأن السلطات المدنية الأخرى والتي سيتوالى إعلان أسماء عضويتها تباعا.
وأشار البيان إلى أن الخطوة تتم بناءً على رؤية قوى إعلان الحرية والتغيير التي أعلنت عن 3 مستويات للسلطة المدنية الانتقالية، تعمل وفق الدستور الانتقالي الذي تمت صياغته من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير.
وقال إن "السلطة الانتقالية ستتكون من مجلس رئاسي مدني يضطلع بالمهام السيادية في الدولة، ومجلس وزراء مدني صغير من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالخبرة المهنية والنزاهة والاستقامة، يقوم بالمهام التنفيذية وتنفيذ البرنامج الإسعافي للفترة الانتقالية".
كما تشمل مجلسا تشريعيا مدنيا انتقاليا يقوم بالمهام التشريعية الانتقالية، تُمثل فيه النساء بنسبة لا تقل عن ٤٠%، ويضم في تكوينه كل قوى الثورة من الشباب والنساء ويراعى فيه التعدد الإثني والديني والثقافي السوداني.
وأفاد بأن هذه المؤسسات تضطلع بتنفيذ ما تواثقت عليه جماهير الشعب في إعلان الحرية والتغيير.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg
جزيرة ام اند امز