أزمة السودان.. الجيش يسعى لتحسين وضعه الميداني قبل المفاوضات
رفع الجيش السوداني وتيرة نشاطه الميداني، في محاولة على ما يبدو لتحسين شروط التفاوض مع قوات الدعم السريع.
وقالت مصادر عسكرية وشهود عيان، إن قوات الجيش تحاول التوغل في عمق مدينة أم درمان، وسط مقاومة عنيفة من قوات الدعم السريع.
وأشار شهود عيان إلى تصاعد ألسنة النار وأعمدة الدخان من مناطق في المدينة.
الجيش يبحث عن انتصار
وقال صديق الزين، وهو شاهد عيان في أم درمان، إن المعارك أدت إلى تدمير منازل، وموجة نزوح جديدة في صفوف المدنيين.
وأوضح الزين، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "القصف العشوائي فاقم معاناة المواطنين، ما أدى إلى انقطاع مستمر للكهرباء والمياه، وشح في الإمداد الدوائي".
وبينما يواصل الجيش الضغط على أم درمان قام طيرانه بقصف مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، ما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، بحسب مصادر عسكرية.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية" أن قوات الجيش السوداني تحاول استرداد مدينة ود مدني، التي هيمنت عليها قوات الدعم السريع في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بكل الوسائل، بما فيها القصف العشوائي.
وحسب شهود العيان، فإن القصف العشوائي للطيران الحربي دمّر منازل بشكل كلي أو جزئي وسط المدينة.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي يشتبك الجيش السوداني مع قوات الدعم السريع على خلفية خلافات بشأن البرنامج الزمني لضم الأخيرة إلى المؤسسة العسكرية ضمن خطة أشمل لمعالجة الوضع السياسي في البلاد.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بشأن المسؤولية عن اندلاع المعارك، وتقول قوات الدعم السريع إن قيادة الجيش خاضعة لتأثير عناصر إخوانية من فلول النظام السابق.
ونجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على مواقع عديدة خلال الأسابيع الماضية في عدة ولايات أبرزها الجزيرة.
حل سياسي مؤجل
وقبل أيام، وقّعت قوات الدعم السريع وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" بالسودان، إعلان "أديس أبابا"، للعمل على وقف الحرب في البلاد.
هذا التوقيع توج اجتماعات استمرت يومين بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، ويشمل الإعلان قضايا من بينها: "وقف الأعمال العدائية، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة"، بحسب بيان "تقدم".
وأشارت التنسيقية إلى أن "طرفي الإعلان عقدا العزم على إنهاء الحرب، وأن "قوات الدعم السريع أبدت استعدادها التام لوقف الأعمال العدائية بشكل فوري وغير مشروط عبر تفاوض مباشر مع الجيش".
وكبادرة حسنة النية، تعهدت قوات الدعم السريع بـ"إطلاق سراح 451 أسيرا، وفتح ممرات آمنة للمدنيين في مناطق سيطرتها"، بحسب الإعلان.
كما نص الإعلان على "تشكيل لجنة مشتركة لإنهاء الحرب وإحلال سلام مستدام، ولجنة وطنية مستقلة لرصد كل الانتهاكات في البلاد، وتحديد المسؤولين عن ارتكابها".
وأكد الإعلان أنه تم "الاتفاق على القيادة المدنية للعملية السياسية، مع الالتزام بمشاركة واسعة لكل الأطياف لا تستثني إلا المؤتمر الوطني (حزب الرئيس السابق عمر البشير) والحركة الإسلامية السياسية وواجهاتها"، في إشارة لكل روافد الإخوان الإرهابية.
ورأى خبراء أن الجيش في وضع ميداني صعب يخشى معه أن يذهب إلى طاولة المفاوضات، مؤكدين في الوقت نفسه أن الحسم لن يتحقق بالسلاح.
وأشار الخبراء أن جهود قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في وضع ميداني أفضل، ما دفعه إلى محاولة عرض وجهات نظره إقليميا.
وزار حميدتي العاصمة الرواندية كيغالي في إطار جولة خارجية، حيث التقى الرئيس بول كاغامي لشرح آخر التطورات التي يشهدها السودان في ظل الحرب المستمرة.
الدبلوماسية.. جبهة صراع جديدة
وخلال الأيام الماضية، أجرى قائد الدعم السريع جولات خارجية، شملت؛ أوغندا، وإثيوبيا، وجيبوتي، وكينيا، وجنوب أفريقيا، من أجل شرح رؤيته بشأن الحرب وتحقيق السلام في السودان.
وعلى خلفية زيارات قائد قوات الدعم السريع الخارجية، أعلنت وزارة الخارجية السودانية، استدعاء سفيرها لدى كينيا كمال جبارة للتشاور، احتجاجا على الاستقبال الرسمي الذي نظمته الحكومة الكينية لقائد قوات الدعم السريع الأربعاء الماضي.
وقال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، في تصريحات لوكالة أنباء السودان الرسمية، (ليل الخميس)، إن السودان استدعى سفيره للتشاور، احتجاجا على الاستقبال الرسمي الذي نظمته الحكومة الكينية لقائد قوات الدعم السريع.
وأوضح أن التشاور مع السفير سيغطي كل الاحتمالات في علاقات السودان مع كينيا.
وسبق أن حذر قائد الجيش عبدالفتاح البرهان من التعامل مع قائد قوات الدعم السريع الذي يحارب الجيش السوداني، باعتباره قياديا في الدولة السودانية، وأوضح أن بلاده سوف تتخذ الإجراءات المناسبة للرد على مثل هذا الاستقبال.