لماذا يخشى قادة جيش السودان من "اتفاق نووي" مع إيران؟

استضافت العاصمة الإيطالية، روما، مفاوضات أمريكية إيرانية حول برنامج طهران النووي. ويراقب قادة الجيش السوداني ما يجري بالمدينة الأوروبية بقلق بالغ.
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر مقرّبة من قيادات في الجيش السوداني أن القيادة العليا تتابع بقلق كبير ما يخرج من تصريحات مسؤولين أمريكيين وإيرانيين حول تقدم المفاوضات.
وكان وزير خارجية إيران عباس عراقجي، أكّد أمس الأحد أنه إذا استمرت الواقعية وحسن النية في المحادثات غير المباشرة مع أمريكا، فمن الممكن "تحقيق نتائج إيجابية"، وفق ما نقلته وكالة مهر الإيرانية للأنباء.
لكن لماذا يثير هذا الأمر قلق الخرطوم؟
يواصل قادة الجيش السوداني تمسكهم باستمرار القتال ضد قوات الدعم السريع، مع استبعاد اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية واعتماد الحوار كطريق لإنهاء الصراع الدائر منذ عام 2023.
ويعتمد قادة الجيش السوداني، بحسب مصادر "العين الإخبارية"، على المسيّرات الإيرانية للتفوق على قوات الدعم السريع.
وتمكّن الجيش السوداني مؤخراً، بفضل المسيّرات الانتحارية، من تحقيق السيطرة على مناطق واسعة في العاصمة، بما فيها مواقع سيادية.
ورغم الانتقادات الدولية لاستخدام المسيّرات الانتحارية دون ضوابط لحماية المدنيين، يسوّق الجيش السوداني لاستعادة مناطق بالعاصمة كانتصار استراتيجي.
وبحسب المصادر، يخشى قادة الجيش من أن أي تقدم على طريق مفاوضات طهران-واشنطن ربما ينعكس سلباً على قدرات الجيش إذا ما قررت إيران وقف إمداد السودان بالمسيّرات.
هل هذا ممكن؟
اختتمت في روما (السبت)، الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، باتفاق على تفعيل المسار الفني عبر اجتماعات خبراء، على أن تتواصل المحادثات في جولة ثالثة بالعاصمة العُمانية مسقط.
وفي اجتماعهما غير المباشر الثاني في غضون أسبوع، أجرى عراقجي مفاوضات لمدة أربع ساعات تقريباً في روما مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، من خلال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي.
وقالت الخارجية العُمانية في بيان إن الطرفين وافقا "على الانتقال إلى المرحلة التالية من المحادثات التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق عادل ودائم وملزم".
وأشار البيان إلى أن الاتفاق المحتمل يضمن أن "تكون إيران خالية تماماً من الأسلحة النووية والعقوبات"، فضلاً عن "الحفاظ على قدرتها في تطوير الطاقة النووية السلمية".
وأضاف أنه "قد تم التأكيد على أن الحوار والتواصل الواضح هما السبيل لتحقيق اتفاق وفهم متبادل موثوق به يصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية على الصعيدين الإقليمي والدولي".
ويدرك قادة الجيش السوداني أن التوصل لتسوية بين إيران وأمريكا يعني ضمنًا ابتعاد طهران عن الانخراط في الصراعات الإقليمية، خاصة وأن واشنطن رعت جولات وساطة لإنهاء الحرب في السودان.
لا يمكن إخفاء الأمر
وقالت المصادر المقرّبة من دوائر صنع القرار بالجيش السوداني لـ"العين الإخبارية" إن القيادات تدرك بأن أمر الشحنات التي تلقتها العام المنصرم، من طائرة "مهاجر 6" المسيّرة، ذات المحرك الواحد، بات أمراً مكشوفاً بالنسبة للولايات المتحدة، وأن ذات النوع من المسيّرة، كانت الولايات المتحدة قد اتهمت إيران بتزويدها لروسيا خلال الحرب مع أوكرانيا.
وكان سكوت بَسِنت، وزير الخزانة الأمريكي، قد صرّح في وقت سابق بأن طهران "لا تزال تركز على استخدام عائدات النفط الإيراني لتمويل برنامجها النووي، وإنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة القاتلة، ودعم وكلائها الإرهابيين في المنطقة"، مؤكداً أن بلاده "ملتزمة باستهداف أي محاولات من قبل إيران لتمويل هذه الأنشطة العدائية".
وفي فبراير/شباط من العام الماضي، نقلت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير لها عن مسؤولين غربيين أن إيران زوّدت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع "مهاجر 6"، مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، وذكرت أن "أقماراً صناعية التقطت صوراً لطائرة دون طيار مسيّرة إيرانية في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، وهي خاضعة لسيطرة الجيش".
وكان السفير الأمريكي السابق لدى السودان جون جودفري، قال لصحفيين قبل وقت قصير من انتهاء مهمته في السودان، في مارس/آذار 2024، إن "التقارير عن الدعم الإيراني للجيش السوداني بالسلاح "مزعجة للغاية ومصدر قلق كبير لنا".
ويرى مراقبون أن التوقيت الذي تم فيه استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران، بعد توقف دام لمدة سبع سنوات، أثار الشكوك - لدى كثير من الدوائر الغربية - في نوايا حكومة الجيش السوداني في بورتسودان.
وجاء إعلان استئناف العلاقات بين الخرطوم وطهران بعد اندلاع الحرب بستة أشهر، أي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما يعني - بحسب المراقبين - أن قيادة الجيش قررت فتح خطوط التعاون العسكري مع إيران، لأجل الحصول على السلاح.
وقال مصدر دبلوماسي - فضّل حجب اسمه - لـ"العين الإخبارية"، إن طهران تستغل حاجة الجيش السوداني للسلاح، مقابل أن تبسط نفوذها على ساحل البحر الأحمر المشاطئ لمنطقة القرن الأفريقي، بغية التمكن من إدارة أنشطتها المرتبطة بتزويد "الحوثيين" في اليمن بالسلاح.
aXA6IDE4LjIxNi4xMjkuMzcg جزيرة ام اند امز