مهمتها «قمع الخصوم».. تقرير أممي يفضح «خلية» الجيش السوداني

في السودان، لا تُشن الحرب بالمدافع وحدها، بل بخلايا أمنية تعمل بصمت وبطش، لقمع خصوم الجيش.
خلية مكونة من الشرطة والمخابرات العامة وبعض المدنيين الذين أطلق عليهم مصطلح "المستنفرين".. هذا ما كشف عنه التقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، صدر الشهر الجاري عن حالة حقوق الإنسان في السودان.
وجاء في التقرير الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان رصدت طوال الفترة المشمولة بالتقرير نمطا من عمليات التوقيف والاحتجاز التعسفيين للمدنيين على أيدي قوات الأمن المشتركة".
والقوات المشتركة أشار لها التقرير باسم "الخلية"، موضحا أنها تتكون من "قوات الشرطة السودانية، وجهاز المخابرات العامة، والمخابرات العسكرية، مصحوبة، في بعض الحالات، بالمستنفرين".
وقال إن "عمليات التوقيف تستهدف غالبا النشطاء المرتبطين بقوى الحرية والتغيير، ولجان المقاومة، وغرف الطوارئ وتنسيقية تقدم".
ووفق التقرير، تُنفّذ هذه العمليات في الغالب "دون مراعاة الأصول القانونية، ويصاحبها تفتيش للمتعلقات الشخصية".
كما أن عمليات التوقيف هذه "غالبا ما تُجرى بطريقة تنطوي على الإذلال والترهيب. وأن بعضها وقع من خلال إساءة استخدام سلطات الطوارئ في الولايات التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية".
وذكر التقرير الأممي أنه في يونيو/حزيران العام الماضي، أوقفت القوات المسلحة السودانية والأجهزة الأمنية التابعة لها في ولايات الجزيرة والقضارف والخرطوم ونهر النيل وسنار والنيل الأبيض "ما لا يقل عن محاميين اثنين، و3 قادة سياسيين، و7 من أعضاء لجان المقاومة، و10 من المتطوعين في المجال الإنساني".
وفي حين جرى إطلاق سراح بعضهم بعد بضعة أيام من الاحتجاز، يُعتقد أن بعضهم لا يزال محتجزا.
اتهامات على المقاس
وتلقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تقارير تفيد بأن قوات الجيش "واصلت احتجاز أشخاص تعسفا بسبب دعمهم المتصور لقوات الدعم السريع أو على أساس انتمائهم القبلي أو أصولهم القبلية".
وفي ولاية شمال دارفور، تلقت المفوضية تقارير في يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، تفيد باحتجاز القوة المشتركة التابعة للجيش مئات الأشخاص، بمن فيهم مدنيون، "في ظروف لا إنسانية".
وفي الفترة من 26 إلى 29 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أوقفت قوات الجيش وكتيبة "البراء بن مالك" نحو 200 رجل في مدينة الدندر في ولاية سنار بعد أن سيطرت على المدينة، واتهمتهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع.
وينتمي معظم الموقوفين إلى قبائل الفلاتة ورفاعة والرزيقات، بحسب التقرير.
من هم "المستنفرون"؟
يُذكر أنه في 25 مايو/أيار 2024، اعتمد المجلس السيادي الانتقالي، لائحة "الاستنفار والمقاومة"، التي أُنشئت بموجبها لجنة لهذا الأمر.
وتتألف اللجنة من ممثلين عن أجهزة الدولة، منهم ضباط القوات المسلحة المتقاعدون.
وبموجب اللائحة، أُنشئت أيضا لجان فرعية على مستوى الأقاليم والولايات والمحليات والوحدات الإدارية، لتخطيط التعبئة العامة وتنفيذ وتنظيم المقاومة الشعبية وتسليح من تمت تعبئتهم.
انتقاد لطرفي الصراع
ولم يخل التقرير الأممي من انتقادات أيضا لقوات "الدعم السريع"، مشيرا إلى أن طرفي الصراع "واصلا شن هجمات على مناطق مكتظة بالسكان، دون إنذار مسبق في كثير من الأحيان، واستخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، لا سيما في ولاية الخرطوم وإقليم دارفور وبعض مناطق إقليم كردفان".
ووثقت المفوضية السامية سلسلة من "الانتهاكات" التي قيل إن قوات "الدعم السريع" والجماعات المتحالفة معها ارتكبتها، بينها حالات "اغتصاب جماعي" واستهداف مدارس ومستشفيات ومدنيين.
والأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم في دارفور، واتهمت الجيش باستخدامه كـ"ثكنة عسكرية"، و”المدنيين كدروع بشرية".