أثار مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية جدلا واسعا بعد أن تضمن اتهامات غير موثقة لدولة الإمارات العربية المتحدة بشأن دورها في الأزمة السودانية، استنادا إلى تقرير "مسرب" وُصف بأنه يحتوي على استنتاجات ضعيفة وأدلة غير كافية.
وجاء المقال تحت عنوان: "تقرير أممي مسرّب يثير مخاوف جديدة بشأن دور دولة الإمارات في حرب السودان"، وهو من إعداد الصحفي البريطاني مارك تاونسند، الذي عرّفته الصحيفة بأنه متخصص في شؤون التنمية العالمية وكاتب سابق في "الأوبزرفر".
لكن خلف العنوان المثير، تبرز تساؤلات عدة حول دقة المعلومات، وحيادية الكاتب، ومصداقية المصادر التي استند إليها التقرير، إذ تجاهل المقال الإشارة إلى تحذير صريح من لجنة الخبراء الأممية التي أعدت التقرير ذاته، حيث أكدت بوضوح وجود "ضعف في الأدلة"، ووصفت استنتاجاتها بـ"التخمينية"، وهو ما لم يُذكر في المقال.
وتبين لاحقا أن الاقتباسات المستخدمة من التقرير كانت مجتزأة من سياقها، حيث تم تسليط الضوء على عبارات منتقاة دون إيراد الإطار التحليلي الكامل الذي ورد فيه النص الأصلي، بما في ذلك فقرات تؤكد تحفظ اللجنة على النتائج وتوصي بعدم اعتبار ما ورد حقائق قاطعة.
ويثير أسلوب الطرح في المقال تساؤلات حول مدى الالتزام بالمعايير التحريرية الرصينة، لا سيما في ظل تغييب سياق النص الأممي، وتجاهل التحذيرات الواردة فيه، وتسليط الضوء على اتهامات دون أدلة قاطعة.
إلى ذلك، أُثيرت شكوك إضافية بشأن كاتب المقال، مارك تاونسند، الذي واجه في وقت سابق عريضة عامة تطالب بفصله من العمل في "الغارديان" و"الأوبزرفر"، تحت عنوان: “Remove Mark Townsend of The Guardian and The Observer for gross misconduct”.
واتهمه الموقعون على العريضة بـ"سوء السلوك الجسيم"، و"التشهير"، و"الابتزاز"، واصفين إياه بأنه "ناشط سياسي" وليس صحفيًا موضوعيًا، في اتهامات أثارت جدلًا في الأوساط الصحفية البريطانية.
وتأتي هذه الحادثة لتعيد فتح النقاش حول المعايير المهنية المتبعة في وسائل الإعلام الغربية عند تناول الملفات المتعلقة بالمنطقة العربية، خاصة عندما تُبنى بعض التقارير على مصادر فردية أو معلومات غير محققة، كما حدث سابقا مع مقال لتاونسند حول الحرب في سوريا، استند فيه إلى تغريدة منفردة على منصة "X".
وكان مراقبون قد دعوا إلى ضرورة تحري الدقة والحيادية عند التعامل مع التقارير الدولية، خاصة تلك التي تخص أزمات إقليمية معقدة كالوضع في السودان، مؤكدين أن تغطيات مثل هذه قد تؤدي إلى تشويه الحقائق وتعزيز صور نمطية غير صحيحة، في حال غابت عنها الموضوعية.