تضليل «الغارديان».. تفنيد المزاعم الزائفة حول دور الإمارات في السودان

أثار تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، جدلاً واسعًا بسبب ما تضمنه من معلومات غير دقيقة وتصريحات مضللة بشأن دور دولة الإمارات في السودان، مدّعيًا استنادها إلى نتائج عمل فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني بالسودان.
وجاء المقال بعنوان «تقرير أممي مُسرّب يُثير مخاوف جديدة بشأن دور دولة الإمارات في حرب السودان»، واحتوى على عدد من المزاعم التي تفتقر للدقة والموضوعية، خاصة فيما يتعلق بمحتوى تقرير فريق الخبراء الأممي.
- الإمارات في «العدل الدولية».. شمس الحقيقة تبدد ادعاءات جيش السودان
- البرهان بلا برهان.. وسم «الإمارات مع السودان» يسقط «الأكاذيب»
وفقًا لمراجعة دقيقة لمحتوى المقال، تبين أن «الغارديان» نسبت ما لا يقل عن ست مزاعم غير دقيقة لفريق الخبراء، مدعية أن هذه النتائج تبناها الفريق أو غالبية أعضائه. إلا أن الحقيقة أن هذه النتائج تم تحريرها من قبل خبير واحد فقط، في حين أوضح الخبراء الأربعة الآخرون مرارًا أن هذه الاستنتاجات لا تستوفي المعايير الأدبية والأدلة التي يلتزم بها الفريق وفقًا للقواعد المعتمدة في تقرير الفريق العامل غير الرسمي لمجلس الأمن بشأن العقوبات (S/2006/997).
اقتباسات مبتورة وتضليل متعمد
ابتدأ المقال بالإشارة إلى اقتباسين من التحديث الفصلي الثاني للجنة الخبراء، تم اختيارهما بشكل مجتزأ ومضلل. حيث تم اقتباس الجزء الأوسط من جملة واحدة، بما يوحي زورًا بأن استنتاجًا بشأن نمط الرحلات الجوية قد توافقت عليه اللجنة بأكملها، في حين أن هذا المقطع كان في الأصل جزءًا من إخلاء مسؤولية صريح صادر عن أربعة من الخبراء، يحذرون فيه من ضعف الأدلة وطبيعة الاستنتاج التخمني.
وتُبيّن الفقرة الثانية من قرار مجلس الأمن رقم 2725 (2024) أن الغرض من هذه التحديثات الفصلية هو تزويد لجنة العقوبات بمعلومات مرحلية خلال فترة عمل الفريق، وليس تقديم نتائج نهائية. وبالتالي، فإن ما ورد في التحديث الفصلي الثاني لا يعكس الموقف النهائي لفريق الخبراء، ولا ينبغي استخدامه كأساس لاتهامات جديدة.
كما تكرر استخدام ستة تصريحات أخرى غير صحيحة في المقال، تفيد أن نتائج التقرير صادرة عن الفريق بأكمله أو عدة خبراء، في حين الواقع أن هذه البيانات كتبها وحررها خبير واحد، وسط تحذيرات متكررة من باقي الفريق بعدم مطابقتها لمعايير الإثبات المعتمدة.
ومن بين الادعاءات المضللة التي ساقها التقرير، ما ورد بشأن قيام الطائرات بـ"محاولات متعمدة لتجنب الكشف"، وهو استنتاج أغفل تمامًا الإشارة إلى أن التحديث الفصلي الثاني يتضمن بالفعل تفسيرًا بريئًا لاحتمالية عدم رصد هذه الرحلات.
وما ورد في عنوان التقرير من أن التحديث "يثير مخاوف جديدة" بشأن دور الإمارات، هو أيضًا إيحاء مضلل، نظرًا إلى أن هذه النتائج قديمة وقد تم تجاوزها لاحقًا بالتقرير النهائي لفريق الخبراء.
الخلط بين التفسير والتقرير الرسمي
ادعى التقرير أن لجنة مكوّنة من خمسة خبراء أمميين وثّقت نمطًا منتظمًا لرحلات طائرات شحن من طراز إليوشن Il-76TD من الإمارات إلى تشاد، وحددت من هناك ثلاثة طرق برية محتملة لنقل الأسلحة إلى السودان.
ولكن النص الذي استند إليه المقال موجود في الهامش رقم 63 من الصفحة الثامنة في التحديث الفصلي الثاني، وهو ليس بيانًا رسميًا من اللجنة، بل إخلاء مسؤولية واضح من قبل أربعة من الخبراء الذين حذروا فيه من الاستنتاجات التخمينية المرتبطة بما سُمّي "الجسر الجوي الإقليمي الجديد".
ويُظهر الاقتباس الذي اختارته "الغارديان" تجاهلًا متعمدًا لعبارات أساسية وردت مباشرة بعد الجزء المُقتبس، التي تؤكد أن "التحقيق افتقر إلى أي تفاصيل"، فضلًا عن حذفه للجمل السابقة التي توضح أن السياق كان جملة تابعة لا تقر باستنتاج مستقل.
تبني نتائج فردية على أنها جماعية
وكرر المقال استخدام اقتباسات وجزء من نتائج التقرير على أنها صادرة عن الفريق ككل، رغم أن النصوص المعنية -وبحسب القسم الأول من الصفحة الأولى في التحديث الفصلي الثاني- تم تحريرها بواسطة خبير الأسلحة فقط، بعد مناقشات بين أعضاء الفريق.
كما أوضح القسم نفسه أن أربعة من الخبراء الخمسة لا يوافقون على النتائج الواردة في عدة أقسام فرعية، لعدم استيفائها معايير الإثبات المنصوص عليها في الفقرتين 22 و23 من تقرير الفريق العامل غير الرسمي لمجلس الأمن.
وجاء في الهامش 36 في القسم 3 المتعلق بالأسلحة، تأكيد واضح على أن هذا القسم "تم تقديمه من قبل الفريق كما صاغه وحرره خبير الأسلحة"، وذلك بعد مشاورات بين الأعضاء، في إشارة لا لبس فيها إلى عدم موافقة بقية الفريق عليه.
كما أعرب أربعة من أعضاء الفريق، في مواضع متعددة، عن قلقهم من أن أي تصور بمعايير أدنى من المعايير المعتمدة في تقييم الأدلة قد يسيء إلى مصداقية تقارير الفريق بأكملها.
مغالطات متكررة
أشار مقال "الغارديان" مرارًا، وبشكل خاطئ، إلى أن فقرات معينة من التقرير كتبها الفريق بأكمله. فعلى سبيل المثال، ادّعى أن التقرير وثّق نمط رحلات طائرات إليوشن بين الإمارات وتشاد وتحديد طرق برية محتملة إلى السودان، وهو استنتاج غير دقيق، كون القسم 3 (الذي يتضمن تحديد هذه الطرق)، إلى جانب القسمين 4 و5، قد كتبها وحررها خبير واحد فقط.
كما ذكر المقال أن الفريق لاحظ تزامن هذه الرحلات مع تصعيد القتال في مدينة الفاشر، لا سيما زيادة استخدام الطائرات المسيّرة من قِبل قوات الدعم السريع لأغراض قتالية واستخباراتية، مدعيًا أن هذا يُمثل "مرحلة تكنولوجية جديدة" في إدارة العمليات العدائية. لكن هذا الجزء أيضًا غير دقيق، إذ إنه مستند إلى نصوص من القسمين 3 و4 من التقرير، وكلاهما تم تحريره من قبل خبير واحد.
نتائج قديمة محتها تقارير رسمية
أما عن عنوان التقرير، الذي يشير إلى أن التحديث الفصلي الثاني "يثير مخاوف جديدة بشأن دور الإمارات"، فهو وصف غير دقيق ومضلل، حيث إن هذا التحديث قد صدر منذ نحو خمسة أشهر، ولم يعد يمثل المستند الرسمي المعتمد، بعدما تم إصدار التقرير النهائي لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، الذي أحيل لاحقًا إلى لجنة العقوبات وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس الأمن الدولي.
aXA6IDMuMTQyLjIxMi4yNDUg جزيرة ام اند امز