ذكرى حرب السودان.. مؤتمر دولي بلندن والإمارات تطلق نداء عاجلا للسلام

يسعى دبلوماسيون غربيون ومسؤولو إغاثة في لندن، إلى إيجاد سبيل لإنهاء العنف والمعاناة التي يشهدها السودان. وفي الأثناء تطلق دولة الإمارات العربية المتحدة نداء عاجلا للسلام.
جهود دبلوماسية تحتضنها العاصمة البريطانية لندن، اليوم الثلاثاء، حيث يجتمع مسؤولون كبار، بهدف رسم مسار للسلام في السودان في الذكرى الثانية للحرب التي اندلعت في الـ15 من أبريل/نيسان 2023.
وفي مثل هذا اليوم، اندلعت مواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في صراع مرير على السلطة بين الجنرالات المتنافسين، مما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمات الجوع والنزوح في العالم.
تستضيف ألمانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي المكون من 55 دولة، المؤتمرَ بالمشاركة مع الحكومة البريطانية في لندن، بحسب فرانس برس.
ومن المقرر أن يحضر الاجتماع وزراء من نحو 14 دولة أخرى، وفقا لوزارة الخارجية البريطانية، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة، ولكن بغياب أي ممثل عن السودان.
المحنة في أرقام
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي من المتوقع أن يستضيف نظراءه وممثلين رفيعي المستوى: "سيجمع هذا المؤتمر المجتمع الدولي للاتفاق على مسار لإنهاء المعاناة".
وأضاف: "يجب ألا ينتشر عدم الاستقرار - فهو يدفع الهجرة من السودان والمنطقة ككل، ووجود سودان آمن ومستقر أمر حيوي لأمننا القومي".
وقد هُجّر أكثر من 13 مليون شخص وقُتل أكثر من 18 ألفا، واتهمت الولايات المتحدة كلا الجانبين بارتكاب فظائع.
وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، إن الحرب "حطمت حياة ملايين الأطفال في جميع أنحاء السودان".
وقدّرت اليونيسف أن 2776 طفلا قُتلوا أو شُوهوا في عامي 2023 و2024 - بزيادة عن 150 حالة مُتحققة في عام 2022، ومن المرجح أن يكون هذا العدد أقل من الواقع.
وأعلن تقييم مدعوم من الأمم المتحدة أن المجاعة تهدد الآن أجزاء من البلاد.
ووفق وزارة الخارجية البريطانية فإن أكثر من 30 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدة، وإن 12 مليون امرأة وفتاة مُعرّضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتعهد لامي، أثناء كشفه عن 120 مليون جنيه إسترليني (158 مليون دولار) كمساعدات جديدة للبلاد، قائلا: "لن تدع المملكة المتحدة السودان يُنسى".
وتابع "لقد دمرت الحرب الوحشية في السودان حياة الملايين، ومع ذلك لا يزال معظم العالم يُغمض عينيه".
"كابوس لا يهدأ"
واحتجت الحكومة السودانية على عدم دعوتها للمشاركة في مؤتمر لندن.
وأرسل وزير خارجيتها علي يوسف رسالة في وقت سابق من هذا الشهر إلى لامي "احتج فيها على تنظيم بلاده مؤتمرا حول السودان دون دعوة الحكومة السودانية".
واتهم يوسف بريطانيا بوضع قوات "الدعم السريع" على قدم المساواة مع الدولة السودانية.
لكن وزارة الخارجية الألمانية قالت إن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع "غير مستعدين للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
ووصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الصراع الدائر بأنه "أكبر كارثة إنسانية في عصرنا"، مضيفة أن برلين ستقدم 125 مليون يورو (142 مليون دولار) كمساعدات إنسانية.
وقال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن عامين من "الحرب المدمرة" في السودان تركا المدنيين "عالقين في كابوسٍ لا يهدأ من الموت والدمار".
وتتمركز قوات الدعم السريع في دارفور، وتسيطر على جزء كبير من أراضيها، بالإضافة إلى أجزاء من جنوب السودان.
بينما استعاد الجيش العاصمة الخرطوم الشهر الماضي، ويسيطر على شرق وشمال البلاد.
نداء سلام من الإمارات
وبمناسبة الذكرى الثانية للحرب في السودان، وتزامنا مع مؤتمر لندن، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة، نداء عاجلا من أجل السلام.
وقالت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، في بيان، إنه "مع دخول الحرب المدمرة في السودان عامها الثالث، تُصدر دولة الإمارات العربية المتحدة نداء عاجلا من أجل السلام".
وأضافت أن "الكارثة الإنسانية التي تتكشف في السودان تُعد من بين أشد الكوارث في العالم"، مشيرة إلى أن "أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة عاجلة، وتنتشر المجاعة، ويُمنع وصول المساعدات عمدا".
وأشارت نسيبة إلى أن "الفظائع لا تزال تُرتكب من قبل كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع".
ولفتت إلى أن "هجمات القوات المسلحة السودانية المستمرة، والتي اتسمت بأساليب التجويع، والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان، والأعمال الانتقامية ضد المدنيين، بمن فيهم العاملون في غرف الطوارئ، تسببت في معاناة لا يمكن تصورها لسكان مدنيين على وشك الانهيار بالفعل".
وفي هذا الصدد، شددت مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، على أن "الإمارات تدين هذه الفظائع بشكل قاطع وتدعو إلى المساءلة، كما تدين بشدة الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، بما في ذلك الهجمات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك بالقرب من الفاشر، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات".
ودعا البيان جميع أطراف النزاع إلى وقف الاستهداف المتعمد للعاملين في المجال الإنساني والقصف العشوائي للمدارس والأسواق والمستشفيات.
كما دعا إلى اتخاذ إجراءات فورية على ثلاث جبهات تتمثل في:
أولا: وقف إطلاق النار والعملية السياسية
في هذا الصدد، حثت دولة الإمارات العربية المتحدة كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، والجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.
وأكدت أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري، بل حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني.
ثانيا: وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق
في هذا السياق، شددت دولة الإمارات على أن عرقلة المساعدات أمر غير مقبول، واستخدام المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية كسلاح هو عمل مدان.
وحثت طرفي الصراع على السماح بوصول فوري وآمن وعاجل للمنظمات الإنسانية للوصول إلى المحتاجين بشدة في جميع أنحاء السودان.
كما دعت الأمم المتحدة إلى منع الأطراف المتحاربة من استخدام المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية. فحياة ملايين المدنيين تعتمد عليها.
ثالثا: الضغط الدولي
وفي هذه الجبهة، طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة، المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل لتسهيل العملية السياسية، وزيادة المساعدات الإنسانية، وممارسة ضغط منسق على جميع الجهات الفاعلة التي تغذي الصراع.
كما دعت إلى الانتقال إلى حكومة مستقلة بقيادة مدنية - وهو الشكل الوحيد للقيادة الذي يمكن أن يمثل شعب السودان بشكل شرعي ويضع الأساس لسلام دائم. لا يمكن للعالم أن يسمح للسودان بالانزلاق أكثر إلى الفوضى والتطرف والتشرذم
ونوّه البيان بأنه منذ اندلاع النزاع، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من 600 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية للسودان والدول المجاورة، بما في ذلك من خلال وكالات الأمم المتحدة، بحيادية، وبناءً على الحاجة، ودون تمييز.