تتجسد مأساة قطاع غزة في قصة أسرة سليم عصفور، النازحة إلى جنوب القطاع، والتي لم يتبق من طعامها سوى حفنات من الملح والدقيق.
هناك، في أحد أطراف خان يونس، جنوبي غزة، يعيش سليم عصفور (85 عاما) وقد صار جسده، تجسيدا لما يعانيه سكان القطاع.
جلده الملتصق بعظامه، صوته الخافت، ونظراته الزائغة من فرط الجوع، تحكي قصة مدينة غزة، التي يعيش سكانها على الفتات، في ظل أوضاع إنسانية تقترب من المجاعة.
تقول الزوجة نسرين عصفور لـ"العين الإخبارية" إن ابنها دفع حياته ثمنا للحصول على النزر اليسير من المساعدات.
وبين حزنها على نجلها الراحل وخوفها على من تبقى من أبنائها وزوجها، تكابد السيدة نسرين الجوع والمرض يوميا.
سليم ليس حالة فردية. بل هو وجه من وجوه المجاعة التي تخنق غزة منذ مارس/أذار الماضي.
آلاف الفلسطينيين يعانون مثل عصفور، في ظل حصار فرضته إسرائيل. منذ نزوحه من بلدة عبسان الشرقية بعد إنذار بالإخلاء من القوات الإسرائيلية، يعيش عصفور على ما تجود به الخيام من ظلال، وما تجود به الأيادي من فتات.
في أيامه الأخيرة قبل النزوح، كان المؤذن العجوز لا يزال يرفع الأذان خمس مرات يومياً من مئذنة مسجد في شرق خان يونس.
اليوم، لم يعد قادراً على الوقوف أو الجلوس. وزنه تراجع إلى أقل من 40 كيلوغراماً، بعد أن كان يزن 75. حتى الأذان، صوته الذي طالما شقّ السماء، بات مجرد ذكرى.
وزارة الصحة في غزة أعلنت اليوم الثلاثاء أن عدد من قضوا بسبب المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 188 شخصاً، بينهم 94 طفلاً.